مازالت نظرة الإستخفاف بالأحزاب السياسية التي خلفها الحزب الوطني هي السائدة من خلال المجلس الأعلي للقوات المسلحة والحكومة الإنتقالية بما لا يليق بدعوات الإصلاح السياسى التى يتبنابها كل منهما فى خطابه الاعلامى. وهو ما يثير الشك والريبة في النوايا التى تقف خلف تحقيق آمال وطموحات الشعب التى قامت ثورة 25يناير من أجلها ,فها هى القيادة الانتقالية تدعو إلى حوار وطنى الاربعاء وتقوم بالاعلان عنه عبر قنوات الاعلام الرسمية والتأكيد على اذاعته مباشرة للشعب على الهواء وهو الحوار الذى يمثل مختلف التيارات الفكرية والسياسية كما أعلن عنه , وذلك دون توجيه الدعوة الى الأحزاب السياسية التى مازالت ترزح تحت نير إزدراء السلطة الانتقالية بها ، إستنادا على ما أسفرت عنه جريمة إغتيال الحزب الوطنى لأحزاب المعارضة وتشويه صورتها أمام المواطنين بما يحقق له مكانة وصورة مكذوبة لديهم000 فأى حوار هذا دون مشاركة من يقوم عليهم النظام السياسى للوطن وهى الاحزاب وفقا لنص المادة الخاصة من الدستور بل وقانون الأحزاب حتى بعد تعديلاته الاخيرة ؟ واذا كان عدم دعوتها لهذا الحوار من باب الاستخفاف والتهوين من شأنها , فلماذا قاموا بتعديل قانون الأحزاب وإعلانه أمس الاثنين, ذلك التعديل الذى لايمس جوهر القانون إلا من خلال المادة الثامنة التى أحالت لجنة شئون الأحزاب الحكومية الى لجنة من رجال القضاء , وهو ما كنا نطالب به طوال ثلاثين عاما ! كما أن ما يسمى بتأسيس الاحزاب بمجرد الاخطار ليس بجديد ,لأن أوراق التأسيس لأى حزب سوف تعرض على لجنة شئون الاحزاب التى سيكون من حقها الاعتراض عليه إذا رأت ذلك، ومن ثم لجوء الحزب إلى القضاء, أو سوف توافق عليه وهو ما كان يحدث فى الماضى لولا إختلاف تشكيل اللجنة فى الماضى عن الحاضر ، وإذا تركت اللجنة تأسيس الأحزاب دون ضوابط فسيكون بمصر أكثر من مائة حزب منها الأحزاب الدينية التى ظاهر برامجها هو مقتضيات الدولة المدنية وباطنها المرجعيات الدينية فتشتعل نيران الفتنة الطائفية ليستغلها أعداء مصر وسيكون هناك أحزاب نوبية تعمل على الإنفصال كما يخطط لها من الخارج . علاوة على الأحزاب الرأسمالية وأحزاب البلطجية ومختلف التيارات والإتجاهات سواء كانت فكرية او مادية ، وسيتصارع كل منها لاثبات ذاته وتحقيق أهدافه ومناهضة الآخرين وتفترق الجبهة الداخلية لمصر الى جبهات متفرقة بزعم إثراء الحياة السياسية ,ويأتى إلغاء الدعم المادى للأحزاب والذى كان يمنح من مال الشعب ويراقب من الجهاز المركزى للمحاسبات بمثابة الخطر الداهم على الأمن القومى المصرى , فالأحزاب القائمة على شرف وطهارة اليد ستغلق أبوابها لأن مناخ التعددية مازال وسيظل لفترة قادمة بعيدا عن إجتذاب أعضاء لها بالأعداد المناسبه ،بل وبعيد عن دفع اشتراكات منهم لهذه الاحزاب ، فليس هناك إقتناع بالعمل الحزبى بسبب فساد الحزب الوطنى وماخلفه من آثار فى الحياة السياسيه ، وليس هناك قدرة اقتصادية تفتح باب التبرعات لأحزاب لن تستطيع تحقيق مصالح أعضائها من خدمات فى يد حكومة لا تتعامل معها, لما لثقافة التعددية من قصور شديد فى إدراك جوانبها وأبعادها, وإما ان تلجأ هذه الأحزاب الى التمويل الخارجى الذى أعلنت عنه أمريكا فى جريدة الاهرام بصفحتها الرابعة بتاريخ 26/3/2011 من أنها ستدعم من يرغب من هذه الأحزاب ماديا ، وهى بداية النهاية لثورة يحاصرها الغرب من خلال فلول النظام السابق ... ولن تبقى سوى الأحزاب الرأسمالية التى يستطيع أشخاصها الإنفاق عليها وإستمرارها , وهكذا يمتنع الشرفاء ويتقدم أصحاب رؤوس الأموال ليسيطرو ا على الحكم كما يريد الغرب والصهاينة للمجتمع المصرى ... ذلك قليل من كثير عن قانون الأحزاب وتعديلاته القاصرة عن تحقيق آمال شعب اشتاق لتنسم عبير الحرية ... أما عن إستبعاد الأحزاب من الحوار الوطنى القادم فهو نذير سوء ينبىء عن وجهة نظر الداعى الى الحوار لما يحقق له ما يرى فيه مصلحة تغلق الأبواب أمام المصلحة العامة فى إقامة حياة ديمقراطية سليمة , كما يؤكد ذلك التصرف مجانبة المساواة وتكافؤ الفرص بين التيارات السياسية والفكرية, بما نخشى معه من غد لا يكون أفضل من الأمس الذى إستشهد من أجل اسقاطه مئات الثوار الاحرار .