الكويت - قال الموجز الاقتصادي لبنك الكويت الوطني عن اسواق النفط وتطورات الميزانية انه على الرغم من تنامي المخاوف حيال قوة الاقتصاد العالمي، صمدت أسعار النفط بشكل جيد اجمالا طوال شهر أغسطس وفي بداية شهر سبتمبر. وفي حين تراجع سعر برميل النفط الكويتي بحوالي 10 دولارات ليصل الى ما دون 100 دولار في بداية أغسطس، فقد استطاع تعويض معظم خسائره تقريبا مع نهاية الشهر. وارتفعت كذلك أسعار النفط العالمية الاسنادية الرئيسة: فارتفع سعر نفط غرب تكساس المتوسط بمقدار 10 دولارات ليصل الى 89 دولارا، فيما قفز سعر نفط برنت بمقدار 15 دولارا ليصل الى 118 دولارا مع بداية سبتمبر، وهو أعلى مستوى له منذ ستة أسابيع. ويمكن ربط تماسك أسعار النفط بالعديد من العوامل: أولا، يبقى المعروض من النفط قليلا. ورغم ان أوبك رفعت المعروض من النفط بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا ما بين شهري ابريل ويوليو، بقي تأثير ذلك على الأسعار محدودا لعدد من الأسباب، منها تأخر الزيادة في انتاج أوبك عقب خسارة الانتاج الليبي في بداية هذا العام، وساهمت هذه الزيادة بتقليص قدرة أوبك الاحتياطية من النفط، وبالتالي مقدرتها على الاستجابة لصدمات مستقبلية.كما ان جزءا من هذه الزيادة على الأقل استهلكته دول الخليج محليا خلال الارتفاع الموسمي في الاستهلاك. كما يتوقع ان يولد ضعف الاقتصاد العالمي ضغطا نحو المزيد من التوسع في السياسات النقدية والمالية حول العالم.وفي المدى القصير على الأقل، قد يمنح ذلك دعما للسلع بين المستثمرين والمضاربين.فقد بلغ الذهب، مثلا، سعرا قياسيا للأونصة وصل الى 1900 دولار في شهر أغسطس، ويردّ ذلك على الأغلب الى التوقعات بتنفيذ البنوك المركزية لجولة جديدة من التسهيل الكمي. وعلى الرغم من التوقعات بأن يكون الطلب العالمي على النفط متواضعا هذا العام، الا ان بعض المحللين قاموا بخفض توقعاتهم على نحو اضافي.وقد أبقى مركز دراسات الطاقة الدولي توقعاته لنمو الطلب على النفط في العام 2011 على حالها عند مستوى 0.9 مليون برميل يوميا (%1.0) ولكن تلك كانت أصلا احدى أكثر التوقعات تشاؤما في الأسواق. وخفضت الوكالة الدولية للطاقة توقعها للعام 2011 بمقدار 0.1 مليون برميل يوميا ليصل الى 1.2 مليون برميل يوميا (%1.4)، ولكنها تسلّم بأن تراجع النمو الاقتصادي قد يدفعها لخفض توقعها بنمو الطلب على النفط الى 0.9 مليون برميل يوميا، أي مثل توقع مركز دراسات الطاقة الدولية. ورغم تراجع الطلب على النفط بشكل كبير في منتصف العام، من المتوقع ان يلاقي هذا الطلب بعض الدعم خلال النصف الثاني من العام 2011 نتيجة تلاشي بعض العوامل الخاصة في الصين التي قلصت نمو الطلب في النصف الأول، وأيضا نتيجة طلب أقوى بسبب احتياجات اعادة البناء وتوليد الطاقة في اليابان. ويتوقع المحللون ان يرتفع نمو الطلب الى ما بين 1.3 و1.6 مليون برميل يوميا في العام 2012. وبقيت توقعات مركز دراسات الطاقة الدولية لتلك الفترة ايضا الأكثر تشاؤما. وتظهر البيانات الأخيرة ان انتاج أوبك الخام استمر في الارتفاع في شهر يوليو، ليصل الى أعلى نقطة في الدورة حتى الآن.وارتفع انتاج أوبك باستثناء العراق بمقدار 431.000 برميل يوميا ليصل الى 27.39 مليون برميل يوميا، جاءت بمعظمها من السعودية وأنغولا. وقد أضاف منتجو أوبك الثلاثة الأساس من دول الخليج – السعودية والكويت والامارات العربية المتحدة – ما مجموعه 1.46 مليون برميل يوميا منذ شهر يناير، معوضين تقريبا بذلك الخسارة في الانتاج الليبي البالغ 1.53 مليون برميل يوميا. وعلى الرغم من ان مجموع انتاج أوبك سيرتفع على الأرجح بمقدار 0.3 مليون برميل يوميا في العام 2011، فان احتمال حصول قفزات كبيرة جديدة في عرض أوبك من النفط مازال غير واضح. وتملك السعودية معظم القدرة الاحتياطية لأوبك والبالغة 4-3 مليون برميل يوميا، ولكن الانتاج السعودي– البالغ 9.7 ملايين برميل يوميا في شهر يوليو– هو عند مستويات لم يتم اختبارها بعد، وقد تكون على الأرجح قريبة من الحد المستدام الأقصى الذي ترتاح اليه السلطات السعودية. ويتوقع ألا يعود الانتاج الليبي الى الأسواق الا تدريجيا وعلى مدى سنوات عدة.