لاشك أن الحوار سمة من سمات الديمقراطية، ورقى الشعوب، وحرص الأشخاص على اكتمال الرأي، والوصول إلى افضل الحلول، فالحوار منهج لكل صاحب رأى يعتقد أن له أهداف، وله رؤية تخص المواقف يسعى من أجلها، ولا يعتبرها الوحيدة التي يجب طرحها والأخذ بها، وإنما لتكون ضمن الرؤية الشاملة، لما يتفق عليه كل المتحاورين، واذا كان هذا الحوار يتعلق بالوطن، واذا كان الحوار في أوقات الخلاف الشديدة، وتباعد الآراء ، فانه يصبح له قيمة اكبر، وأهمية اعظم، وكل ذلك يتوقف على مواقف أصحاب المواقف في المقدرة على التواصل وإيجاد منطقة الحلول الوسطى التي يرضى عنها الأطراف جمعياً، وتحقق الهدف الاسمى، مصلحة الوطن العليا، ونبذ الذاتية، فيتحقق أهداف الجميع، ويتحقق هدف الوطن في مشاركة كافة الأطراف في بناء وطن قوى يشارك فيه أبناءه، ويطرحون أفكارهم في هذا البناء، وعندما يكون رئيس الدولة من دعي إلى الحوار واستعداده للاستماع للجميع بهدف مشاركة كل التيارات والأشخاص السياسية في القرار، تصبح الدعوة ذات قيمة خاصة، وهادفة ، ويكون على الجميع الاستجابة للدعوة، فهي من اجل الوطن والمشاركة بفاعلية في استقراره. إن ما حدث من دعوة الرئيس للحوار وأن كل الأمور السياسية مطروحة دون سقف للحوار، يعتبر مكسب أنتجته الثورة المصرية، وأنه اصبح لدينا رئيس يفكر بعقل منفتح على الجميع ، غير مستبد بقراراته، حتى لو كان صحيحا في وجهة نظر الكثيرين، وكانت نتيجة الحوار الوطني بين الرئيس والشخصيات المشاركة شهادة ثقة لإخلاصهم لوطنهم ، بعد هذا الحوار العظيم، الذى دار بين الرئيس والشخصيات الوطنية الشامخة التي حضرت الحوار، والذى وضح أن الرئيس اثبت انه فعلا رئيساً لكل المصريين، مخلصاً لوعده، اعلى مصلحة الوطن واستقراره، واستجابة لمطلب الشركاء في الوطن، وأثبتت تلك الشخصيات أن مصر بها معارضة مخلصة تسعى لمصلحة مصر فوق مصالحها الشخصية، وأن نتيجة هذا الحوار ستكون شهادة ثقة للرئيس والمشاركين على إخلاصهم، وشهادة على أن هناك شخصيات أخرى لم تستجيب لدعوة الحوار أثرت مصالحها الشخصية ومخططاتها التي اتفقت عليها مع غيرها ولا يمكنها التنازل عنها لأنها تسعى لنفسها وتحقيق مكاسب سياسية، خاصة الوصول للسلطة، بأي وسيلة حتى بالانقلاب على رغبات المصريين وأصواتهم الانتخابية، إلا أن ذلك المكسب لكى يكتمل لابد من الكشف عن من ارتكبوا جرائم البلطجة في حرق المقرات الحزبية والسعي لإحداث فوضى بالمجتمع وإثارة الفتنة بين أطيافه، فهذا حق المصريين وحق الشهداء الذين سقطوا بتلك الأيدي المجرمة، وما حقيقة تمويل تلك الشخصيات من الخارج وتعاونهم من دول وأجهزة مخابراتية لإسقاط الدولة، وكما وثقنا في رئيس الدولة ، وقد تحققت رؤيتنا في نزاهته وسعيه لجعل مصر دولة عصرية متقدمة عادلة قانونية ، أمام المخابرات ورجال الداخلية والقضاء فرصة عظيمة لتنال نفس الثقة من المصريين، من خلال المساعدة والكشف عن حقيقة ما تم من إجرام وما تناولته وسائل الإعلام عن مخططات ترتبط ببعض الشخصيات، حتى تكتمل الصورة لدى المصريين فيما حدث منذ إعلان الرئيس قراراته الأخيرة وحتى نتيجة هذا الحوار البناء الذى أسس لدولة الحوار والمشاركة، تحية للرئيس وللنخبة التي شاركت، وهو إنجاز لكل المصريين الشرفاء ونجاح للثورة. إن نتائج الحوار الوطني إيجابية وتحقق الهدف منه، في الوصول إلى قرارات متفق عليها من كل المصريين، أما من فضلوا عدم الحضور، فهذا ليس شيئاً مزعجاً أو مقلقاً، فهو طبيعي للغاية، فلا يمكن تصور في ظل الديمقراطية أن يكون الجميع متفق ، لكن الأهم هو أن تكون الأغلبية متفقة، كما في كل دول العالم، وأن تكون هناك معارضة تستخدم الوسائل القانونية للتعبير عن رفضها، لكن يجب أن يكون الحفاظ على الوطن وتماسكه وعدم زعزعة استقراره الخط الأحمر الذى لا يمكن أن تتخطيه أي قوة سياسية، فاصبح الآن أمام المصريين فرصة تاريخية للتعبير عن آرائهم في الدستور الذى سيكون حكما بينهم، ومن ثم تسير الدولة في الطريق الطبيعي نحو الاستقرار والبناء. د.سرحان سليمان الكاتب الصحفي والمحلل السياسي والاقتصادي