"1000 قائد محلي" ترفع سن المتدربين ل45 عاما    رئيس الوزراء: مصر واحة الأمن والاستقرار في المنطقة    المفتي: الاستفادة من التطور العلمي في رصد الأهلَّة يحقق الدِّقة واليقين    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور للكتاب في نسخته السابعة | صور    الحوار الوطني.. ساحة مفتوحة لمناقشة قضايا الدعم النقدي واستيعاب كل المدارس الفكرية    زراعة القناة السويس تعقد لقاء تعريفيا للطلاب الجدد(صور)    السياحة والآثار تستضيف وفدا من وكلاء السفر التركية في رحلة تعريفية    مدبولي: عقيدة مصر الدائمة الدفاع عن مصالحها وليس لنا أطماع خارجية    وزير التعليم العالي يناقش فتح فرعا لجامعة أبردين البريطانية في مصر    بنك مصر وأمازون لخدمات الدفع الإلكتروني يعقدان شراكة استراتيجية مع مصر للطيران    محافظ الغربية يناقش الموقف التنفيذي لمشروعات صندوق التنمية الحضرية    قصف إسرائيل| خامنئي: مقتل نصر الله ليس حادثة صغيرة    حقوقيون خلال ندوة بالأمم المتحدة: استمرار العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان يقوض السلم والأمن الدوليين    محامي فتوح يكشف تقديم اللاعب لواجب العزاء لأسرة أحمد الشبكي    عاد من الاعتزال.. برشلونة يتعاقد مع تشيزني    بروتوكول تعاون بين الاتحادين المصري والتونسي لكرة اليد    عبد الواحد: فوز الزمالك بالسوبر المصري سيتحقق بشرط.. وجوميز رفض بعض الصفقات    محامي فتوح ل في الجول: أسرة المتوفي وعدته بالعفو عنه    قرار قضائي جديد ضد المتهمين في واقعة «سحر مؤمن زكريا»    200 مليون جنيه لحل أزمة زيزو.. وجوميز يرفض مصطفى أشرف    وزير المجالس النيابية: نجاح مجلس الشيوخ في تطوير أدواته أمر يستحق الإشادة    مزارع يقتل شقيقه بمساعدة نجليه لخلاف على الميراث    بالأسماء.. إصابة 11 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بتريلا في كفر الشيخ    ضبط أب ونجليه بتهمة قتل شقيقه في الشرقية.. ما القصة؟    محامي المتهمين واقعة مؤمن زكريا ل الشروق: النيابة تحقق مع نجل التُربي والمتهمين أكدوا بحدوث الواقعة    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة ونهى عن الفساد    جولة بحرية بقناة السويس للفِرق المشاركة بمهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يبدأ استقبال أعمال دورته التاسعة    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور للكتاب في نسخته السابعة    «تفتكروا مين دول؟» .. إسعاد يونس تشوّق الجمهور لضيوف أحدث حلقات «صاحبة السعادة»    وزير الثقافة يلتقي أعضاء نقابة الفنانين التشكيليين (صور)    فتح باب التقدم لجوائز الدولة للتفوق فى فروع الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية    عالم أزهري: 4 أمور تحصنك من «الشيطان والسحر»    وما النصر إلا من عند الله.. الأوقاف تحدد خطة الجمعة المقبلة    تشغيل أكبر مستشفى لتقديم الرعاية الصحية للأطفال على مستوى الجمهورية بجامعة سوهاج    مركز السموم بطب بنها يستقبل 310 حالات تسمم خلال شهر    قافلة طبية في قرية الشيخ حسن بالمنيا ضمن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    جمال شعبان: نصف مليون طفل مدخن في