افتتح قادة منطقة اليورو اليوم الخميس قمتهم الاستثنائية الحاسمة في بروكسل بهدف التوصل الى خطة ثانية لمساعدة اليونان. واعلن رئيس الاتحاد الاوروبي هرمان فان رومبوي ان "غداء العمل بدأ للتو"، حوالى الساعة 11,35 بتوقيت غرينتش. وقبل بدء القمة عقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو لقاء بعد ظهر الخميس في بروكسل. وقال عضو في الوفد الفرنسي ان "اجتماعا ثلاثيا بين ميركل وساركوزي وباباندريو يعقد" حاليا، بدون ان يذكر اي تفاصيل. ويأمل المسؤولون في التوصل الى حل يسمح بخفض ديون اليونان بدون ان يستبعدوا تخلف اثينا عن تسديد المستحقات، في سابقة في الاتحاد الاوروبي. وقال دبلوماسي اوروبي لوكالة فرانس برس ان منطقة اليورو تنوي، في مسودة الاتفاق لقمة بروكسل، خفض قيمة الديون اليونانية البالغة في مجموعها حوالى 350 مليار يورو. لكن حجم الخفض لم يحدد بعد وسيناقش مع المصارف الدائنة. واضاف هذا الدبلوماسي القريب من المفاوضات ان المشكلة هي ان "هناك حلولا يمكن ان تفسر من قبل وكالات التصنيف الائتماني على انها تخلف عن الدفع". وحسب مسودة اتفاق قمة بروكسل، تنوي منطقة اليورو تمديد فترة استحقاق قروضها للدول المتعثرة مثل اليونان وايرلندا والبرتغال من سبعة اعوام ونصف العام الى 15 عاما على الاقل، وخفض معدل الفائدة التي تطلبها من هذه الدول من 4,5% الى 3,5%. وهذه العناصر يتضمنها مشروع البيان الختامي لقمة قادة دول الاتحاد النقدي المجتمعين في بروكسل منذ الظهر، كما اعلن دبلوماسي اوروبي. واعلن دبلوماسي اخر ان التمديد المتوقع لفترة استحقاق القروض هو "15 عاما على الاقل ويمكن ان يصل الى 30 عاما". والمسالة لا تشكل مفاجأة، لان مبدأ اتخاذ هذه الاجراءات قرره وزراء مالية دول منطقة اليورو في 11 تموز/يوليو، لكن التفاصيل بقيت بحاجة الى تسوية. ومع صدور هذه المعلومات، انهت بورصة اثينا جلسة التداول الخميس على زيادة بنسبة 2,5% في غمرة الارتياح الذي ابدته الاسواق اثر صدور التفاصيل الاولى لمسودة الاتفاق في منطقة اليورو حول اليونان. وتبعت بورصة اثينا معظم البورصات الاوروبية التي سجلت ارتفاعا لدى اقفالها الخميس. من جهتهم اعلن دبلوماسيون الخميس لوكالة فرانس برس ان صندوق انقاذ منطقة اليورو يعتزم تقديم ضمانة لسندات الدولة اليونانية خلال فترة تخلف هذه الاخيرة عن السداد الجزئي، لكي يواصل البنك المركزي الاوروبي تمويل المصارف. وستعتبر وكالات التصنيف المالي مساهمة الجهات المانحة في القطاع الخاص في اليونان، وخصوصا المصارف، في خطة الانقاذ الجديدة للبلد التي سيضعها قادة منطقة اليورو نهائيا الخميس في بروكسل، بمثابة تخلف البلد عن السداد جزئيا، او "انتقائيا". وهذا التخلف عن السداد لن يدوم سوى "بضعة ايام"، كما اوضح احد هؤلاء الدبلوماسيين الاوروبيين. واذا توصلت التدابير التي تشمل الجهات المانحة في القطاع الخاص الى تقليص الديون اليونانية، فان وكالات التصنيف المالي قد تعمد بسرعة الى سحب سندات البلد من فئة "التخلف الانتقائي عن السداد". لكن سيتعين على البنك المركزي الاوروبي في هذه الاثناء نظريا ان لا يقبل السندات الحكومية اليونانية كضمانة لاقراض الاموال للمصارف. وسيضمن صندوق انقاذ منطقة اليورو السندات اليونانية مقابل قبولها من جانب البنك المركزي الاوروبي. وقدر احد الدبلوماسيين هذه الضمانات بعشرين مليار يورو لتغطية فترة تخلف عن السداد من بضعة ايام. من جهته رحب رئيس البنك