كنت من أشد المطالبين بضرورة بذل كافة الجهود من أجل إذاعة مباريات المسابقات العالمية للساحرة المستديرة كرة القدم خاصة تلك التي يشارك فيها منتخبنا القومي . انتقدت أكثر من مرة تقاعس التليفزيون المصري عن توفير هذا المطلب للجماهير المصرية التي تجد متعتها وسعادتها في متابعة مثل هذه المباريات . ناديت - علي ضوء عدم قدرة الدولة علي تحمل عبء الاتاوة المالية للحصول علي حق الإذاعة - بمساهمة رجال الأعمال المصريين - الذين يضعون أيديهم علي المليارات ومئات الملايين من الجنيهات التي حققوها من الأرباح التي دفعتها لهم تلك الجماهير - لشراء منتج استغلالهم واحتكارهم سواء كانت خدمات أو سلع . اكتشفت ان لا حياة لمن تنادي وان لا أحد من هؤلاء السادة علي استعداد للاقدام علي هذه الخطوة . والاستثناء الوحيد كان رجل الاعمال نجيب ساويرس الذي أخبرني تليفونيا في ذلك الوقت انه حاول ولكنه فشل في اقناع شبكة » أيه . آر . تي .« صاحبة الامتياز في الشرق الأوسط بسبب تقديمه طلب الحصول علي هذه الخدمة لصالح جماهير مصر بعد فوات الأوان نتيجة علمه متأخرا عن تغاضي التليفزيون المصري عن الاتفاق علي إذاعة المباريات . وتجنبا لما حدث في كأس العالم أجري اتحاد التليفزيون مباحثات ناجحة مع شبكة » أيه . آر . تي .« في نهاية العام الماضي من أجل الحصول علي حق إذاعة مباريات بطولة العالم للشباب وكذلك مباريات كأس العالم للمنتخبات التي تأهلت لهذه البطولة والتي ستقام بعد شهور قليلة في جنوب افريقيا . يبدو ان هذا الاتفاق اصبح في خبر كان بعد شراء الجزيرة لقنوات أيه . آر . تي . الرياضية وبعد خروج منتخبنا من البطولة . لا جدال ان انتقال ملكية قنوات » أيه . آر . تي .« الرياضية إلي الجزيرة استهدف في المقام الأول محاولة التسلط علي قطاع عريض من مشجعي الكرة . هذا الموقف كان متوقعا من هذه القناة الموصومة بالعداء لمصر . كان محور هذه الخطوة استخدام سلاح المال في انهاء هذه الصفقة وهو السلاح الذي تعودت قطر علي استخدامه في كل الأمور بحثا عن دور لا يتناسب مع مقوماتها وإمكاناتها كدولة، اعتقدت ان نجاحها في السيطرة علي احتكار حق إذاعة مباريات هذه اللعبة الشعبية سوف يتيح لها الفرصة ليطفو اسمها علي السطح ليجعل منها كيانا مهما . كانت أعينهم في هذا التحرك علي الجمهور المصري ولكن لانهم يتمتعون بسوء التقدير وجهلاء بالشخصية المصرية لم يدركوا ان الشعب المصري لن يقبل بالابتزاز ولن يستسلم للضغوط وانه يرفض هذا الاسلوب الممجوج حتي لو أدي ذلك إلي الاستغناء تماما عن مشاهدته مباريات مسابقة أنجولا الافريقية . لم يكن خافيا من الوهلة الأولي الهدف من وراء هذا التعنت من جانب شبكة الجزيرة وهو ما يعكس الرغبة في تحميل التليفزيون المصري مسئولية عدم اذاعة مباريات كأس الامم الافريقية في انجولا . جاء ذلك في المباحثات التي جرت حيث بالغوا ليس في القيمة المطلوبة لاعطاء جانب من حق الإذاعة لتليفزيون مصر فحسب ولكن في فرض الشروط فيما يتعلق بتحديد المباريات المسموح باذاعتها . لقد طلبوا 9 ملايين دولار أي ما يقارب ال 55 مليون جنيه لاذاعة عشر مباريات دون السماح لمصر بالاختيار بينها ونتيجة لهذا الموقف المؤسف الذي يُجسد النية المبيتة في وضع المعوقات امام الاتفاق كان من الطبيعي ان تصل المباحثات إلي طريق مسدود وفقا لما أعلنه أسامة الشيخ رئيس الاتحاد المصري للإذاعة والتليفزيون . ورغم صدمتي - ومعي الملايين من أبناء مصر الذي كان يسعدهم متابعة ومشاهدة مباريات المنتخب المصري علي الهواء - الا انني وانطلاقا من الانتماء الوطني والاصرار علي عدم الرضوخ لهذا الابتزاز القطري فانه لا يسعني سوي ان أحيي اتحاد الإذاعة والتليفزيون علي موقفه . كان لابد ان تدرك قناة الجزيرة مدي القدرة المصرية علي التحدي وعدم القبول بالانتهازية وان تدرك ان التآمر لحرمان المصريين من مشاهدة مباريات كأس الأمم الافريقية لن ينال ابدا من مكانة وعظمة بلدهم وان المال لا يمكن ان يصنع من الاقزام عمالقة . ولتهنأ هذه القناة ذات الأهداف المريبة بمباريات الأمم الافريقية . ان هذا الموقف من جانب قناة قطر لن يكون عقبة بأي حال أمام متابعة جماهير الكرة المصرية لهذه المباريات بطرقها الخاصة يجب عليها ان تدرك من هم وراء هذه الأزمة ان المال الذي اشترت به الجزيرة حق احتكار هذه المباريات لن يجعل منها أبدا الشيء الذي تتمناه .