المتأمل والمتابع لواقعنا العربي تحديدا والإسلامي تعميما يدرك الخلل في العلاقات المجتمعية والتوازنات البنيوية مما نجم عنه شروخ وقروح في الكيانات السياسية أخذ من مناعتها ونال من قدرتها وجعلها أسيرة الوهن والعجز وأضعف موقفها مع الخصوم والمناوئين والذين حولوا المفاوضات إلي مساومات والمطالبة بالحق إلي مزايدات ومرد ذلك ما يثيره المتذهب في العقيدة والاختلاف في الدين والتضاد في الرأي والصدام العرقي من شقاق وخلاف يقوض الوحدة ويشتت الجمع ويسمح بالاختراق ويستجلب الشرور والأخطار. وحالنا الراهن أقرب ما يكون مثلا بالمفلس أو البليد حيث لا ظهر ولا ظهير ففاقد الشيء لا يعطيه ومن أين يتأتي النصير إن لم يكن لدينا ومن بيننا عقلاء وحكماء يستجمعون ما انفرط ويصلحون ما تحطم ويستعيدون ما تشتت وما هو بالهين أو القليل بل يشتمل أوطانا عدة وأصعدة شتي من أبرزها قضية فلسطين ونذر التقسيم في العراق والسودان والصومال وصولا إلي اليمن ولبنان. والمطالع للمفاوضات أو قل المساومات الرخيصة التي تجريها إسرائيل مع السلطة الفلسطينية برعاية أمريكية لا تخرج عن كونها عبئا وهباء ومضيعة للوقت وإتاحة فرص جديدة للقمع والاستيطان ومضاعفة التهويد والتهديد لعرب فلسطين داخل إسرائيل وما تلعبه أمريكا لايزيد عن كونه خداعا للعرب وخضوعا لتوجيهات إسرائيل وتمرير التمكين حيث لا تتدخل لوقف تماديها ولا تفرض عليها أدني عقوبات رادعة بل تكتفي بالشجب السلبي والرفض الناعم وبما يشبه التدليل والتهليل السياسي ومن المؤسف أن قوي المواجهة الفلسطينية موزعة ومنقسمة علي نفسها وسمحت لإسرائيل بالاستمراء لتحقيق الحلم الصهيوني وتضييق الخناق علي الشعب الفلسطيني الذي يعاني ويلات التشرذم بين صفوفه والغرب فوق أرضه. والخسائر الباهظة المترتبة علي هذا التردي مزيد من الاستيطان والهيمنة علي ما تبقي من الكيان الفلسطيني الممزق والنازف بلا رحمة أو هوادة خاصة أن إسرائيل لم تقدم تنازلا يذكر ولم تتوقف عن العدوان قيد لحظة لتشكل المفاوضات بمردودها السلبي إفادات جاهزة ترتب خسائر باهظة يدفعها الشعب الفلسطيني ومعهم كل العرب فليس سوي الأمل الكاذب والوعود الزائفة والجهد المهدر والحقد السليب ونفس السيناريو قائم في العراق والصومال وقادم في السودان واليمن ويوشك أن تنضم له لبنان والجزائر حيث صراع القوي وصدام الشعوبية وعنف التيارات الدينية والسياسية التي أضرت بالإسلام ولطخت وجه الديمقراطية لكثرة ما نسبته إليها من ادعاءات أو قذفت إليها بافتراءات تخلت عن العقل والمنطق واستبد بها شيطان العنف والإرهاب.