تزايدت حالات التعدي على الأراضي الزراعية في استغلال سيء للثورة و انتهازية مطلقة ، قام العديد من أصحاب الأراضي الزراعية باستغلال غياب الأمن ليقوموا بالبناء عليها حيث بلغت التعديات على الأراضي في محافظة القليوبية وحدها إلى حوالي 4000 حالة . إن إهدار المساحة الصالحة للزراعة جريمة في حق النفس و في حق الأجيال القادمة . أكد تقرير صادر عن وزارة الزراعة أن مصر فقدت 760 ألف فدان خلال الثلاثين عاما الأخيرة و خلال الأعوام العشرة الأخيرة فقدت نحو 3500 ألف فدان من أخصب أراضيها وسط فجوة واضحة في السلع الغذائية و الزراعية الأساسية و خاصة بعد أن قفز سعر القمح عمليا إلى 3600 دولار بعد أن أعلنت الصين أن لديها موجة جفاف تهدد محصول القمح . و شهدت الأيام الماضية تسابقا للمواطنين على بناء الرقعة الزراعية ، ففي محافظة القليوبية صرح المستشار عدلي حسين محافظ القليوبية أن حالات التعدي على الأراضي الزراعية بلغت نحو 1276 حالة حتى الآن و أنه يتم التنسيق مع الجهات المعنية و القوات المسلحة و الشرطة لإزالة تلك التعديات . و أكد محمد علاء الدين موسى مدير الزراعة بالقليوبية أن عددا كبيرا من المواطنين استغل ظروف الثورة و قاموا بالاعتداء على مساحات شاسعة من الأرض الزراعية تقدر بملايين الجنيهات حيث بلغت مساحة التعدي على الأراضي الزراعية 49 فدنا و 4 قراريط . و فى الغربية تم الاعتداء على 140فدانا و تراوحت المساحات التي تم البناء عليها بين قيراط و قيراطين و في الشرقية صرح الدكتور محمد حسني محافظ الشرقية أنه تم تحرير محاضر إثبات حالة لكل هذه التعديات تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها و حسب القانون فإنه يتم إزالته على نفقة المالك و إلا تعرض للحبس و الغرامة و الحجز على ممتلكاته و أشار إلى أنه تم تشكيل مجموعات عمل في المحافظة تضم المهندسين و الشرطة و العمدة و المشايخ و ذلك من أجل اتخاذ التدابير اللازمة و العقوبات المناسبة تجاه المخالفين و كذلك أشار المحافظ إلى أنه تم التشديد على شركات مياه الشرب و الصرف الصحي و الكهرباء بعدم توصيل أية مرافق للمباني المخالفة حيث يقول محمود عبد العال عضو مجلس المحلى بالمحافظة أنه لابد من اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمواجهة هذه التعديات الصارخة التي وقعت في المحافظة و التي تسببت في ارتفاع كبير في أسعار مواد البناء و يؤكد د.عبد المطلب عبد الحميد مدير مركز البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أنه يجب أن يكون شعارنا خلال الفترة المقبلة الحفاظ على الرقعة الزراعية مهما كلفنا الأمر من جهد و يطالب بضرورة القضاء على ظاهرة ملايين الأمتار التي استولى عليها رجال الأعمال حتى نقضى على فكرة المحاكاة و تكون الإجراءات المتخذة ذات جدوى مضيفا أنه لا بد من استرداد الفرق في السعر للأرض التي استولى عليها حفنة من رجال الأعمال و إعادة استثمار هذه الأراضي في استصلاح مزيد من الأراضي الزراعية و بناء مشروعات قومية للإسكان لمساعدة محدودي الدخل و التقليل من الاعتداء على الأراضي الصالحة للزراعة فضلا عن طرح بدائل عدة و حصر الاحتياجات التي تحتاج إليها كل محافظة . و يوضح د.أسامة البهنساوي أستاذ الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة جامعة الأزهر أن استغلال الأراضي الزراعية تصرف ليس بجديد على سكان الريف و أمر اعتادوا القيام به في ظل وجود تطورات سياسية أو حالة حراك يترتب عليها انشغال أجهزة الشرطة و الأجهزة الرقابية بها مثل الانتخابات و غيرها و في المقابل تغفل الحكومة عن محاسبة هؤلاء . و يرى أن هناك فجوة في الأرقام بين ما اعلنته وزارة الزراعة عن حجم التعديات و بين الواقع الحالي لجميع التعديات التي تصل إلى ضعف الرقم المعلن ، على حسب تقديره . و يطالب الحكومة على أن تعمل على إزالة كل المخالفات وفقا للأمر العسكري الذي أصدر عام 1996 و الذي يجرم البناء على الأرض الزراعية . و يؤكد د. إبراهيم عبد العزيز أستاذ الأراضي الزراعية و مدير مركز الأراضي لحقوق الإنسان أن ما يحدث من تعد صارخ على الأراضي الزراعية هو أكبر معدل للمجتمعات العشوائية في تاريخ مصر و لم يسبق رصد آثار سلبية في فترة أزمات مشابهة لثورة 25 يناير و لم يحدث في 100 سنة فاتت .