الشركاء الأعداء استقبل المصريون اشاعة زيارة الرئيس الروسى بوتن بالترحاب باعتباره هو المخلص والمنقذ لمصر من الاستبداد الامريكى جاء ذلك بعد تصريحاته باحترام الثورة المصرية وتأكيده ان اى تدخل فى شئون مصر هو معاداه لروسيا نفسها . ولم يأتى ذلك من فراغ بل يمكن اعتباره جزء من سباق التاريخ بين روسياوالولاياتالمتحدهالامريكية او حرب بارده جديدة بين البلدين فمنذ عام 1945 وحتى تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 كانتا الاتحاد السوفيتي والولاياتالمتحدةالأمريكية القوتان العظمتان المسيطرتان على الأجندة الدولية بكل جوانبها سواء الاقتصادية أو تلك المتعلقة بالشئون الدولية لباقي الدول وحتى العمليات العسكرية التي تشنها باقي الدول على بعضها البعض إضافة إلى التبادل الثقافي والتقدم العلمي الشامل خاصة في مجال أبحاث واستكشاف الفضاء حتى امتدت السيطرة لمجال الألعاب والمسابقات الدولية مثل الألعاب الأوليمبية وبطولات العالم في الرياضات المختلفة أدت الاختلافات الايديولوجية بين الاتحاد السوفيتي والولاياتالمتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بقليل إلى حدوث مواجهة حقيقية حيث تنامى الوزن السياسي للأتحاد السوفيتي وظهر عدد كبير من الدول السائرة في النهج الاشتراكي في أوروبا الشرقية ومن ثم في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية مما أدى إلى تنامي المخاوف في البلدان الغربية (ولاسيما في الولاياتالمتحدة وبريطانيا). وبدأت في الولاياتالمتحدة نفسها هستيريا معاداة الشيوعية اي ما يسمى " صيد الأشباح". لكن لم تحدث عمليات عسكرية رسميا بين الاتحاد السوفيتي والولاياتالمتحدة. فيما أصبحت النزاعات المسلحة التي اندلعت في العالم أجمع ميدانا للمواجهة بين الدولتين. و بعد تدهور الأوضاع في الاتحاد السوفيتي و أعلان تفككه عام 1991 اصبحت الولاياتالمتحده القطب الاوحد المسيطر على العالم . أما عن علاقة مصر بهذا السباق التاريخى بين البلدين فهى علاقة وثيقة باعتبار مصر المدخل الرئيسى للشرق الاوسط فقد بلغت العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا ذروتها في فترة الخمسينات – الستينات من القرن العشرين حين ساعد آلاف الخبراء السوفيت مصر في إنشاء المؤسسات الإنتاجية، وبينها السد العالي في أسوان ومصنع الحديد والصلب في حلوان وغيرها ولكن فى فترة الحرب البارده فضلت مصر ان تكون من دول عد الانحياز الى اى من الطرفين فكانت مؤسس رئيسى للحركة وشهدت العلاقات توترا في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات وانقطعت تماما حتى سبتمبر 1981 واستبدلت بالعلاقات المصرية الامريكية التى بلغت قمتها فى السنوات الاخيرة من حكم السادات وخصوصا بعد أن وافق من حيث المبدأ على منح الولاياتالمتحدة قاعدة عسكرية في رأس بنّاس وبدأ يُفصح علنا عن رغبته في أن تصبح مصر عضوا في حلف شمال الأطلنطي. وبدأت مصر بممارسة سياسة الانفتاح بعد الحصول على تعهدات أمريكية بتقديم المساعدة لها. وأدت هذه السياسة إلى انسحاب المستشارين والخبراء السوفيت من هذا البلد في منتصف السبعينات. وما لبثت هذه العلاقات أن تطورت حتى أصبحت مصر تحتل المركز الثاني في قائمة الدول التي تتلقي معونات عسكرية أمريكية بعد التوصل إلى اتفاق بين البلدين يتم بمقتضاه تنفيذ خطة تطوير القوات المسلحة المصرية، والذي أصبحت مصر بموجبه من بين الدول التي تستطيع الحصول علي قروض أمريكية لشراء سلاح أمريكي وهي القروض المعروفة باسم قروض المبيعات العسكرية الأجنبية. وخلال سنوات قليلة استطاعت مصر أن تطور علاقات خاصة مع الولاياتالمتحدة ومنذ عام 1978 أصبحت الولاياتالمتحدة بمثابة شريك كامل في العلاقات المصرية ال"إسرائيلية" والمصدر الرئيس للأسلحة وأكبر مانح للمساعدات الاقتصادية لمصر الأمر الذي زاد من حدة الانتقادات الداخلية والعربية التي تعرض لها النظام المصري من جراء ذلك إلى حد وصفه بالعمالة للولايات المتحدة، رغم أن إحدى الدراسات التي أجريت حول العلاقات المصرية الأمريكية خلال الثمانينيات أظهرت أن هناك درجة يعتد بها من الاستقلالية أظهرها نظام مبارك في مواجهة الولاياتالمتحدة لكن رغم ذلك فقد كان الخطأ الاستراتيجي على صعيد العلاقات الأمريكية المصرية - منذ أن أعلن السادات أن 99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا- أن تم النظر لتلك العلاقات ليس من المنظور الثنائي بين الدولتين بل من منظور علاقة ثلاثي (الولاياتالمتحدة- "إسرائيل"- مصر) بكل ما تحمله تلك الكلمة من معنى إذ برزت "إسرائيل" كطرف ثالث ربما كان هو المحدد الرئيس في مستوى العلاقات بين الدولتين، ولقد أعطى هذا الوضع غير المرغوب فيه ثقلا ل"إسرائيل" على حساب مصر التي سرعان ما أدركت أنها الطرف الأضعف في تلك العلاقة الثلاثية بالغة الخطورة على مواقفها. وبعد ثورة 30 يونيو وانكشاف الغطاء عن الموقف الامريكى ومساندته للارهاب داخل مصر كان لابد من ظهور المنافس القوى لامريكا وهو روسيا لاستكمال الصراع التاريخى بين الدولتين واستئناف الحرب البارده ولكن لابد من العلم ان الثورة المصرية قامت لا لتكون سبب فى تمجيد قوة على حساب الاخرى أو استبدال المعونات الامريكية بمعونات روسية ولكن هذه الثورة قامت لتدخل مصر فى عهد جديد تتمتع فيه بالاستقلال التام وتستمد فيه قوتها من سواعد ابنائها وليس من اى قوة خارجية وان تبنى علاقاتها على التكافؤ واحترام الدول المسانده لها .