فى غيبة أصحاب الشأن تم تعديل قانون الأحزاب بما يؤدى إلى سيطرة رأس المال على هذه الأحزاب بحيث يتولى الأغنياء إدارة دفة النظام السياسى لمصر ,ويمتنع الفقراء الذين يمثلون الغالبية العظمى من الشعب عن ممارسة حقوقهم السياسية التى تتيحها أحزابهم لهم من خلال حتمية مشاركتهم فى مسئوليات الحكم كالوارد بالمادة الثانية من قانون الأحزاب ,ومن ثم تبتعد الأحزاب الإشتراكية واليسارية بوجه خاص عن ساحة العمل السياسى كونها قائمة على إعلاء قيم العمل والإنتاج عن قيم المال والإستهلاك التى تتبعها الأحزاب القادرة على الإنفاق المادى لتغطية نشاطاتها ,فإلغاء الدعم المالى السنوى الذى كانت تقدمه الدولة من مال الشعب لإثراء الحياة السياسية يؤدى إلى تعريض الأمن القومى المصرى للخطر ,خاصة وأن مناخ التعددية الذى ظل طوال ثلاثين عاماً أدى إلى إضعاف قدرة أحزاب المعارضة فى القيام بدورها المنصوص عليه بالمادة الثالثة من قانون الأحزاب بشأن العمل على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسياً ,وقد ضعف إسهامها فى إدارة الشئون العامة وإستبعاد مشاركتها فى تداول السلطة ,وهو ما أسفر عنه إحساس المواطنين بعدم جدوى العمل الحزبى وإنفضاضهم عنه مما ترتب عليه عدم وجود إشتراكات بهذه الأحزاب لما يعانيه غالبية أبناء الشعب من فقر أورثه لهم حكم الطغمة الفاسدة ,بل ولم تقدم أية تبرعات لهذه الأحزاب لأن أصحاب هذه التبرعات كانوا يتجهون صوب الحزب الوطنى الحاكم لتحقيق مصالحهم الشخصية ,ولا يمكن لعاقل أن يتصور أن ميراث ثلاثين عاماً من فقدان قدرة الأحزاب على آداء مهامها سيزول خلال ستة أشهر بحيث يسارع المواطن إلى العضوية بهذه الأحزاب ويدفع إشتراكاتها السنوية بل ويتبرع لها ,كى تستطع القيام بآداء مهامها المنصوص عليها بالدستور والقانون ,وكل ذلك جاء بسبب أصحاب الياقات البيضاء الذين بادروا بالإساءة للأحزاب وكيل الإتهامات لها دون تعرض للأسباب التى أدت بها لما هى عليه وتوصلوا إلى إلغاء الدعم المالى بحجة ضرورة تواجد الحزب فى كل المحافظات ودون إعطاء تلك الأحزاب الوقت المناسب فى ظل المرحلة الجديدة لبناء كوادرها وقواعدها فى هذه المحافظات ,وهو ما ترتب عليه ما نشرته جريدة الأهرام بتاريخ 26/3/2011 بصفحتها الرابعة من أن أمريكا تسعى لدعم الأحزاب المصرية مادياً وتلك بداية الخطر الداهم على الأمن القومى المصرى ,بل إن الأحزاب لن تجد أمامها سوى البحث عن سبل التمويل ,والتى تستخدم دائماً للسيطرة عليها تحقيقاً لأهداف تضر بمصلحة الوطن ... فهل يرضى ذلك من قام بتعديل قانون الأحزاب ؟! إن غالبية الدول المتقدمة تدعم أحزابها لإثراء الحياة السياسية فيها ولحمايتها من التمويل المشبوه والخارجى ,كما وأن حجة أصحاب الياقات البيضاء بأن الأحزاب تحصل على الدعم لتحقيق مصالح رؤسائها فإنه إتهام ينم عن سوء فهم وإدراك ,بل وينم عن نفسية غير سوية لما لدور الجهاز المركزى للمحاسبات من رقابة صارمة على كل مليم ينفق بالحزب طوال العام ,وإلا كان هؤلاء يتعمدون وضع الجهاز المركزى للمحاسبات موضع الإتهام فى الإشتراك مع الأحزاب لتبديد المال العام . إن ما خلفه الحزب الوطنى من آثار مدمرة لأحزاب المعارضة جعلها فى وضع لا تحسد عليه بحيث تحول المجنى عليه إلى جانى وتمكن الجانى الحقيقى من الإفلات بجرائمه . لذلك فإن حزب مصر العربى الإشتراكى الذى إستولى الحزب الوطنى عام 1978 غصباً على كل مقاره وأمواله ومخصصاته ولم يسترد منها أى شئ رغم صدور حكم قضائى نهائى له بإسترداد كافة حقوقه ,يناشد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحيلولة دون تعريض الأمن القومى للخطر بإعادة الدعم المالى طالما كانت هناك رقابة من الجهاز المركزى للمحاسبات عليه ,وإعطاء هذه الأحزاب الوقت المناسب فى مناخ الحرية الجديد كى تستطيع إمتلاك آليات القدرة على تحقيق مهامها لبناء حياة ديمقراطية سليمة تؤدى إلى الإصلاح الشامل فى كل مجالات الحياة . رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي