اصدر الرئيس السوري بشار الاسد الثلاثاء عفوا عاما سرعان ما اعتبرته المعارضة "متاخرا" وذلك في الوقت الذي تتواصل فيه اعمال القمع في البلاد والتي اسفرت الثلاثاء عن مقتل ثلاثة مدنيين على الاقل بحسب مصادر حقوقية. وذكرت وكالة الانباء السورية (سانا) ان الرئيس اصدر مرسوما قرر فيه "العفو العام عن كل الجرائم المرتكبة قبل 31 ايار (مايو) 2011". واضافت ان "العفو يشمل كافة الموقوفين المنتمين الى تيارات سياسية وكذلك اعضاء جماعة الاخوان المسلمين". وعقب ذلك اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان الرئيس السوري لم يقم باصلاحات جدية وان موقف نظامه "يصعب تقبله" يوما بعد يوم. وفي اوضح تلميح حتى اليوم عن امكان مطالبة الادارة الاميركية قريبا الرئيس السوري بالتنحي، ذكرت كلينتون بأن الرئيس باراك اوباما خير مؤخرا الاسد بين قيادة عملية الانتقال الى نظام ديموقراطي او ان "يرحل". وقالت "كل يوم يمر، يصبح الخيار تلقائيا. هو (الاسد) لم يدع الى وقف العنف ضد شعبه ولم ينخرط جديا في اي نوع من جهود الاصلاح". واضافت خلال مؤتمر صحافي مقتضب "كل يوم يمر، يصبح تقبل موقف الحكومة (السورية) اكثر صعوبة ومطالب الشعب السوري بالتغيير اكثر قوة". واعتبرت المعارضة السورية، المجتمعة في انطاليا، جنوب تركيا، ان هذا القرار "غير كاف وجاء متأخرا". وقال عبد الرزاق عيد رئيس المجلس الوطني لاعلان دمشق في المهجر ان "القرار تأخر كثيرا طالبناه به منذ فترة طويلة". مضيفا "بالنسبة الينا نحن صدى لصوت الشعب الذي اجمع على انه يريد اسقاط النظام. ونحن نجتمع تحت شعار اسقاط النظام". كما قال رئيس وفد الاخوان المسلمين الى المؤتمر ملهم الدروبي "اعتبر ان الخطوة ايجابية لكنها غير كافية والاخوان يطالبون بمطالب الشعب الذي يطالب بالحرية ويريد اسقاط النظام". وبعد نحو شهرين ونصف شهر على اندلاع الحركة الاحتجاجية الواسعة في سوريا ضد نظام الرئيس بشار الاسد، تنطلق صباح الاربعاء اعمال هذا المؤتمر الذي يضم ما بين 300 الى 400 مشارك بهدف "بحث سبل دعم الثورة السورية في الداخل وتأمين استمرارها". وفي وقت سابق من الثلاثاء صدرت عن دمشق بادرة انفتاح اخرى مع الاعلان عن فتح حوار وطني خلال 48 ساعة. وقال الامين المساعد لحزب البعث محمد سعيد بخيتان لصحيفة "الوطن" الثلاثاء ان "لجنة الحوار شكلت على اعلى المستويات والحوار سيضم كل الفئات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها وهو سيكون تحت سقف الوطن. ان مشروع وآليات الحوار الوطني ستعلن خلال 48 ساعة". الا انه استبعد الغاء المادة الثامنة من الدستور التي تجعل من حزب البعث "الحزب القائد للدولة والمجتمع"، وقال "ان تعديل اي مادة في الدستور من اختصاص مجلس الشعب" الذي يستأثر حزب البعث باكثر من نصف مقاعده (126 مقعدا من اجمالي 250). ويتوقع ان تجري في الاسابيع المقبلة انتخابات تشريعية، هي الثالثة منذ وصول الرئيس بشار الاسد الى سدة الحكم خلفا لوالده حافظ الاسد في تموز/يوليو 2000. كما اعلن التلفزيون السوري مساء الثلاثاء ان وزير الداخلية قرر تشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابسات وفاة الطفل حمزة الخطيب (13 عاما) الذي