الدولي روبرت زوليك الخميس في اسطنبول بالجهود التي تبذلها دول منطقة اليورو لتقليص الديون اليونانية الضخمة لكنه جدد رفض مؤسسته التدخل في هذا البلد. وقال زوليك في مؤتمر صحافي "ارحب باجتماع دول منطقة اليورو لانه يعني ان مشكلة تطورت نحو وضع ينذر بمخاطر ويمكننا ان نرى عددا من الاقتصاديات خارج منطقة اليورو تنتظر بقلق حلا فعالا". واضاف رئيس البنك الدولي الذي كان يتحدث في ختام زيارة الى تركيا استغرقت يومين ان على دول منطقة اليورو ان "تدير مسالة الديون اليونانية، وكذلك مسالة تنافسية اليونان (...) ومسالة النظام المصرفي (...) ولكي نكون فعالين، من الضروري ان تكون هناك سلسلة اجراءات تاخذ في الاعتبار هذه العناصر المختلفة". وتطالب اليونان وايرلندا خصوصا منذ زمن بعيد بتليين شروط الحصول على قروض من صندوق انقاذ منطقة اليورو لانها تعتبر صارمة جدا بما لا يسمح للدولتين بتهدئة ماليتهما العامة. وكانت اليونان حصلت في ربيع 2010 على وعد بخطة انقاذ تتضمن 110 مليارات يورو من القروض من اوروبا وصندوق النقد الدولي تدفع على مدى ثلاثة اعوام. لكن هذه الخطة لم تعد كافية. ولذلك تبين لقادة الاتحاد النقدي ان هناك ضرورة لوضع برنامج دعم ثان. وسيتضمن هذا البرنامج اضافة الى تليين شروط الاقتراض، قروضا جديدة من قبل منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي قد تصل الى 71 مليار يورو، بحسب مصادر دبلوماسية، وكذلك مساهمة جهات مانحة من القطاع الخاص في البلد: مصارف وشركات تامين وصناديق استثمار. وعرضت ثلاثة اقتراحات على القطاع الخاص بحسب مسودة اتفاق القمة: وهي شراء ديونها ومبادلة اسهمها بسندات طويلة الامد يمكن ان تصل الى 30 عاما، او "تناوب" هذه الاسهم بما يؤدي بالمصارف الى اعادة استثمار ناتج سنداتها اليونانية عندما تستحق الدفع. وكان البنك المركزي الاوروبي هدد حتى الآن بانه لن يقبل سندات الديون اليونانية العامة ضمانة لاقراض المصارف الاوروبية وخصوصا اليونانية، في حال تخلفت اثينا عن تسديد المستحقات. وهذه الخطوة ستلزم الحكومات بتمويل النظام المصرفي في اليونان ثم الاتحاد النقدي، بنفسها. ودعا رئيس وزراء مالية منطقة اليورو جان كلود يونكر الخميس الى "بذل كل الجهود" لتجنب تخلف اليونان عن السداد. وقفز سعر صرف اليورو بقوة الخميس مقابل الدولار مدفوعا بمسودة الاتفاق في قمة منطقة اليورو، بينما تراجع سعر العملة الخضراء بسبب ارقام مخيبة للامال تتعلق بالعمالة في الولاياتالمتحدة. وحوالى الساعة 13,15 ت غ، بلغ سعر صرف العملة الاوروبية 1,4330 دولار مقابل 1,4212 دولار حوالى الساعة 21,00 ت غ الاربعاء، بعد ان تراجع الى 1,4139 دولار عند الساعة 10,30 ت غ. وقفز سعر صرف اليورو ايضا بقوة امام العملة اليابانية ليصل الى 112,69 ينا مقابل 111,94 ينا امس. والاتفاق مهد له الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل من خلال الاتفاق الطريق امام تسوية تم التوصل اليها في وقت متاخر من ليل الاربعاء في برلين. وبعد مفاوضات استمرت سبع ساعات شارك فيها ايضا رئيس المصرف المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه، توصل ساركوزي وميركل الى "موقف مشترك" حول انقاذ اليونان. واعلنت عن الاتفاق الرئاسة الفرنسية للاتحاد الاوروبي والمتحدث باسم ميركل ستيفن سايبرت. ويفترض ان يكون هذا "الموقف المشترك" اساسا للمباحثات في القمة التي تختتم اعمالها مساء اليوم على الارجح.