مصر أعمارهم أقل من 15 عامًا    فرنسا تدين بشدة الغارات الإسرائيلية الجديدة في قطاع غزة    الرئيس الصينى لبوتين: مستعدون لمواصلة التعاون العملى الشامل مع روسيا    منح الرخصة الذهبية للشركة المصرية للأملاح والمعادن بالفيوم «أميسال»    رحيل لاعب جديد عن الأهلي بسبب مارسيل كولر    الكيلو ب185 جنيها.. منفذ "حياة كريمة" يوفر اللحوم بأسعار مخفضة بالمرج.. صور    الجمعة المقبل غرة شهر ربيع الآخر فلكياً لسنة 1446 هجريا    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة    النيابة تطلب تحريات مصرع عامل تكييف سقط من الطابق الثالث في الإسكندرية    الجيش الأردنى يحبط محاولة تسلل وتهريب كميات من المواد المخدرة قادمة من سوريا    بالصور.. 3600 سائح في جولة بشوارع بورسعيد    «بونبوناية السينما المصرية».. ناقد: مديحة سالم تركت الجامعة من أجل الفن    وزير الداخلية يصدر قرارًا برد الجنسية المصرية ل24 شخصًا    "أبوالريش" تستضيف مؤتمرًا دوليًا لعلاج اضطرابات كهرباء قلب الأطفال    وزير الري يلتقى السفيرة الأمريكية بالقاهرة لبحث سُبل تعزيز التعاون في مجال الموارد المائية    تنسيق 2024.. رابط نتيجة معادلة دبلوم التجارة بالمجلس الأعلى للجامعات    «الداخلية»: ضبط 16 متهمًا خلال حملات أمنية على حائزي المخدرات في 9 محافظات    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    إيران تدعو مجلس الأمن لاتخاذ خطوات فورية ضد تهديدات إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تحتاج إسرائيل أن تحارب مصر ؟
نشر في مصر الجديدة يوم 28 - 12 - 2011

نتحدث ويتحدثون عن قرب حرب تعدها إسرائيل ضد مصر حيث كشفت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، أن جيش الاحتلال يستعد لمواجهة "محتملة" مع مصر، فى حال وصول الإسلاميين، وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، إلى السلطة، وقالت إن هناك نية لإعادة تشكيل وحدات مقاتلة، سبق تفكيكها منذ 7 أعوام على الحدود.
وبحسب ما نشرته صحيفتا "يديعوت أحرونوت" و"جيروزاليم بوست"، فإن هناك جدلاً دائر داخل الجيش الإسرائيلى، حول ما يسمى ب"نقطة الانعطاف"، والتى تعنى أن الجيش سيكون فى حاجة للبدء فى إنشاء تشكيلات ووحدات وشراء منصات وأنظمة صواريخ جديدة لمواجهة التهديدات المستقبلية المحتملة مع مصر.
وأوضحت الصحف العبرية، أن التقديرات الحالية للجيش الإسرائيلى تشير إلى أن مصر، على مدى السنوات المقبلة، ستحافظ على معاهدة السلام مع إسرائيل، نظراً لحاجتها إلى مواصلة الولايات المتحدة الأمريكية تقديم المساعدة المالية والعسكرية لها، ومع ذلك هناك قلق كبير داخل الجيش من وقوع سيناريوهين، أولهما يتمثل فى صدور قرار مصرى بنشر قوات عسكرية مصرية فى شبه جزيرة سيناء، دون الالتزام بما نصت عليه معاهدة السلام عام 1979 بأن تكون منزوعة السلاح، أما السيناريو الثانى فهو عبارة عن تحرك عسكرى للقوات المسلحة المصرية فى شبه جزيرة سيناء ضد أهداف إسرائيل، فى حال نشوب حرب مستقبلية بين دول عربية وإسرائيل، مثل لبنان لوجود منظمة حزب الله المعادية لإسرائيل فيها أو سوريا، أو حركة حماس فى قطاع غزة، كتعبير عن الوحدة الوطنية بين الدول العربية.