تعرض للتعذيب والقتل في درعا (جنوب). واكد ناشطون سوريون السبت ان حمزة الخطيب الذي فتحت صفحة باسمه على موقع فيسبوك تعرض للتعذيب والقتل على ايدي قوات الامن في درعا، التي انطلقت منها حركة الاحتجاج على النظام. واعلنت منظمة الاممالمتحدة للطفولة (اليونيسف) الثلاثاء ان 30 طفلا على الاقل قتلوا بالرصاص في سوريا خلال قمع السلطات التظاهرات المناهضة لنظام الاسد. وقالت اليونيسف في بيان ان "استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين قد أودى بحياة ما لا يقل عن 30 طفلا"، مشيرة في الوقت نفسه الى ان "اليونيسف لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل من عدد الضحايا وظروف وفاتهم". ودعت اليونيسف الحكومة "إلى إجراء تحقيق دقيق بشأن هذه التقارير وضمان تحديد مرتكبي مثل هذه الأعمال المروعة وتقديمهم إلى العدالة". وسعيا لتهدئة الاحتجاجات اجرى الاسد عدة اصلاحات كان اولها اصدار مرسوم يمنح الجنسية لسكان من اصل كردي حرموا منها اثر احصاء مثير للجدل جرى في 1962. وفي 21 نيسان/ابريل اصدر الاسد قرارا برفع حالة الطوارىء التي كانت سارية في البلاد منذ نحو 50 عاما معلنا سلسلة من الاصلاحات الاخرى. وفي هذا الاطار انتهت لجنة من إعداد مشروع قانون جديد للانتخابات العامة "حسب المعايير العالمية" نشر الاثنين على الانترنت وعدة وسائل اعلام. كما اعلنت صحيفة الثورة الرسمية الثلاثاء قرب وضع قانون يسمح بتكوين احزاب سياسية في سوريا. لكن رغم وعود الاصلاحات السياسية استمر النظام في قمع المتظاهرين. فقد قتل ثلاثة مدنيين الثلاثاء برصاص قوات الامن في مدينة الرستن وسط البلاد وفي محافظة درعا، كما اكد لفرانس برس ناشط حقوقي طلب عدم كشف اسمه. وقال الناشط ان "ابراهيم سلهوم قتل اليوم في الرستن" في منطقة حمص (وسط) حيث يواصل الجيش عملياته لليوم الثالث على التوالي لقمع التظاهرات. وفي مدينة الحراك في درعا قتل شخصان في عمليات مداهمة نفذتها قوات الامن، بحسب المصدر نفسه الذي قال ان "قوات الامن دخلت الى الحراك ليلا وعند الفجر ونفذت عمليات تمشيط". ومساء الاثنين قتل متظاهر يدعى عبدالله شيخ صبح في مدينة حماه على بعد 210 كيلومترات شمال دمشق. وكان اصيب برصاص قوات الامن خلال تظاهرة ليلية. من جهة اخرى هاجم سكان مفوضية شرطة المدينة واستولوا على اسلحة وذلك بعد مقتل صبية الاحد وعشرة مدنيين في منطقة حمص، بحسب المصدر ذاته. من جهة اخرى قال الناشط ان "قوات الامن داهمت (ليلا وفجر اليوم) حراك حيث قامت بعمليات تمشيط". وتقع حراك في محافظة درعا معقل الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد. وارسل النظام في الاسابيع الماضية الجيش الى مدن عدة خصوصا تلكلخ (150 كلم شمال غرب دمشق) وحمص (وسط) وبنياس (شمال غرب) ودرعا (جنوب) لقمع المتظاهرين. وبحسب منظمات حقوقية قتل اكثر من 1100 مدني وجرى توقيف عشرة آلاف شخص على الاقل منذ بدء حركة الاحتجاج في 15 آذار/مارس. في المقابل، تقول السلطات السورية التي تحمل "عصابات ارهابية مسلحة" مسؤولية ما يحصل ان 143 عنصرا من قوات الامن قتلوا منذ بدء التظاهرات. وكان بشار الاسد خلف في رئاسة البلاد والده حافظ الاسد الذي توفي عام 2000.