يجب أن ننتبه إلى أن التطبيع هو ورقة الضغط "الشعبية" الأخيرة التى يمكن أن نناور بها إسرائيل "الرسمية" . والتطبيع ليس فقط كارت نلاعب به إسرائيل التى لاتترك أى فرصة للضغط علينا و(ملاعبتنا) إلا وتستغلها للحصول على مكاسب ، أية مكاسب ، ولكنه أيضا موقف نفسى للشعب المصرى الذى لا يمكن أن ينسى شهدائه الذين سقطوا فى الصراع العربى الإسرائيلى ربما حتى قبل إعلان الكيان الصهيونى فى عام 48. وأمس الاثنين وبعد ساعات من مغادرة رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو لمصر، استقبلت د. هالى مصطفى عضو نقابة الصحفيين ورئيس تحرير مجلة الديمقراطية فى مكتبها بمؤسسة الأهرام السفير الإسرائيلى شالوم كوهين ولا أعرف ما هو وجه الضرورة القصوى التى دعت د. هالة لأن تضرب بقرارات الجمعية العامة لنقابة الصحفيين التى تنتمى إليها ، والداعية لرفض التطبيع وأنشطته عرض الحائط. ربما شجع د. هالة هذا الفعل اعتمادها على موقف د. سعيد عبدالمنعم رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية العريقة التى تنتمى إليها وهو موقف غير رافض للتطبيع أو الاتصال بالإسرائيليين أو الأمريكان ، وهو فكر سائد وتوجه تصدر عنه كثير من أفعال الليبراليين الجدد فى مصر الآن ، هذا التيار الذى يقود التغيير من خلال ركوبه كثير من المناصب القيادية الآن . لكن د.عبد المنعم سعيد وفى ظل منصبه الجديد على رأس مؤسسة الأهرام تبرأ من فعل د. هالة وأعطى لها درسا متأخرا فى وجوب الفصل بين الآراء الشخصية والمواقف السياسية ومهام العمل، وبعد أن اجتمع د. عبد المنعم مع مستشاريه ورجال إدارته الجدد الذين تم تصعيدهم من مركز الأهرام للدراسات الذى شهد رحلة صعود د. عبدالمنعم نفسه حتى كرسى رئاسة مجلس الإدارة ، وبحث مجلس الحكماء عن مخرج للدكتورة هالة اكتشفوا أن لائحة المؤسسة لا تمنع استقبال ضيوف من أى جنسية أو انتماء سياسى مخالف ، وانتهى عبد المنعم سعيد ورجاله إلى قرار بعدم التصعيد مع د. هالة خشية ردة فعل المؤسسات الأممية والحقوقية والدبلوماسيون الأجانب.. .. وهكذا يا سادة وصل بنا الحال بعد أن سلمنا ذقننا بإيدينا للغرباء وموقف الأهرام وإدارتها يعكس بلا شك موقف أكبر حذر منه كثير من مفكرى هذا الوطن حين دعوا مرارا وتكرارا إلى عدم تنازل الدولة عن سيادتها حتى لا تتحول إلى دولة رخوة لاتملك فرض سيادتها على مواطنيها. وإذا لم تحاسب مؤسسة الأهرام د.هالة مصطفى على شقها لصفوف أبناء مؤسستها وأبناء المهنة التى تنتمى إليها فهى مؤسسة رخوة ، ولن يبق بعد ذلك إلا نقابة الصحفيين ، وكلامى هذا ليس من قبيل التحريض ضد د. هالة ولكن من أجل المحافظة على موقف أغلبية شعب مصر الذى لا يريد التفريط فى سلاح عدم التطبيع مجانا ، ومن أجل مصلحة هذا الوطن ، دون أية مزايدات أو كلام (حنجورى).