ونقلت الصحيفة عن مسئول عسكرى رفيع بالجيش الإسرائيلى قوله، "إنه فى كلا السيناريوهين فإن إسرائيل ستكون فى مأزق بشأن ما يجب القيام به"، مضيفاً "من جهة، لن يذهب رئيس الحكومة الإسرائيلية فى اتجاه خوض حرب مع مصر لرد على هذه الانتهاكات، ولكن من ناحية أخرى إذا لم نرد فسوف نكون مجبرين على غض الطرف عن هذه الانتهاكات".
وأضاف المسئول العسكرى الإسرائيلى، "وكنتيجة لذلك، أوصت مديرية التخطيط فى الجيش الإسرائيلى بأنه يجب على الجيش أن يبدأ بإنشاء تشكيلات جديدة، وأن يكون فى حالة استعداد مستمرة بسبب الفوز المحتمل لحركة الإخوان المسلمين فى الانتخابات الجارية فى مصر".
وأوضح الضابط الرفيع بالجيش الإسرائيلى، "أن هذه الوحدات تحتاج إلى عدة أعوام من أجل إعادة تشكيلها وإعدادها، ولهذا السبب سنحتاج للبدء فى العمل عاجلاً وليس أجلاً".
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه بعد دخول رئيس أركان الجيش الإسرائيلى الجنرال بينى جانتس إلى منصبه بفترة قصيرة فى شهر فبراير الماضى، قرر تبنى نهج الحذر اتجاه مصر ولم يوصى فى حينها بوضع خطة فورية تتضمن شراء معدات أو إنشاء وحدات جديدة، كردة فعل فى حال حققت جماعة الإخوان المسلمين الفوز فى الانتخابات المصرية المقبلة، كون ذلك سيستغرق بعض الوقت قبل أن تتحول مصر إلى مصدر تهديد على إسرائيل مرة أخرى، كما فعلت فى الأيام التى سبقت حرب السادس من أكتوبر عام 1973.
فيما قالت يديعوت، إنه لهذا السبب فقد شرع الجيش الإسرائيلى بتخصيص الكثير من جهوده فى الدراسة عن مصر ونفض الغبار عن الخرائط القديمة وإعدادها للمستقبل.
ولفتت الصحيفة العبرية إلى أنه الآن مع فوز جماعة الإخوان المسلمين يجب أن يكون واضحاً أن هناك احتمالا واحدا، يجب أن يكون قيد النظر والبحث، وهو إعادة تأسيس وحدات كان قد فككها الجيش الإسرائيلى قبل سبع سنوات، ولكن العقبة الرئيسية أمام هذا المخطط هو النقص فى الأموال.
وأوضحت الصحيفة أنه فى حين أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو قرر، على ما يبدو، عدم خفض ميزانية الجيش للعام المقبل، فإن قرار إنشاء وحدات جديدة يتطلب استثمارات مالية كبيرة، ولا يبدو أن إسرائيل مستعدة لتقديمها.
وأشارت الصحف العبرية إلى أن ميزانية الجيش تقدر بحوالى 42 مليار شيكل ستنفق على خطة "حلميش" لتسليح وتطوير قدرات الجيش الإسرائيلى، ولكنها لا تشمل الاستعدادات للمواجهة مع مصر، الأمر الذى يتطلب من إسرائيل استثمار المليارات من الشواكل الإضافية لتكون مستعدة لأى تحدى مستقبلى على الحدود الجنوبية مع مصر.
ولفتت يديعوت إلى أن تلك الوحدات المقاتلة قامت إسرائيل بتفكيكها منذ 7 سنوات، بسبب استقرار الأوضاع السياسية مع مصر فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، مشيرة إلى أن الجانب المالى يقف كعقبة رئيسية أمام إعادة تلك الوحدات فى ذلك التوقيت.
