إبراهيم عبد المجيد روائي يتسم بالعذوبة والقدرة علي مراجعة ثوابته وثوابت الآخرين عندما يشعر بعدم الاطمئنان إليها ويخشي أن تجرفه في طريقها بعيدًا عن المنطق أو القيم الإنسانية العليا. من المؤكد أنه لا يطمئن لعدالة أو ربما لصحة الموقف الذي اتخذه عدد من المثقفين فيما يتعلق بالفيلم الفرنسي الذي أخرجته مخرجة إسرائيلية وترتب عليه انسحاب عدد كبير من المخرجين الشبان المصريين بعد أن مورست عليهم ضغوط شديدة وصلت إلي حد التهديد علي الأقل بتوجيه تهمة التطبيع الشهيرة إليهم، تلك التهمة التي ترتعد لها فرائص المثقفين هذه الأيام ومنذ سنوات طويلة. إبراهيم في يومياته الأخيرة علي صفحات هذه الجريدة (الأربعاء 21 أبريل 2010 ) يطالب بفتح باب النقاش حول موضوع التطبيع ويطرح أسئلة مهمة بالفعل وهي.. هل يمنعنا التطبيع من فهم عدونا؟.. هل فهم عدونا لابد أن يتم عن طريق التطبيع؟.. ما الطريقة التي تجعلنا نعرف ماذا يدور في عقل ووجدان الإسرائيليين دون أن نقع في فخ التطبيع؟ هل نسوي بين جميع المثقفين والفنانين الإسرائيليين؟ هل نظل بعيدين عن فلسطيني الضفة وغزة بسبب التطبيع؟ وهو يطلب أن تكون هذه الأسئلة وغيرها محور نقاش لمؤتمر اتحاد الكتاب العرب، تحت رعاية اتحاد الكتاب المصري باعتبار أن رئيسه هو رئيس اتحاد الكتاب العرب. غير أنه وهو يطرح أسئلته حرص علي القفز بعيدا عن سؤال مهم وهو.. ما جدوي عدم التطبيع مع إسرائيل وما المكاسب التي تعود علي المصريين والفلسطينيين من سياسة عدم إقامة علاقات ثقافية طبيعية مع إسرائيل أو في القليل مع الجناح المناضل هناك من أجل السلام؟ الواقع أن إبراهيم صادر علي المطلوب في اللحظة التي استخدم فيها مصطلح (العدو الإسرائيلي) منهيا بذلك النقاش الذي يطالب ببدئه، إذ ليس من المعقول عقلاً ومنطقًا مناقشة أي موضوع مع العدو إلا في ساحة الوغي (إيه رأيك في ساحة الوغي دي؟.. بذمتك مش حلوة.. ألا تذكرك بأغنية عبد الغني السيد, ياوغي ياوغي.. ارحمني يا وغي.. والنبي يا وغي) أو علي مائدة المفاوضات. أما عندما نقول: هلموا أيها السادة لمناقشة حكاية التطبيع في اتحاد الكتاب مع العدو الإسرائيلي فهذه درجة من الهزار جديرة بالتسجيل في موسوعة جينيس. في كل لحظة إبراهيم يحذر قراءه من أن يفهموا أنه مع التطبيع, كما حرص في كل لحظة كما تفعل الغالبية العظمي من المثقفين المصريين، علي التأكيد أنه ضد التطبيع، نفس التطبيع الذي يدعو الآخرين إلي مناقشته ومعرفة أبعاده. علي العموم يا أبوخليل، لنبدأ النقاش ولتكن محطة القيام بالنسبة لنا جميعا هي مصلحة المصريين والشعب الفلسطيني ومصلحة المنطقة نفسها. وهي نفس المحطة التي يتطلب ركوب القطار عندها أن يتسلح المسافرون بالغيرة الوطنية والإنسانية والإبداع وهو ما نسميه عادة روح المسئولية. لنبدأ حركة النقاش يا عزيزي إبراهيم فربما انضم لنا عدد من زملائنا الذين شعروا بالإجهاد من طول ممارسة الكذب وخداع النفس. دعني أحدثك عن قصة لابد أنها لفتت نظرك هذه الأيام، صحفية، كتبت تطالب ممثلة مصرية بأن تعلن أسفها لأن جدها يهودي مصري، وعلي الفور انبرت لها أصوات كثيرة تؤنبها بعنف لأن هذا الجد كان مناضلا مصريا لعب دورا مهماً في نضال المصريين ضد الاحتلال الانجليزي بل ضد قيام دولة إسرائيل ثم أسلم في نهاية الأمر. افرض يا إبراهيم أن جدها كان يهوديا مصريا فقط ليس مناضلاً ولم يشهر إسلامه، ماذا كان سيكون موقفنا من بسمة؟