أثار قرار مجلس الوزراء، بالسماح باستخدام الفحم كمصدر لتوليد الطاقة الكهربية، جدلاً واسعاً، بين المصنعين الذين يعانون من نقص الطاقة الكهربية اللازمة للعديد من الصناعات من ناحية، بسبب ارتفاع أسعار استخراج الغاز الطبيعي واقتراب نضوبه، وبين وزارة البيئة ونقابات المهن الطبية، وغيرهم من المهتمين بشؤون البيئة من ناحية أخرى. ورفضت وزارة البيئة السماح باستخدام الفحم في توليد الطاقة للحفاظ على الصحة العامة، للمواطنين التي ستكبد الدولة نحو 3.2 مليار دولار لمحاولة علاج الاضرار الصحية التي قد تصيب المواطنين حال استخدامه وذلك طبقاً لآخر دراسة صدرت عنها .
كما رفضت نقابة أطباء مصر في المؤتمر الذي عقدته بعنوان ''الآثار الصحية لاستخدام الفحم ''، أيضاً قرار مجلس الوزراء ، وصفته ''بالكارثة''
وأشار الدكتور خالد سمير ، أمين صندوق نقابة أطباء مصر، إلى أن قرار مجلس الوزراء، بالسماح باستخدام الفحم، جاء بأغلبية 21 وزير موافق أمام 7 وزراء رافضين، موضحاً أن هناك ''جريمة شروع في قتل المصريين'' يقوم بها 21 وزيراً - وصفهم ب ''المجرمين''- يعلمون علم اليقين أن هذا القرار يدمر صحة المصريين و يقتلهم ولكنهم آثروا عدم اغضاب رجال اعمال كبار ، تستهلك مصانعهم الغاز برخص التراب باتفاقات ابرموها مع الحكومات الفاسدة المتعاقبة و الآن لم تعد الحكومة قادرة على الوفاء بإمدادهم بالغاز بهذه الكميات و الأسعار، فتجاملهم بالموافقة على استخدام الفحم كبديل حتى لا تغضبهم وحتى لو كان ثمن ذلك دماء المصريين.
استخدام الفحم يضاعف العبء المرضي
أما الدكتورة منى مينا، الأمين العام لنقابة أطباء مصر، فأوضحت أنه لا يوجد ما يسمى ب ''الاستخدام الآمن للفحم''، فهناك إحصاءات مرعبة تدل على انتشار أمراض الصدر والقلب والاعصاب في مناطق استخدام الفحم في أوروبا وأمريكا، وذلك على الرغم من تطبيقهم لأدق اجراءات حماية البيئة، أما عندنا فسيكون الأمر مأساة بمعنى الكلمة لاننا نعرف جميعا درجة التزامنا بتلك الضوابط.
وأضافت مينا ''استخدام الفحم لن يكون بديلاً رخيصاً للطاقة، وذلك لأننا لسنا دولة منتجة للفحم، وبالتالي ستضطر إلى لاستيراده و لعمل بنية تحتية ملائمة لتخزينه و نقله و تعديل آلات الإحتراق لتعمل بالفحم و كل ذلك يجعل تكلفته عالية، أما إذا أضفنا تكلفة العبء المرضي الرهيب الذي سيزداد مع إستخدام الفحم فستكون تكلفته أعلى من أي نوع أخر من الطاقة''.
أما الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة أطباء القاهرة، فأوضح أن القاهرة تحتل المركز السادس بين أكثر 10 دول تلوثاُ للهواء، حيث يبلغ مستوى التلوث بها ل 138 ميكروجراما / م3، وهو ما يزيد بنسبة كبيرة عن المستوى المسموح 20 ميكروجرام / م3.
وأوضح الطاهر أن التأثيرات الضارة لاستخدام الفحم سوف تحتاج لأموال طائلة لمحاولة معالجة بعضها، وبالتالي ستتضاعف التكلفة الحقيقية لاستخدامه مصدر للطاقة، وتتساوى التكلفة الفعلية لاستخدامه تقريبا مع تكلفة استخدام الغاز. ودعا الطاهر، نقابة الأطباء و جميع المهتمين بشئون البيئة و صحة الإنسان، إلى رفع دعوى قضائية عاجلة ضد قرار الحكومة باستخدام الفحم لتوليد الطاقة، و إلزام الحكومة بالبحث عن مصادر أخرى للطاقة النظيفة و المتجددة.
أثار استخدام الفحم على صحة الإنسان
ورصد الأمين العام لنقابة أطباء القاهرة، العديد من الآثار الضارة لاستخدام الفحم في توليد الطاقة على صحة الانسان، والتي تعددت بين اصابات للجهاز التنفسي تصل إلى سرطان بالرئة، وأمراض القلب والجهاز العصبي والاعاقة العقلية .
وأوضح الطاهر أن من الآثار المترتبة على استخدام الفحم في توليد الطاقة، ''ضيق التنفس والصداع والتشويش الذهني والشلل الارتخائي'' نتيجة لزيادة تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون بصورة منخفضة، أما إذا زاد تركيزه عن 5% فإنه يؤدي إلى ''فقدان الوعي والوفاة''، وكذلك الالتهاب الرئوي، والذي يؤدى إلى أكثر من نصف الوفيات فى الأطفال دون سن الخامسة بسبب استنشاق الجسيمات الدقيقة''، و تليف الحويصلات الهوائية و الانسداد الرئوي المزمن في الرئتين مما يؤدى إلى الوفاة'' وذلك بسبب تراكم الغبار فيهما''، و سرطان الرئ '' حيث ترجع نسبة 17% تقريباً من الوفيات الناجمة سنوياً عن سرطان الرئة بين صفوف البالغين في مرحلة مبكرة إلى التعرّض لمواد مسرطنة موجودة في الهواء الملوّث ''.
وأضاف :'' ومن بين تأثيرات استخدام الفحم أيضاً، العقم لدى الرجال ونقص الخصوبة لدى النساء، وسرطان الكبد والرئتين والبروستاتا و الجلد'' بسبب الزرنيخ الذى يعد أخطر أنواع العناصر السامة التى تتسرب إلى البيئة من المخلفات الصلبة''، وأيضاً اضطرابات مستديمة بالجهاز العصبي، وتشوهات الأجنة، و أمراض بالمسالك البولية و الفشل الكلوي '' بسبب الزئبق''، و السكتة الدماغية'' والتي تسببت في ربع الوفيات المبكرة أي نحو 1.4 مليون شخص بسبب التعرض المزمن للهواء الملوث''، و مرض القلب الإقفاري '' الذبحة الصدرية '' وتجلط الدم وارتفاع الضغط وتصلب الشرايين، و انخفاض الوزن عند الولادة والإصابة بالسل وسرطان الأنف والبلعوم وسرطان الحنجرة، و الإعاقة العقلية '' بسبب تأتير الرصاص الذى يؤثر على نمو المخ عند الأطفال، و يتسبب فى حوالى ستمائة ألف حالة إعاقة عقلية سنويا''.
