كلف الرئيس اللبنانى ميشال سليمان، أمس السبت، النائب سعد الحريرى بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. وذلك بعد ان انتهت الاستشارات الدستورية الملزمة التى أجراها الرئيس سليمان مع أعضاء المجلس النيابى على مدى يومين باعلان 86 نائبا تسمية النائب الحريرى لتشكيل الحكومة الجديدة، مقابل إمتناع 42 نائبا ينتمون بأغلبيتهم الى فريق المعارضة عن تسمية أحد. وفى ختام الاستشارات أجرى الرئيس اللبنانى اجتماعا تقويميا مع رئيس مجلس النواب نبيه برى واستدعى النائب الحريرى لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة. ومن المقرر أن يبدأ الرئيس المكلف مهام تشكيل الحكومة غدا الاحد بجولة بروتوكولية على رؤساء الحكومة السابقين، على أن يقوم إبتداء من الاثنين المقبل بسلسلة استشارات مع النواب والكتل النيابية فى مقر مجلس النواب تتعلق بتركيبة الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية وسط معطيات تؤشر الى أن عملية تشكيل الحكومة لن تكون سهلة بسبب الشروط والمطالب المضادة بين فريقى 14 اذار و8 اذار. وأكد الحريرى التزامه بحكومة وحدة وطنية تتمثل فيها الكتل النيابية وتكون حكومة للإنجاز بعيدة عن أى عرقلة أو شلل وبالتشاور مع جميع الكتل النيابية. وقال الحريرى فى خطاب قبوله التكليف بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة "إن المخاطر أمام لبنان حقيقية ولكن الفرصة المتاحة له هى أكبر ويمكن تجنب المخاطر وانتهاز الفرصة بتشكيل حكومة قادرة على العمل بالتعاون مع رئيس الجمهورية، وقادرة على الوقف صفا واحدا فى خدمة المواطن وقادرة على الوقوف صفا واحدا فى وجه التهيديدات الاسرائيلية". وأضاف قائلا "هذه هى الحكومة التى سأعمل على تشكيلها ولن أبخل على وطنى لبنان أى خطة للاستقرار ودعم الدولة والنظام الديمقراطى وتجديد الثقة فى اتفاق الطائف". ومضى يقول "ان القضية تتعلق بمصير وطن فى لحظة إقليمية حاسمة وتتعلق بما ينتظر لبنان ومسؤولية اللبنانيين فى التضامن على حماية لبنان من العواصف الخارجية وسيدخل الحريري، رئيس أكبر كتلة نيابية فى البرلمان اللبناني، بذلك "نادى رؤساء الحكومات" للمرة الاولى. وبعد ثلاثة أسابيع على فوز تحالف قوى 14 آذار الذى يعتبر الحريرى أبرز أركانه، فى الانتخابات النيابية بغالبية 71 مقعدا من 128، يكلف الحريرى برئاسة وتشكيل حكومة جديدة، وذلك فى ختام استشارات مع النواب اجراها الرئيس اللبنانى ميشال سليمان وبرز الحريري، 39 عاما، إلى الواجهة السياسية بعد مقتل والده رفيق الحريرى فى 14 فبراير 2005، وهى عملية أحدثت إنقلابا فى المشهد السياسى اللبنانى الذى كانت دمشق اللاعب الأكثر نفوذا فيه على مدى سنوات طويلة. وكان التصريح الأول للحريرى بعد اغتيال والده بمثابة توجيه اتهام مبطن لسورية بالوقوف وراء جريمة الاغتيال، الأمر الذى نفته دمشق باستمرار. ولم يعمل سعد الحريرى فى السياسة خلال حياة والده، وظل بعيدا عن الأضواء حتى مقتل رفيق الحريري، المحطة التى ساهمت فى تسريع الانسحاب السورى من لبنان. وقد دخل الحريرى للمرة الاولى إلى مجلس النواب فى انتخابات أجريت بعد انسحاب الجيش السورى من لبنان فى ربيع 2005 على رأس تحالف ضم أحزابا وتيارات وشخصيات من كل الطوائف اللبنانية. وقد فاز هذا التحالف المناهض لدمشق بالغالبية فى البرلمان. وتحدث الحريرى فى أحاديث صحافية أخيرا عن تلك الفترة، فقال إنه لم يكن جاهزا فى حينه لتولى المسؤولية، فاختير فؤاد السنيورة، أحد معاونى رفيق الحريري، لرئاسة الحكومة، إلا انه يشعر اليوم بأنه بات أكثر أهلية لتولى المنصب. وجعل سعد الحريرى من إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان، المحكمة ذات الطابع الدولى المكلفة النظر فى قضية اغتيال والده، أحد أبرز اهتماماته الذى كرس له وقتا واتصالات وجهدا سياسيا لا حدود له، وأعلن مع بدء عمل المحكمة فى لاهاى فى هولندا فى الأول من مارس 2009، أنه اصبح مرتاحا وانه سيحتكم إلى قرار المحكمة مهما كان. وورث الحريرى عن والده ماكينة ورأسمالا سياسيين ضخمين، وأفاد من التعاطف الشعبى معه بعد اغتيال والده، ولم يتردد فى الاعتراف بعد انتخابات 2005 بأن "الناس توجهوا إلى الصناديق من أجل والدي". وقال أيضا "اعتقد اننى لست حتى الساعة الا مجرد رمز. يجب ان اعمل جاهدا خلال السنوات الاربع القادمة لكى آخذ القليل من مكانة والدي". وولد سعد الحريرى فى 18 أبريل 1970 فى السعودية، وعلى غرار والده، تربطه صلات وثيقة بالعائلة المالكة فى المملكة. ويحمل اجازة فى الاقتصاد من جامعة جورج تاون فى واشنطن. وهو متزوج من لارا بشير العظم التى تنتمى إلى عائلة سورية عريقة شاركت فى السلطة فى سوريا خلال الخمسينات.