تعتبر قضية الجاسوس الاسرائيلي " ايلان شتايم جاربيل " حلقة ضمن سلسلة الصراع الاستخباراتي بين مصر واسرائيل منذ توقيع اتفاقية السلام بين الطرفين وحتى الان ، وهو ما يؤكد عليه عدد قضايا التجسس التي اعلنت مصر عن كشفها خلال السنوات الاخيرة ، وكان اخرها عملية " الفخ الهندي " التي كانت تتعلق بالتجسس على مكالمات المسئولين في مصر لمعرفة عن طريق تحويل المكالمات الخاصة بهم الى اسرائيل . واحدث هذه القضايا هي قضية الجاسوس الاسرائيلي " ايلان شتايم جاربييل " ، ولكن هذه القضية على وجه الخصوص تاتي في توقيت وظروف بالغة الحساسية بالنسبة للطرفين المصري والاسرائيلي ، وهو ما يجعل القارئ يلقي الكثير من التساؤلات حول هذه القضية . منذ اللحظة الاولى نفت اسرائيل علمها باي شيئ يخص هذه القضية ، واتهمت المجلس العسكري بانه اختلق هذه القضية من اجل تهدئة الراي العام المصري وشغله عن بعض القضايا الاخري ، في الوقت الذي اكدت فيه الحكومة المصرية على انه جاربيل جاسوس اسرائيلي وانه كان تحت مراقبة جهاز المخابرات المصرية منذ دخوله الى البلاد . وعلى ذلك نجد ان هناك مواقف متباينة في هذا الصدد ، فالجانب الاسرائيلي اكد ان جاربيل ليس جاسوسا اسرائيليا ، وانه لم يتلق اي بلاغلات تفيد تغيب او اعتقال اي مواطن اسرائيلي في مصر ، كما ان اصدقاء جاربيل اكدوا جميعا ان جاربيل ليس جاسوسا ، وان الصور التي نشرتها وسائل الاعلام المصرية ماخوذة من صفحة جاربيل على الفيس بوك ، بينما تضاربت الاقوال بشان مجيئه الى مصر ، فهناك من قال انه جاء كصحفي لتغطية احداث الثورة المصرية ، بينما قال والده انه جاء الى مصر في رحلة سياحية . وعلى الجانب المصري قالت الحكومة المصرية ان جاربيل دخل الى الاراضي المصرية واندس بين المتظاهرين ، وحرضهم على القيام باعمال عنف ضد الجيش المصري ، وايضا قام بالاتصال ببعض الاطراف السياسية في مصر ، بالاضافة الى لقائة ببعض رجال الدين والقائه الخطب في بعض المساجد ، وان القوات المسلحة ارسلت رسالة الى المواطنين تؤكد ان هناك عناصر مندسة بينهم تحاول احداث وقيعة بين الشعب والجيش اشارة الى " جاربيل " . وبين هذا وذاك تبقى العديد من التساؤلات اول هذه التساؤلات هل يمكن للحكومة المصرية الاقدام على اختلاق هذه القضية في الوقت الراهن ؟ من خلال المعلومات التي تواردت حول هذه القضية يتضح ان جاربيل لدية الجنسية الامريكية ، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة المصرية للمحافظة على علاقات طيبة مع الولاياتالمتحدة ، وعليه فان الحكومة المصرية لن تغامر بعلاقاتها مع الولاياتالمتحدة بسبب قضية كهذه ، خاصة وان العلاقات بين الدولتين سوف تتوتر اذا تدخلت الولاياتالمتحدة واكتشفت ان هذه القضية بالفعل من اجل تهدئة الراي العام المصري ، وهو ما يفسره مقابلة القنصل الامريكي بالقاهرة مع جاربيل ، وفي هذا الشان قال افيجدور ليبرمان وزير الخارجية الامريكي ان مصر تجاهلت نسبه الى الولاياتالمتحدة رغم جنسيته الامريكية ، ونسبته الى اسرائيل لحيازته جواز سفر اسرائيلي ، خوفا من توتر العلاقات مع الولاياتالمتحدة . السؤال الثاني وهو هل اسرائيل في حاجة الى جواسيس لمعرفة ما يدور في الشارع المصري ؟؟ ان سؤال كهذا تبدو الاجابة عليه ضرورية وصعبة في الوقت ذاته ، ففي ظل التقدم التكنولوجي واقمار التجسس وغيرها الحصول على كم كبير من المعلومات الاستراتيجية المهمة ، فهل تقدم اسرائيل على التضحية باحد عملائها المدربين من اجل معرفة ما يدور في الشارع المصري ، وهو ما يمكن معرفته بسهولة ايضا ، فاسرائيل لديها في مصر بعثة دبلوماسية ترسل لها تقارير يومية حول الاوضاع الداخلية في مصر ، بالاضافة الى مركزها الثقافي في القاهرة والذي يرسل اليها يوميا تقريرا مفصلا مرفقا به صورا لاهم القضايا الداخلية التي تناولها الاعلام المصري ، ولا يترك مطبوعة مصرية الا ويتناولها هذا التقرير ، وفيما يخص الحركات السياسية فهو يمكنه معرفة الحراك السياسي في مصر من خلال المواقع الالكترونية الخاصة بالحركات والاحزاب السياسية ، والتقارير التي تبثها وسائل الاعلام المصرية والعربية والاجنبية حول الحراك السياسي في مصر . بالاضافة الى ما سبق ، هناك سؤال يتعلق بما ترسخ في العقلية المصرية حول جهاز الموساد الاسرائيلي ، وهو هل الموساد الاسرائيلي بالغباء الذي يرسل جاسوسا الى مصر وهو يحمل معه جواز سفر اسرائيلي ؟ وهل الجاسوس غبي الى الحد الذي يجعله يلتقط الصور وهو في المساجد ، وهويشارك في المظاهرات ،ويقوم بوضعها على صفحته في الفيس بوك ، وهل فرد واحد من الموساد الاسرائيلي قادر على احداث وقيعة بين الجيش والشعب في الوقت الذي فشلت فيه فلول الحزب الوطني والنظام السابق في تنفيذ هذه المؤامرة ؟؟ واخيرا ما هو مستقبل هذه القضية ، بمعنى ان هل ستفرج مصر عن الجاسوس الاسرائيلي ، ام سيحاكم امام المحاكم المصرية ؟؟ في هذا الصدد يقول افيجدور ليبرمان ان بقليل من الجهود الدبلوماسية بين مصر واسرائيل ، سوف يتم اطلاق سراح جاربيل ، كما ان عزام عزام الجاسوس الاسرائيلي السابق في مصر ، اكد على ان جاربيل سوف يطلق سراحة في غضوان ايام او اسابيع قليلة وانه لن يقضى فترة عقوبة في مصر ، ومن ناحية اخرى ذهب موقع دبكا الاسرائيلي الى انه هناك بالفعل اتصالات مكثفة بين الجانب الامريكي والمصري لاطلاق سراح جاربيل ، بل واكد على انه سيتم اطلاق سراحة قريبا بسبب التدخل الامريكي وما سوف يمارسه من ضغوط على الحكومة المصرية . ومن الناحية المصرية ، فهل ستقدم الحكومة المصرية على الاذعان للضغوط الامريكية وتطلق سراح جاربيل ، لتجد نفسها بعد ذلك في مازق فقدان المصداقية بينها وبين الشارع المصري ؟؟ خاصة وان هذا الشعور بدء يتسلل الى قلوب الكثيرين من ابناء مصر .... هذا ما سوف تجيب عنه الايام القادمة في قضية الجاسوس الاسرائيلي " ايلان شتايم جاربيل "