هل تشن أميركا حروبا يدلا عن إسرائيل أم العكس؟
لقد نشرت الصحافة الأمريكية في الآونة الأخيرة مذكرة لموظفين سابقين في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA موجهة إلى الرئيس الأمريكي أوباما عبّروا له فيها عن خشيتهم من أن يجرّ أي هجوم عسكري "إسرائيلي " مسبق على إيران , ربما الشهر الجاري , المنطقة إلى إشعال حرب شاملة لا تحمد عقباها , ومن بين هؤلاء : الموظفان السابقان Phil Giraldi (20 سنة خدمة في الوكالة) و Ray McGovern (30 سنة خدمة في الوكالة) المشهوران بمنشوراتهما الناقدة للإدارة الأمريكية.
قال هؤلاء في المذكرة بأنه من الممكن , أن يضع القادة "الإسرائيليون" إدارة الرئيس الأمريكي أوباما تحت الأمر الواقع , كما زعموا , من خلال شنّهم هجوما مباغتا على إيران من طرف واحد في ظلّ تململ هذه الإدارة , من وجهة نظر "إسرائيل" , بإتباعها "سياسة التريُث" , وبالتالي سيكون عندئذ من العسير سياسيا على إدارة أوباما , بعد أن تكون "الفاس قد وقعت بالراس" , أن تترك "إسرائيل" وحدها تواجه جزاء ما أوكتا يداها , غير عابئة بمخاطر اتساع هذه الحرب أو بشدة اشتعالها مادامت تملك القوة التدميرية الأكبر بالعالم , وبالتالي ستكون القوات الأمريكية في هذه الحال مجبرة للدخول في معركة لا مناص منها وتقديم كل أنواع الدعم العسكري اللازم "لإسرائيل" , أي أن أمريكا ستتورط في حرب أقحمتها فيها "إسرائيل" غصبا !!!
فهل يعقل هذا الكلام ؟!
من منطلق هذه الذهنية لا ينسى هؤلاء الموظفون السابقون في وكالة المخابرات المركزية أن يشيروا إلى موقف الأغلبية المؤيدة لإسرائيل في مجلسي النواب والشيوخ في كل ما تقوم به وخاصة أن هذا العام هو عام انتخابات برلمانية , ولا يغيب عن بال أحد في العالم حاجة هؤلاء النواب للمال الصهيوني وأصوات لوبيه لأنه ستجرى في تشرين الثاني المقبل انتخاب لكامل أعضاء مجلس النواب ولثلث أعضاء مجلس الشيوخ , هل من الممكن إذا أن يتنازل قادة "إسرائيل" , وحسب خبرتهم المتوارثة , عن استثمار حاجة النواب للمال الصهيوني وبالتالي تبعيتهم لخدمة مصالحه في دعم "إسرائيل" دون حدود.
ثم أردف هؤلاء الموظفون السابقون بأنه " لا يمكن وقف خطر الحرب القادمة التي تنوي إسرائيل شنها على إيران إلاّ من خلال تحذير واضح وسريع وحاد اللهجة من قبل أوباما لإسرائيل بالإقلاع عن فكرتها بتنفيذ ضربة وقائية" , وأوصوا الرئيس " بتحميل رئيس هيئة الأركان العسكرية الأمريكية مايكل مولين رسالة شفوية لإسرائيل بهذا المعنى نظرا لأن التوترات المتراكمة في الخليج العربي تحتم التصرف السريع لاتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد حوادث من هذا النوع ناتجة عن سوء تقدير أو استفزازات تحت ذرائع مزورة تؤدي إلى مواجهات عسكرية غير مرغوب بها " , وينبغي بدلا من قرع طبول الحرب العزيزة على قلوب الصهاينة " التوجه لإنشاء اتصالات مباشرة ذات جدوى بين واشنطن وطهران تزيل التوتر وتعيد إحياء المبادرات الدبلوماسية " .
