مع انتشار الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكر التي يستخدم مرضاها أدوية وعقاقير تضطرهم إلي التردد علي دورات المياه بشكل متتابع، يكون وجود المرحاض العمومى من الأولويات، إضافة لكونه علامة تقدم ورقى، تعمل الكثير من الدول على توفيره فى المواقع التى يرتادها الناس مثل الأسواق والطرق الرئيسية والميادين العامة والشوارع التجارية ويتم توزيعها حسب الكثافة السكانية للمواطنين. سبق المصريون العالم كله في تشييد الحمامات في بيوتهم، وتشهد بذلك آثار الدولة الفرعونية، وتحديداً في عهد الأسرة الثانية (3000 قبل الميلاد)، حيث ورد في إحدى مقابر الأسرة الخامسة لقب "المشرف على حمامات الملك". واتصل حرص المصري على وجود حمامات بمسكنه حتى وصل إلى الدولة الحديثة، التي وصلت الرفاهية أثناءها إلى أوج عنفوانها، حتى أنهم استخدموا القيشاني في تغليف حماماتهم، فكانت أرض الحمام عبارة عن بلاطات من الخزف أو الحجر الجيري، ويوجد فى منطقة "كرانيس "الأثرية بالفيوم، ما يدل على بناء المصريين للحمامات. والآن يوجد بمدينة الفيوم ستة مراحيض عمومية توجد بأماكن متفرقة بالمدينة فى ميدان الحواتم، وميدان الشيخ حسن، ومدخل شارع السهراية، وخلف محطة القطار، وبشارع التفتيش، وبجوار مدرسة ملحقة المعلمات بالفوال، وهو مغلق منذ سنوات. منظر مقزز والقاسم المشترك فى هذه المراحيض أن أغلبها مكون من ثلاثة حمامات ليس من بينها حمام مخصص للسيدات، ويشكو من يدخلونها من وضعها المتردى، والصيانة شبه المعدومة التى لا تحدث فى معظم الأوقات، فضلا عن منظرها المقزز، وبات معتادا منظر "الحنفية" التى يلفها الجبس أو الأسمنت ولا يرى منها إلا فتحة الماء، الأخطر أن قضاء الحاجة فى بعض هذه المراحيض ليلا يمكن أن يكلف الشخص حياته، حيث تتحول المراحيض ليلا إلى مكانا آمنا لمدمني الحقن المخدرة. ومن المؤسف أن أغلب أهالى الريف الذين يأتون المدينة لا يعرفون أماكن تلك المراحيض، وقالوا إن أطفالهم الصغار يضطرون إلى قضاء حاجاتهم في الطرقات لعدم توافر دورات مياه، لافتين إلى أنهم "الكبار" يذهبون إلى المساجد لقضاء الحاجة، وتزيد معاناتهم إن كانوا يصطحبون كبار السن من الرجال والنساء، لاسيما أن أغلب المساجد لا تفتح أبوابها إلا فى أوقات الصلاة. اشتراطات فنية تشير المناطق المفتوحة والتى هي عبارة عن مجموعة من المساحات غير المبنية والمتروكة بهدف استخدامها كمتنفس للاستعمالات المحيطة، ولخلخلة الكتلة العمرانية وتوفير مساحات تسمح بالتهوية والإضاءة، ويشمل بعضها المتنزهات، والحدائق، والساحات والميادين العامة، إلى مدى التخطيط والتنسيق العمرانى لمدينة ما. ومن بين الاشتراطات الفنية لهذه المناطق أنه يجب أن تشمل حديقة الحى العامة على دورات مياه عمومية بمعدل مرحاض لكل فدان من إجمالى مساحة الحديقة، وبحد أدنى مرحاضين لكل من الذكور والإناث ومرحاض مجهز خصيصاً للمعاقين. وأن تتوفر أعداد كافية من المباول في غرف مراحيض الرجال، وأن تزود هذه المراحيض بالمطهرات ومواد التنظيف والفوط الصحية اللازمة، وتزود مراحيض السيدات بوسائل مقبولة ومستوفية للشروط الصحية، كما يجب أن تكون نوافذ تلك الغرق خاصة بها وتفتح على الخارج، وتغلق أبوابها بكفاءة وإحكام. لقد أصبح وجود المرحاض قضية جوهرية حيث يوجد 2.5 مليار إنسان يعيشون دون إمكانية الوصول إلى المرحاض، واعتمدت الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قراراً بمبادرة من سنغافورة يقضي بإعلان يوم 19 نوفمبر من كل عام "اليوم العالمي للمراحيض"، وذلك لأول مرة في تاريخ هذه المنظمة التي تأسست منذ 68 عاماً. انتقاص من الكرامة إن عدم وجود مرحاض عام نظيف وجيد وصالح للاستخدام، لا يؤدي فقط إلى الإحراج الذى يتعرض له المواطن فى الفيوم، بل يؤدي إلى الانتقاص من كرامته وسلامته الشخصية، إضافة إلى أن وجوده "المرحاض" بمنظره القميء وقذارته يؤدي إلى أمراض لايمكن الوقاية منها، ولا لوم على المواطن الذى لا يجد مرحاضا يقضى فيه حاجته، ويكون مجبرا على قضائها فى الشوارع والأزقة وجدران الأماكن المظلمة. وبحسب دراسة فنحن بالمتوسط نستعمل المرحاض 2500 مرة في السنة، بمعدل يصل إلى ست أو ثمانى مرات في اليوم، وهو ما يقارب خلال عمرنا قضائنا تقريباً لثلاث سنوات في المرحاض، ذلك المكان الذى تنعدم فيه إذا كان عاما المناديل الورقية، والدوش المتلألأ، ويكون ذلك المكان الرطب، الكريه الرائحة. غياب الخصوصية لقد اختارت منظمة الأممالمتحدة موضوع "المساواة والكرامة" فى اليوم العالمي لدورات المياه من أجل تسليط الضوء على العنف الجنسي الذي تتعرض له النساء والفتيات بسبب غياب الخصوصية، كما أن دورات المياه لم تزل غير ملائمة لفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة والنساء والفتيات. وتكتمل فصول معاناة المواطن فى مدينة الفيوم فى ظل عدم توفر مراحيض عامة إذا ما زادت حاجته لدخول "الحمام" عندما يكون فى مصلحة أو مؤسسة حكومية، حيث يظل يبحث عن مرحاض دون جدوى، فيضطر إلى الاستنجاد ب"عامل البوفيه" ليمكنه بعد أن يعطه جنيها من مفاتيح المرحاض، ويكون الحل الأخير إن تعذر العثور على عامل البوفيه هو الذهاب إلى أقرب مقهى لقضاء الحاجة.