القدس - خاص ل"مصر الجديدة" - تمارس الولاياتالمتحدة في الأيام الأخيرة ضغوطا كثيفة على الاتحاد الأوروبي، ولا سيما على وزراء الخارجية في الاتحاد المجتمعين في بروكسل، بشأن إدراج منظمة حزب الله اللبنانية في قائمة المنظمات الإرهابية، وفي ذلك تغيير التوجه السائد في أوروبا نحو حزب الله. ويأتي هذا الضغط من قبل الولاياتالمتحدة، ودول أخرى منها إسرائيل وبريطانيا وهولندا، في أعقاب نتائج التحقيق البلغاري الذي يشير إلى تورط المنظمة المدعومة من قبل إيران في تفجير حافلة في مطار بورغاس، والذي خلف مقتل 5 إسرائيليين ومواطن بلغاري، وإصابة العشرات. وتوجه مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي، توم دونيلون، أمس الاثنين، من خلال صفحات جريدة "نيويورك تايمز"، إلى الدول الأوروبية داعيا إياها إدراج حزب الله في قائمة المنظمات الإرهابية، مشيرا إلى أن التحقيق البلغاري في قضية تفجير الحافلة في بورغاس: "يثبت مرة أخرى ما يحاول حزب الله إخفاءه- أنها منظمة متورطة بعمليات إرهابية عالمية ضد مدنيين". وكتب دونيلون في المقالة " لا يمكن أن تستمر أوروبا في غض النظر عن التهديد الذي توجهه حزب الله إلى القارة الأوروبية"، مطالبا الاتحاد الأوروبي بأن يبدد الوهم حول حزب الله، أنها منظمة سياسية تدافع عن لبنان.
وأرسل كذلك 111 عضوا في الكونغرس الأمريكي، منسوبون إلى الحزبين، الديموقراطي والجمهوري، رسالة لمنسقة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاترين أشتون، مطالبين العمل على وضع المنظمة الشيعية على قائمة المنظمات الإرهابية. وورد في الرسالة أن أعضاء الكونغرس: "يخشون من أن الفشل في إدراج حزب الله في قائمة الإرهاب سيفسح المجال، بل سيشجع المنظمة (حزب الله) على استغلال انعدام الوحدة في الاتحاد الأوروبي، ومن ثم سيتجرأ على شن هجمات إضافية ضد مدنيين".
وصرّح وزير الخارجية البلغاري، نيكولاي ملادينوف، أمس، قبل دخوله إلى الجلسة مع نظرائه في بروكسل، لإطلاعهم على نتائج التحقيق، قائلا: "ما زلنا نعتقد أن الهجوم على بورغاس نُظم على يد أشخاص مرتبطين بالجناح العسكري لحزب الله". وتابع وزير الخارجية: "نحن في أوروبا بحاجة إلى اتخاذ تدابير جماعية تضمن أن لا تحدث هجمات من هذا النوع على أرضي الاتحاد الأوروبي".
إلى ذلك، انتهى لقاء وزراء الخارجية ال27 في الاتحاد الأوروبي، من دون اتخاذ قرار نهائي بشأن مكانة حزب الله، رغم الإجماع على أهمية اتخاذ تدابير ضد المنظمة. وتمحور النقاش في الاجتماعات حول ثلاث خيارات، الأول هو إدراج المنظمة الشيعية في قائمة الإرهاب التابعة للاتحاد الأوروبي، والثاني هو إدراج الجناح العسكري في المنظمة في قائمة الإرهاب، والأخير يتحدث عن فرض عقوبات على عناصر في المنظمة.
يذكر أن بريطانيا وهولندا هما الدولتان الوحيدتان اللتان أدرجتا المنظمة في قائمة الإرهاب التابعة لهما. وحتى الآن برّر الاتحاد موقفه من عدم إدراج حزب الله كمنظمة إرهابية، مدعيا أن الأمر سيؤدي إلى ضعضعة استقرار الحكومة اللبنانية. وقد أوعزت الخارجية الإسرائيلية سفرائها في دول الاتحاد الأوروبي إلى التوجه بصورة عاجلة إلى أهل القرار في العواصم الأوروبية لمطالبتهم بدعم نتائج التحقيق البلغاري.
وفيما يتعلق بحزب الله، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الخبر أن مسؤولين من حزب الله، والتي شوهد مقاتلوها قبل يومين يحاربون الثوار السوريين على الحدود اللبنانية – السورية، مظهرين بذلك اصطفاف المنظمة وراء بشار الأسد بصورة علنية- صرحوا لجريدة كويتية بأن "المنظمة على أهبة الاستعداد للتضحية بالمزيد من المقاتلين من أجل التصدي لقوات المعارضة في سوريا". وقد اتهم الجيش الحرّ حزب الله وإيران بالضلوع في قمع الشعب السوري مع النظام، وصدر عن قيادته أنه سيتعامل مع عناصر حزب الله كمرتزقة.
وأعرب محللون سياسيون في لبنان عن قلقهم بشأن الدور الذي تقوم به حزب الله في المشهد السوري، خاصة أن الحكومة اللبنانية تشدد على سياسة النأي بالنفس إزاء الثورة السورية، وقال بعضهم إن حزب الله يورط الدولة اللبنانية ليس في ضلوعه في المشهد السوري فحسب، إنما لتورطه الآن في الساحة الأوروبية واحتمال إدراجه في قائمة المنظمات الإرهابية، وهو، أي حزب الله، ضلع في الحكومة اللبنانية الراهنة.