وإطلالتها على البحر الأبيض المتوسط وموانئها الكبيرة كميناء حيفا مثلا الذي كانت تخطط لتصدير النفط العراقي منه؟
ينبغي أن لا يغيب عن ذهن هؤلاء وأمثالهم مروّجي المعادلة العكسية في منطقتنا العربية ( أي أن أمريكا تخوض حروبها لمصلحة "إسرائيل" وليس العكس ) بأن النواب الأمريكيون ممثلي المحافظية الجديدة هم الذين دعوا بلادهم ولخدمة مصالحهم الأمريكية لحض إسرائيل على توجيه ضربة عسكرية لإيران ( إشارة إلى مسودة مشروع القرار 1553 الذي قدمه 47 نائب من الحزب الجمهوري في مجلس النواب الأميركي ) وإلى استخدام كل الوسائل المتاحة بما في ذلك القوة النووية ليس ضد إيران وحسب بل ضد لبنان وسوريا , وقد أكّد هؤلاء المحافظون في مشروع قرارهم هذا بأنّ على الولايات المتحدة الأمريكية تقديم ما يلزم من دعم مالي وعسكري وتأمين الغطاء السياسي الذي تحتاجه إسرائيل في المحافل الدولية قبل قيامها بشن هذا الهجوم . بل أن جميع أوساط السياسيين باتت تعلم بما لا ينازع الشك بأن حرب تموز الماضية عام 2006 التي خاضتها " إسرائيل " ضد المقاومة اللبنانية ومن ثم حرب غزة عام 2008 ضد المقاومة الفلسطينية جاءت تحت طلب وإلحاح الولايات المتحدة الأمريكية لرغبتها بإنجاب " شرق أوسط كبير أو جديد " .
لقد تزامن تقديم مسودة المشروع من قبل ممثلي المحافظية الجديدة مع ارتفاع جوقة من الأصوات الصهيونية الأمريكية ، تدعو إلى التحضير وبجدية لتوجيه ضربة عسكرية في السنة المقبلة ضد المنشآت النووية الإيرانية ، لأن العقوبات من وجهة نظر هؤلاء , حتى ولو نفذت بحذافيرها ، لن تؤدي إلى وقف البرنامج النووي الإيراني مستشهدة بتصريحات سابقة لمدير وكالة المخابرات المركزية «CIA» ليون بانيتا الذي أقرّ في حينه بأن العقوبات وحدها لن توقف البرنامج النووي الإيراني .
إن المسئولين السياسيين والعسكريون الصهاينة في أمريكا وفي إسرائيل على حد سواء , ومنذ اندلاع ما سمي " الأزمة النووية الإيرانية " يتشدقون وبشكل دائم بالتهديد والوعيد لتنفيذ غارات جوية على إيران وينتقدون التمهل الذي تبديه الإدارة الأمريكية الحالية , وهم على ما يبدو متعجلون لضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية لإدراكهم اقتراب جهوزية محطة بوشهر لانطلاق عملها مع المواد المشعة وذلك وفقا لبيانات روسية إيرانية مؤكدة حول تسليم المحطة للإيرانيين وبنجاح في منتصف شهر أيلول المقبل .
وفي هذا الصدد فإن أكثر المتحمسين لتوجيه الضربة العسكرية الماحقة ضد إيران هو أحد رموز المحافظين الجدد جون بولتون , مندوب أمريكا السابق في الأمم المتحدة . فقد نشر دراسة حول الخطوات المتعين إتباعها لتوسيع دائرة التأييد لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران والقضاء على أي معارضة أمريكية لذلك , من خلال شرح وإبراز التهديد الذي تمثله إيران على أمريكا تماما كما فعل أثناء التحضير لغزو العراق , ويجري هذا جريا على العادة التي اتبعها المحافظون الجدد منذ هيمنتهم على مقاليد الإدارات في دول المركز الامبريالي في عصر العولمة ألا وهو مبدأ " الحرب الاستباقية "
وقد نشرت مجلة التايمز منذ مدة قصيرة مقالا لمعلقها الصحفي الشهير جون كلاين تحت عنوان " أعيد وضع قرار الهجوم على إيران على الطاولة " تحدث فيه عن خطط عسكرية جديدة وضعتها القيادة الأمريكية المركزية تستهدف مواقع إيرانية في حال اتخذ قرار بهذا الشأن , كما أشار إلى أن العرب جيران إيران يحضونها على الخيار العسكري ويحثونها على استعجاله(كما فعلوا ضد جمال عبد الناصر وصدام حسين) .
