بدأت النيابة العامة المصرية، التحقيق مع أحمد قذاف الدم، منسق العلاقات المصرية الليبية في عهد الرئيس الليبي السابق معمر القذافي وابن عمه، في اتهامه في قضايا فساد مالي. ويتولى التحقيقات مكتب التعاون الدولي في النيابة العامة، وذلك بعد قليل من إلقاء مكتب الإنتربول (الشرطة الدولية) في القاهرة القبض على قذاف الدم، والسفير الليبي السابق علي ماريا، وأحد المسؤولين عن المشروعات المالية للقذافي محمد منصور، بناء على طلب قضائي من السلطات الليبية، في مكتب النائب العام. ومن غير المعروف ما إن كانت ستنتهي التحقيقات إلى تسليم قذاف الدم إلى السلطات الليبية، أم بحبسه في مصر؛ نظرا لاحتمال توجيه اتهام له بارتكاب جريمة على أرض مصر، وهي حيازة أسلحة بدون ترخيص في مسكنه عند القبض عليه اليوم. وكانت مجموعة من قوات الأمن التابعة للأمن العام توجهت الساعة الثانية فجرًا نحو منزل قذاف الدم في حي الزمالك الراقي بالقاهرة، لمحاصرته، وبصحبتها قوات من العمليات الخاصة ووفد قضائي يمثل النائب العام المصري، ووفد آخر يمثل وزارة الخارجية المصري، بهدف القبض عليه، وبعد فترة من المقاومة وتبادل حراس قذاف الدم إطلاق النار مع قوات الأمن، وقع في يد تلك القوات. وبحسب ما قاله أحد الضباط في القوة المكلفة بالقبض على قذاف الدم، فإن الأخير فاجأ قوات الشرطة بتوجهه نحوهم من الجراج، وليس الباب الرئيسي للعقار الذي يقطن فيه، وقام بتحية جميع العاملين فيه، وركب في إحدى سيارات السفارة الليبية التي كانت في انتظاره وليس سيارات الشرطة، وهو مبتسم، ويقول "إني برىء". وسبق أن قدمت السلطات الليبية طلبات إلى القاهرة للقبض على عدد من رموز النظام الليبي السابق الذين فروا إليها عقب اندلاع الثورة السورية في فبراير 2011، وبينهم قذاف الدم. وسادت أجواء من التوتر في العلاقات بين البلدين على خلفية عدم استجابة القاهرة لمطلب طرابلس لفترة؛ حيث انتقد الناطق الرسمي باسم النائب العام في ليبيا، طه بعرة، ما وصفه بعدم استجابة القاهرة لهذه الطلبات. وكانت مصادر سياسية مصرية تشير في ذلك إلى أنه يلزم وجود أحكام قضائية أو أدلة قانونية تدينهم لتسليمهم، كما أن عددًا منهم يحمل الجنسية المصرية أو يتمتع بحق اللجوء السياسي. وانعكس هذا التوتر على تجميد عدد من الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، بينهما اتفاقية الحريات الأربع، التى تتضمن حرية العمل والتنقل والتملك والاستثمار. وزاد من هذا التوتر شكوى عدد من العاملين المصريين في ليبيا من تعرضهم للاعتقال والتعذيب، وهو ما تنفيه السلطات الليبية. وقبل القبض على قذاف الدم، قال مصدر أمني رفيع المستوى إن "مصر بصدد القبض على أحمد قذاف الدم، وتسليمه للقضاء الليبي، على خلفية اتفاق عقد بين الجانبين المصري والليبي". وأوضح المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه لحساسية منصبه، إن "القبض على قذاف الدم يأتي في إطار اتفاق بين الجانبين المصري والليبي تم أثناء زيارة رئيس الوزراء الليبي علي زيدان ولقائه برئيس الوزراء المصري هشام قنديل في القاهرة مؤخرًا، حيث اتفقا على حل العديد من الملفات الأمنية ومنها تسليم ما يصل إلى 21 من أبرز الأسماء المحيطة بنظام االقذافي والمتواجدة بمصر". وأوضح أن النائب العام الليبي سلم ملفات أمنية تخص تلك الأسماء لنظيره المصري على مدار الأشهر الستة الماضية تثبت تورطهم في أنشطة تخريبية داخل ليبيا".