وقد يقدم العراق الأمل الأفضل حاليا لزيادة كبيرة في العرض في المدى المتوسط، مع احتمال ضخ 0.3 مليون برميل اضافياً باليوم في نهاية هذا العام ومليون برميل آخر يوميا مع نهاية العام 2012. وخارج أوبك، يتوقع ان يرتفع عرض النفط بمقدار 0.8 الى 1.0 مليون برميل يوميا هذا العام، بدعم من حوالي 165.000 برميل يوميا من الاحتياطي الاستراتيجي للوكالة الدولية للطاقة وما يصل الى 0.5 مليون برميل يوميا من سوائل الغاز الطبيعي من دول أوبك. ويتوقع ان تكون الزيادات في عرض الدول من خارج أوبك (بالاضافة الى سوائل الغاز الطبيعي من دول أوبك) أعلى بقليل في السنة القادمة، بمقدار 1 الى 1.5 مليون برميل يوميا، حتى قبل اقتطاع تأثير عرض احتياطي الوكالة الدولية للطاقة. ويبدو ان التغيرات الاجمالية في الطلب والعرض في العام 2011 كانت متساوية على الأرجح، ما يشير الى ان أساسيات السوق قد بقيت على حالها نوعا ما هذا العام مقارنة بالعام الماضي. والجدير بالذكر هنا ان العرض كان يجب ان يتجاوز الطلب هذا العام من أجل تفادي اعادة السحب من المخزون كما حصل في العام الماضي، في حين تقلص فائض الاحتياط لدى أوبك – ويعتبر هذان الأمران داعمين للأسعار. وفي سيناريو أول، قد تتراجع أسعار النفط أكثر مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، قبل ان تستقر في العام القادم.حينها، سينخفض سعر النفط الكويتي الى ما دون 100 دولار للبرميل في بداية العام 2012، وسيستقر بعد ذلك، ربما بمساعدة خفض الانتاج في أوبك بهدف ضمان بقاء أسعار النفط عالية بما يكفي لتنفيذ خطط الانفاق بحسب ميزانيات الدول الأعضاء. وفي سيناريو بديل، فان التراجع في النمو الاقتصادي العالمي في النصف الثاني من العام 2011 – نتيجة عودة اقتصادات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الى الركود مثلا – يقلّص النمو في الطلب العالمي على النفط الى حوالي 0.6 مليون برميل هذا العام و0.7 مليون برميل يوميا في العام 2012. وفي هذه الحالة، سيتراجع سعر النفط الكويتي الى حوالي 70 دولارا للبرميل في بداية العام 2012، مسببا على الأرجح خفضا كبيرا في انتاج أوبك خلال الربع الأول من العام. ومن ناحية أخرى، قد ترتفع الأسعار اذا ساعدت الاجراءات المتخذة في الدول المتقدمة على انعاش النمو الاقتصادي في أوروبا وأمريكا، ما قد يضيف نحو 0.3 الى 0.4 مليون برميل يوميا الى نمو الطلب في عامي 2011 و2012 على التوالي. وفي غياب أي تغير يذكر في انتاج أوبك، قد يقفز سعر النفط الكويتي من 114 دولارا في الربع الثالث من العام 2011 الى ما يربو على 135 دولارا مع حلول الربع الأول من العام 2012. ووفق هذه السيناريوهات الثلاثة المذكورة أعلاه، يتراوح معدل سعر برميل النفط الكويتي ما بين 92 دولارا و121 دولارا في السنة المالية 2011/2012، أي بزيادة قدرها %12 الى %47 مقارنة مع السنة السابقة. وتعتبر هذه الأسعار أعلى بكثير من السعر المفترض في توقعات الميزانية البالغ 60 دولار للبرميل.واذا جاءت المصروفات الحكومية أقل من تلك المعتمدة في الميزانية بما بين %5 الى %10، كما يتوقع،، فان الميزانية ستشهد فائضا يتراوح ما بين 4.0 و13.6 مليار دينار قبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة، وذلك على خلاف العجز المفترض في الميزانية والبالغ 6 مليارات دينار.وبذلك سيكون هذا الفائض هو الفائض الثالث عشر على التوالي في ميزانية الكويت.