مع كل الاحترام للنوايا الصادقة لهؤلاء الموظفين وغيرهم بالغيرة على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية كشعب , ومع كل الاحترام لمشاعرهم المعارضة للحرب ونتائجها المدمرة , إلاّ أنه لا يمكن نفي صيغة التضليل والوهم التي تكتنف هكذا آراء وهكذا تعابير احتوت مثيلاتها الكثير من المقالات والمقابلات الصحفية والتلفيزيونية وتصاريح لا تحصى لسياسيين ومسؤولين غربيين وعرب , عن علم أو عن جهالة , دأبت الرأسمالية على صناعتها وغيرها من الأوهام والأضاليل بآلاتها الإعلامية والأيديولوجية كما كنت قد ذكرت في مقالة سابقة( غيلان رأس المال وصناعة الوهم والخوف والفزاعات ) لتسوّقها فيما بعد لدى هؤلاء وغيرهم من شرائح بيروقراطية لدى الإدارات الرأسمالية ولدى الأوساط الشعبية في دول العالم . فقد قرفنا من الأضلولة المعممة على شريحة واسعة من سياسيينا العرب وحتى ضمن الأوساط الشعبية التي تزعم بأن "إسرائيل هي التي تسيّر أمريكا " أو خرافة اللوبي اليهودي في أمريكا الذي يرسم سياساتها , أو أن أمريكا تخدم مصالح إسرائيل وتخوض عنها حروبها وليس العكس.
إن الإقرار بدور رأس المال الصهيوني في قوى المحافظية الجديدة التي تهيمن هذه الأيام على الكرتلات المالية العالمية والاحتكارات لا ينبغي أن يتيح لكل ذي عقل الأخذ بالأوهام التي ينتجها الرأسمال العالمي ككل ومن ضمنه الصهيوني والكولونيالي العربي وغيره : من قبيل أوهام كهذه وقلب حقائق أو من قبيل مثيلاتها ك "صراع الأديان" أو " صراع الحضارات" أو "انبعاث المسيح من جديد " أو تلك التي يساندها الكثير الكثير من إنتاج العقل ألعرفاني في بنيتنا الفكرية والدينية( من قبيل المهدي المنتظر والأعور الدجال ذو العين الواحدة , أو الدعوات التي تدعو العرب لأن " يحطوا ايديهم ورجليهم بمي باردة " لأنه سيجيء اليوم الذي سينادينا فيه الحجر والشجر أن تعالوا ورائي يهودي مختبئ فاقتلوه) , إن كل هذا ليس سوى خدمة للعدو دون مقابل , في سبيل سوقنا نحو المرعى أو المذبح لا فرق في سبيل مصالح الاحتكارات العالمية عامة ومن ضمنها طبعا المصالح الصهيونية والمصالح الكولونيالية العربية .
إن إنتاج أوهام كتلك ليس سوى نأي وعي المنتجين الحقيقيين والشعوب الفقيرة المضطهدة , ضحايا الاستغلال والحروب , عن الحقيقة الساطعة بأن الصراع الحقيقي الوحيد والموجود على مستوى عالمي ومحرك التاريخ : الصراع الطبقي , صراع بين رأسماليين , صهاينة وامبرياليين وكولونياليين , نهمين للربح , ليسوا سوى حفنة من أنانيين يسعون للاستحواذ على كل شيء في الكون أو تخريبه , وبين شغيلة منتجين لكل شيء , شعوب مضطهدة تسعى للتحرر لحماية إنتاجها وثرواتها وبلادها والكون من الخراب .
