(1) ذات مساء هادئ، تلقى جيسوالدو فيريرا اتصالًا هاتفيًا من أحد المسئولين بنادي الزمالك يعرض عليه تدريب الفريق الكروي الأول. بدا الرجل الذي لم تطأ قدميه أرض القاهرة محتارًا للعرض المصري، ومن ثم فإنه لجأ لمواطنه مانويل جوزيه الذي سطر مجده التدريبي في مصر إبان توليه المهمة الفنية للأهلي، متعكزًا على علاقة الصداقة الممتدة به. نصحه يومها "الداهية البرتغالي" بأن يتعاقد مع الزمالك الذي لم يحقق بطولة الدوري منذ سنوات طويلة، وما إن يتخطى الفريق عثراته وينطلق في حصد البطولة ستسانده الجماهير الممتدة في الربوع، وستعود البهجة للملايين الذين يشتاقون لوضع أيديهم عن بطولة احتكرها غريمهم التقليدي ل 11 عامًا متتابعًا. حضر إلى القاهرة بصحبه 3 من أعضاء جهازه الفني لعقد جلسة مباحثات مع الثنائي أحمد مرتضي وهاني زاده عضوا مجلس إدارة نادي الزمالك لإنهاء كافة التفاصيل المتعلقة بإتمام التعاقد، قبل أن يوقّع رسميًا في في بداية شهر نوفمبر الماضي لمدة 6 أشهر فقط. (2) في أواخر شهر يوليو المنصرم، توافدت جماهير الزمالك على ملعب حلمي زامورا للاحتفال بفوز فريقها بدرع الدوري، وهتفت بصوت قوي: "فيريرا.. فيريرا.. فيريرا"، في أعقاب حملة إليكترونية لإجبار مجلس الإدارة على التجديد له. امتعض وجه رئيس النادي الذي كاد يُطيح بالمدرب الأجنبي بسبب ما وصفه ب"الشروط التعجيزية"، وأمسك بالميكرفون لكي يصل صوته إلى الجماهير التي غطت مدرجات ملعب الاحتفال، وصاح: "متقلقوش، فيريرا وافق على تجديد عقده". انتفضت الجماهير كأن احتفالهم أصبح مضاعفًا، علت الأصوات كأنما قد توّج فريقها بدرع جديد في طيات فوزه بدرع الدوري. (3) في منتصف شهر أكتوبر الماضي، نظر فيريرا إلى مدرجات ملعب هزاع بن زايد بدولة الإمارات، ليجد تلويحًا وإشارات باليد من رئيس ناديه مرتضى منصور تحمل في ظاهرها معني الإقالة، وفي باطنها إهانة بالغة، عقب الخسارة من فريق الأهلي بنتيجة (3-2) في مباراة كأس السوبر المصري. بعدها بدقائق معدودة نما إلى علم المدرب أن مرتضى شن هجومًا ضاريًا عليه وطالبه بالاستقالة "إن كان عنده دم لأنه فاشل". لم يجد ما يقوله فيريرا بعد أن حاصرته أسئلة الصحفيين للرد على تصريحات رئيس الزمالك إلا جملة مقتضبة تحمل غضبًا دفينًا في نفس الرجل من الإهانة التي تعرض لها: "هوّ حر فيما يقوله". اختفى فيريرا بعيدًا عن الظهور، وتضاعف هجوم مرتضى ليعلن تدخله في الجهاز الفني عبر بوابة "إسماعيل يوسف" الذي قرر منحه صلاحيات إضافية لتتسع مهمة مدير الكرة إلى وضع التشكيل والتشاور في إجراء التبديلات خلال سير المباريات. (4) دبّر الرجل أمره وعقد عزمه على الراحة من الضجيج الذي شغل نفسه خلال 10 شهور تواجد فيها ب"ميت عقبة"، اكتفى بإهداء بطولتين إلى خزائن الزمالك وقرر الرحيل والفريق متفوقًا على منافسه بعد 4 جولات من إنطلاق الدوري العام. اكتفى بإبلاغ إدارة ناديه بفسخ التعاقد وتحمل الشرط الجزائي، لكنه اتجه ليخاطب جمهور الزمالك ويبرر رحيله ويشكرهم على دعمه: "أشكر جمهور الزمالك أولًا، لأنه دعمني دائماً ويقاتل دومًا من أجل الفريق، وكان عامل رئيسي جعلنا نتخطى الكثير من الصعوبات. لقد ارتبطت كثيرا باللاعبين و الجمهور وكانوا السبب الرئيسي لتجديد العقد، و لكن من المستحيل ان تبقى بنادي ورئيسه لا يريدك ان تبقي فيه و يتحدث عنك دائماً بشكل سيء من وراء ظهرك".
(5) "we will miss you".. هكذا جاء رد صفحة "Italian Zamalkawy" -إحدى أكبر صفحات مشجعي الزمالك على مواقع التواصل الاجتماعي- على خبر رحيل مدرب فريقهم الكروي الأول. وتوالت التعليقات الغاضبة من موقف رئيس النادي تجاه المدرب الأجنبي، والمساندة ل"البروف"، حيث قال عمر المهدي: "أنا أول مرة أزعل كدة علي حد. كان راجل محترم ومش هنقدر نعوضه. شكرا فيريرا". وكتب محمد حسين: "والله العظيم من أعاد الروح للقلعاء البيضاء. شكرا يا بروف".
