يشدد الأطباء حول العالم على أن اعتماد الشباب على المخدرات أصبح خطرا يهدد الكثير من أبناء المجتمعات المختلفة، بل وزاد خطره إلى درجة استخدامه كسلاحٍ خفي في الحروب بين الدول مستهدفًا بشكل خاص فئة الشباب منهم، من أجل تحويلهم من قوة وطنية فاعلة ومنتجة إلى قوة مدمرة تشل حركة ذلك المجتمع وتبدد ثرواته. واختراق المخدرات أسواء الجامعات المصرية أصبح مشهدا مألوفا وسط أوساط الشباب، ويستنكر بعض الطلاب هذه الظاهرة التي أصبحت شائعة بين زملائهم، في ظل انتشار أنواعه المختلفة مثل الحشيش، البانجو، وأبتريل، وتامول، والكثير من أنواع المخدرات والمنشطات الأخرى المتداولة بين الشباب والفتيات، والحيل المختلفة في إدخال هذه المواد المخدرة والتنقل بها داخل الجامعة وخارجها. ويقول "م-ع"، طالب بكليه الأداب جامعة الفيوم: "أنا أتعاطى المخدرات منذ أن كنت في الثانوية العامة مع أصدقائي، وعقب دخولي الجامعة وجدت آخرون مثلي، وهناك بعض الشباب يبيعون لزملائهم داخل أسوار الجامعة، ولكني لم أجرب إدخال هذه المواد إلى الجامعة خوفا من أن يمسك بي أحد أفراد الأمن، على الرغم من أن هناك زملاء لي يدخلون به إلى الجامعة ويتعاطونه أمام الكل". ويشدد "ب ع"، طالب بكلية التربية: "الكثير من أصدقائي يتعاطون مخدر الحشيش، ولكن لا يشربونه داخل الجامعة، ومعظم الطلبة يأخذون المنشطات خلال أيام الامتحانات". بينما يروي "م ت"، طالب بكلية الأداب: "كنت في طريقي إلى جامعة الفيوم قبيل أيام الامتحانات والجامعة ليس بها طلاب كثر، ورأيت شاب وفتاة يجلسون أمام كلية الهندسة (يلف السيجارة ويعطيها للفتاة لتكملها)، وأتمنى أن يتم عمل تحليل عينات المخدر بالدم لكل طلبة الجامعة، ويتم تطبيقه على كل الطلاب دون استثناء". وتقول "س ن"، طالبة بكلية التربية: "أنا مغتربة ولم أوفق بالسكن في المدينة الجامعية، فسكنت أنا وصديقتي في شقة مع طالبات آخريات، وكانت الكارثة أننا اكتشفنا أنهم يتعاطون المخدرات، وخاصة مخدر الحشيش وليس ذلك فقط بل يدعوننا أن نشاركهم الأمر، وعندما رفضنا قاموا بطردنا من المكان، ولذلك بحثنا عن سكن آخر". ويقول "ب م"، طالب بكلية الحاسبات: "رأيت بعيني في المدينة الجامعية بعض الطلاب يتبادلون المخدرات فيما بينهم، ويجلسون ويتعاطون جميعا بجانب بعضهم البعض، دون خوف من مسؤول ودون اعتبار لأي شيء".
فيما يقول دكتور محمد عبدالوهاب، نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب: "تقوم الجامعة بعمل دور توعوي داخل الجامعة وداخل المدينة الطلابية، وعمل الأنشطة التي تساعد على إخراج طاقة الشباب في أعمال مفيدة، ولكن تعاطي المخدرات مشكلة مجتمع بأكمله، ومع ذلك قمنا بعمل تحليل للطلبة للمرة الأولى هذا العام ممن يريدون الالتحاق بالمدينة الجامعية، وكنا سنجريه في المستشفى العام ولكن وجدنا أن تكلفته ستكون عالية بالنسبة للطلبة، لأن من سيدفعون تكلفة هذا التحليل، فقمنا بالاتفاق مع المستشفى الجامعي، ولكن حيل الطلبة لا تنفد، لذلك قررنا بعد ذلك عمل كشف عينات عشوائية بشكل مفاجئ، حتى لا يستطيع بعض الطلبة التحايل على الأمر". وعن العقوبة التي تتخذ ضد الطالب إذا تم الإمساك به يتعاطى المخدرات داخل الجامعة، يوضح: "نقوم بتحويله للتحقيق ويحول التحقيق للنيابة العامة، وحدث هذا الأمر من قبل ولكن النيابة حفظت التحقيق حرصا على مستقبل الطلبة". ويشدد جمال فتحي، مدير المدينة الجامعية، وأمين عام الجامعة: "قمنا بعمل اختبار كشف طبي على الطلبة ، وهذا التحليل يتم تفعيله لأول مرة لهذا العام، فكل طالب يريد الالتحاق بالمدينة الجامعية يجب أن يقوم بعمل هذا التحليل، والمستشفى قامت بإجرائه وأحضرت فرد أمن مع الطالب حتى لا يقوم بتزوير العينة، وخرجنا بنتيجة ممتازة وكانت كل العينات سلبية، ولم نجد طالبا واحدا تشير التحاليل إلى تعاطيه المخدرات، والعام الماضي فقط تم إمساك بعض الطلاب يتعاطون المخدرات، وقمنا باتخاذ الإجراءات ضدهم وتم فصلهم من المدينة الجامعية". ويوضح أحمد أبو عميرة، أستاذ بكلية الأداب قسم اللغة العربية، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة المتحدة للطفولة والشباب: "ظاهرة تعاطي المخدرات لدى بعض الطلاب في الجامعات المصرية، أصبحت من الظواهر الدخيلة على مجتمع الجامعة، والتي تؤثر بالسلب على مستقبل الطلاب علميا". ويضيف: "يجب أن يكون هناك ندوات تثقيفية للحد من هذه الظاهرة حفاظًا على مستقبل الطلاب، وهناك دور مهم للأسرة في علاج هذه الظاهرة والقضاء عليها". وتقول إيمان صبري، أستاذ ورئيس قسم علم النفس بكلية الأداب جامعة الفيوم، ووكيل الكلية لشؤون البيئة وخدمة المجتمع: "طالب الجامعة مدمن المخدرات لم يصبح هكذا فجأة، وإنما بدأ الأمر من الخارج، من البيئة التي كان يعيش فيها، منذ أن كان طالبا في المرحلة الثانوية والدليل على ذلك أن طلاب سنة أولى الذين يتعاطون المخدرات وحينها يبدأ يعلم زميله الجامعي الآخر". وتوضح: "للإدمان أسباب عديدة منها التفكك الأسري، إذا كان للطالب تطلعات ولم يستطع تحقيقها، أصدقاء السوء، الرغبة في التجربة، عندما كان يذاكر ويأخذ مخدرات لاعتقاده أنه ستساعده على التركيز والمداومة، وأهم الأسباب غياب التوجيه والاهتمام والرعاية الأسرية والمجتمعية، وهناك من يعالج من الإدمان ويعود إليه مرة أخرى، وهناك من يمكن أن يشفى". وواختتمت: "لا بد أن يكون هناك طبيب إرشادي متخصص وظروف خاصة وإمكانيات كثيرة، لكي نستطيع معالجة هذه المشكلة في الجامعة".