وسيناريوا الذى يخوّف من خلاله البعض أبناء الشعب المصرى من الحرب مع إسرائيل، وقد تواتر هذا الحديث بعد استشهاد خمسة من جنودنا بسلاح الغدر الإسرائيلى وما أعقب ذلك من فعاليات شعبية كللها الشاب «أحمد الشحات» بتسلق البناية التى تقبع فيها سفارة العدو لينتزع العلم الإسرائيلى ويزرع العلم المصرى مكانه، وقد أنطلق الكثيرين إلى تخويفنا من نشوب حرب بيننا وبين إسرائيل وتساءلوا هل نحن مستعدون لخوض حرب كهذه ونحن نعيش ظروف ثورة والبلد بلا رئيس ولا أمن؟
يضاف إلى ذلك الطرق على موضوع الفجوة التكنولوجية بيننا وبين إسرائيل، وضعف قدراتنا العسكرية حالياً قياساً إلى قدراتها.
وقد كان الأجدى بهؤلاء أن يسألوا سؤالاً أعمق عن الطرف الذى يجب أن يخشى الحرب، وهل هو مصر أم إسرائيل، وفى تقديرى أن إسرائيل هى التى ترتعب وتخاف أشد الخوف من انجرارها إلى حرب مع مصر؟
فأى حرب تلك التى يمكن أن تبادر إليها إسرائيل فى ظل أزمتها الاقتصادية الحالية، هل نسيتم الاحتجاجات الشعبية التى اجتاحتها ضد الأوضاع المعيشية المتردية هناك؟ من أين ستمول إسرائيل حربها مع مصر أكبر وأقوى دولة عربية؟ هل ستلجأ إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟ وهل الولايات المتحدة أسعد حالاً منها وهل فى مقدورها الآن دفع فاتورة حرب إسرائيلية ضد مصر وهى تعانى كل المعاناة من أزمة اقتصادية طاحنة منذ عام 2009، وقد دفعت هذه الأزمة أوباما مؤخراً إلى مصارحة الشعب الأمريكى بأنه يسير فى طريق أوضاع عجاف، وألقى التهمة فى ذلك على المغامر بوش الابن الذى ألقى بالأمريكان فى أتون حرب فى أفغانستان، ثم فى العراق، أدت إلى دخول أمريكا فيما أطلق عليه الأزمة المالية العالمية بسبب فاتورة تمويل هذه الحروب. أى حرب إذن يمكن أن تخوضها إسرائيل ضد مصر وهى لا تملك فاتورة حسابها؟!.
وينسى هؤلاء الذين يتحدثون عن أن إسرائيل تفكر الآن فى احتلال سيناء لإحكام القبضة الأمنية عليها أن تحريك القوات الإسرائيلية نحو هذا الهدف يعنى تعرية ظهرها أمام الجبهة الفلسطينية وأمام الجبهة اللبنانية والجبهة السورية التى سوف تفتح عليها النار قريباً. لقد بادرت إسرائيل إلى قبول فكرة عقد اتفاقية سلام مع مصر عام 1979 لا لشىء سوى لعجزها عن الاستمرار فى احتلال سيناء بسبب مشكلة نقص أعداد جيشها وقد رضيت بالانسحاب وهى فى منتهى النشوة والسرور، خصوصاً أن الاتفاقية كفلت الإخلاء النسبى لسيناء من أفراد الجيش المصرى، خصوصاً بالقرب من المناطق الحدودية. لقد كانت الدولة العبرية تحتاج إلى تحريك جنودها إلى جبهات أخرى، ولنفس السبب انسحبت إسرائيل من لبنان وانسحبت من غزة. لقد فعلت إسرائيل كل هذا وكان تعداد المصريين وقتها بضع وأربعين مليون نسمة، فما هو الوضع الآن وقد أصبح تعداد المصريين يقترب من التسعين مليوناً؟!.
وهناك أسباب سياسية مهمة تجعل العدو يفكر آلاف المرات قبل أن يهاجم مصر ويحتل شبراً واحداً من أرضها، أولها أن أى حماقة إسرائيلية تحدث فى هذا الاتجاه سوف تؤدى إلى إيقاف إمدادات الغاز وخسارة الاستثمارات التى يديرها رجال أعمال العدو فى مصر. وإسرائيل لا تريد أن تخسر تلك المكاسب التى ورثوها عمن يطلقون عليه «الكنز الاستراتيجى لإسرائيل»، وهو الرئيس المخلوع، ويرتبط بذلك أن صانع القرار الإسرائيلى يعلم أن مصر بعد 25 يناير غير مصر قبلها. وأتصور أن رسالة مبطنة قد وصلت إلى إسرائيل حين تعالت الأصوات داعية إلى تنظيم مليونية إلى شرم الشيخ للقبض على حسنى مبارك بعد أن تلكأ مدبرو الأمور فى مصر فى محاكمته، وهى تعلم أن هذه المسيرة يمكن أن تصبح «عشر مليونية» و«عشرين مليونية» لو فكرت فى أن تحتل شبراً واحداً من سيناء؟!.
إن إسرائيل تحاول أن تخادع المصريين بطرقها التقليدية العقيمة من خلال ما تنشره كبريات صحفها من دعوات لاحتلال سيناء بهدف تأمين نفسها، وتدفع ببعض المسؤولين الغربيين للحديث عن عجز المصريين عن السيطرة على الأوضاع الأمنية فى سيناء، مثلما فعلت هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية، كل ذلك من أجل أن يلتقط بعض السذج هذا «الطعم» ليصابوا بالرعب ويبدأوا فى تخويفنا من الحرب مع إسرائيل، وهو بالضبط ما كان يفعله كنزهم الاستراتيجى من تلقاء نفسه عندما كان يطنطن بكلامه الفارغ عن أنه رجل عسكرى ويعرف معنى الحرب جيداً، وأنه لن يزج بالمصريين فى أتون معركة غير متكافئة، وكأن إسرائيل كانت تحتاج إلى حربه بعد أن أعطاها الغاز وطبّع العلاقات معها وفتح لها أبواب مصر على البحرى لتخرب فيها وتسرطن زراعتها وتقتل أبناءها كيفما تشاء!.
لقد ذهب الكنز الاستراتيجى إلى غير رجعة، ونحن أمام لحظة تاريخية يمكن أن نصحح فيها الكثير من الأوضاع المعوجة فى علاقتنا بإسرائيل، وأولها إيقاف ضخ الغاز، والدفع بجنودنا إلى سيناء بعيداً عن السفسطة بالحديث عما تنص عليها معاهدة السلام التى خرقتها إسرائيل بأكثر من صورة خلال السنوات الأخيرة، وآخر هذه الصور التوغل فى أرض سيناء وقتل أبنائنا، وسوف تقبل إسرائيل صاغرة بكل ما نريد، وليست تلك الاستحقاقات الوحيدة التى أصبح مطلوباً من هذا الكيان الوفاء بها، فها هى الثورة الليبية تنجح فى الإطاحة بديكتاتور أفريقيا، والثورة السورية فى طريقها إلى النجاح، وحزب الله فى لبنان يقوى، وحماس فى غزة على أهبة الاستعداد، وكل فريق من هذه الفرق سوف يطالب إسرائيل بالاستحقاقات الواجبة عليها. على إسرائيل أن تخاف كل الخوف وأن ترتعب أشد الرعب لأن وقت الحساب جاء، ولأن الربيع العربى سوف يتوازى معه خريف إسرائيلى!.
والسؤال اذى يطرح نفسه لماذا تحاربنا إسرائيل وهى إستطاعت أن تحتلنا هى اميركا اقتصاديا وإجتماعيا ومعلوماتيا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.