محمد مهدي وأحمد ربيع وعاطف سعيد يومًا تلو الآخر تفقد وزارة الداخلية أحد رجالها من ضباط وأفراد الشرطة، في عمليات إرهابية انتشر نطاقها في الآونة الأخيرة، حتى وصل الأمر إلى استهدافهم أمام منازلهم وتفخيخ سياراتهم بالقنابل. الأجهزة الأمنية تُجري تحرياتها وتُعلن الوزارة عن ضبط عدد من الخلايا الإرهابية المتورطية في تلك الحوادث، إلا أن خيطًا مفقودًا لم يُكشف عنه حتى الآن عن كيفية وصول الجناة إلى أسماء وعناوين ضباط الشرطة، والخطوات التي تتبعها الداخلية لحماية رجالها من الإرهاب؟! استهداف الشرطة ظاهرة استهداف رجال الشرطة، والعمليات الإرهابية تجلت عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة في 14 أغسطس الماضي، حيث وصل عدد ضحايا الشرطة من منتصف أغسطس إلى الآن ل 232 شهيدًا- بحسب تصريحات لمصدر أمني بوزارة الداخلية- منهم 53 ضابطا و95 فرد شرطة، و78 مجند، و6 خفراء في عمليات إرهابية متفرقة في العاصمة الكبرى والمحافظات. اتخذت العمليات الإرهابية من المنشأت الشرطية وخطوط سير قوات الأمن هدفًا لها خلال الفترة الأولى من أعمال العنف وخاصة في سيناء، قبل أن تنتقل لمرحلة جديدة وهي استهداف رجال الشرطة أمام منازلهم أو زرع عبوات ناسفة أسفل سيارتهم. حوادث متفرقة اليوم الأربعاء، استشهد العقيد أحمد زكي، الضابط بقطاع الأمن المركزي- بحسب مصدر أمني- متأثرًا بإصابته بعد انفجار قنبلة تم زرعها بواسطة مجهولين داخل سيارته أمام منزله بأكتوبر. كانت أكتوبر قد شهدت منذ نحو أسبوعين انفجار قنبلة أسفل سيارة النقيب أحمد الصواف، ضابط بالإدارة العامة للمرور، بميدان الحصري، أسفرت عن إصابته. ضحية أخرى للعمليات الإرهابية بطلها صاحب شركة مقاولات يدعى ''إسلام زين'' الأسبوع الماضي، حيث كان يستقل سيارته الملاكي بصحبة أحد أصدقائه بشارع فيصل، وفوجيء بمجهولين يلقون على سيارته قنبلة، انفجرت على الفور وأسفرت عن إصابته وشخصا آخر برفقته، وتبين من التحريات أن المستهدف الحقيقي من وراء الواقعة كان ضابط شرطة. قيادات في يناير الماضي، تعرض اللواء محمد سعيد، مدير المكتب الفني لوزير الداخلية، لإطلاق نيران على سيارته من ملثمين مسلحين، أثناء خروجه من منزله بالطالبية بالجيزة، حتى فارق الحياة، فما لاذ الجناة بالفرار. جريمة هزّت البلاد في نوفمبر من العام الماضي، حينما قام مجهولون باغتيال المقدم محمد مبروك، ضابط الأمن الوطني، أمام منزله بمدينة نصر، التي أثير حولها الأقاويل في وجود اختراق لوزارة الداخلية. الوزير اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، كان قد أعلن خلال مؤتمرا صحفيا، بعد استهداف عددا من ضباط الشرطة في الشهور الأخيرة، أن هناك خطوات تتخذها الوزارة لتأمين رجال الشرطة، تشمل وضع أسماء حركية، وتغيير محل سكنهم، وتغير خط سيرهم. وأشار إبراهيم في تصريحات صحفية، إن هناك العديد من إجراءات التأمين لكن لا يمكن الافصاح عنها، لعدم كشفها أمام الإرهابين. فيما نفى اللواء عبدالفتاح عثمان، مساعد وزير الداخلية للإعلام، في وقت سابق، وجود اختراق لأجهزة الداخلية. فشل ''مفيش خطة لتأمين رجال الشرطة.. بنحمي نفسنا باجتهاد شخصي'' تعليق على لسان ضابط بقطاع الأمن المركزي بوزارة الداخلية، عن استهداف رجال الشرطة من قِبل الإرهابين. وأضاف الضابط-الذي رفض ذكر اسمه- أن التعليمات التي وصلت لضباط الشرطة هي وضع سيارتهم الخاصة في جراجات عامة-فقط- منعًا لوجودها عُرضه في الشارع لعبث المجرمين والإرهابين. وأوضح الضابط أن رجال الشرطة يقومون بإتخاذ إجراءات شخصية لحمايتهم، منها عدم التحرك بملابس ميري، وعدم التواجد في أماكن بها منتمين لجماعة الإخوان المسلمين، وإزالة إي إشارة على السيارة توضح أنه يعمل بوزارة الداخلية، مشيرًا إلى أن تلك الخطوات لا تحد من الخطر المحيط بهم. اختراق ونفي الضابط، وجود اختراق لوزارة الداخلية من قِبل الجماعات الإرهابية والوصول لأسماء وأماكن رجال الشرطة، مؤكدًا أن هناك صعوبة كبيرة في حدوث ذلك. وأشار الضابط أن فشل الأمن وعقم المعلومات التي تتوصل لها الأجهزة الأمنية أسفرت عن توقف العلميات الاستباقية للإرهابين التي تحمي الضباط والمواطنين من عملياتهم. وأكد أن ضباط الشرطة أصبحوا ''مشروع شهيد'' على حد تعبيره، منوهًا إلى أن رغم كل الأخطار التي تحيط بهم إلا أنهم لا يخشون الإرهابين ومستمرين في أداء عملهم في حماية الوطن. ضربات استباقية من جانبها قالت وزارة الداخلية، أن جهودها مستمرة في مواجهة الأعمال الإرهابية التي تخطط لها جماعة الإخوان المسلمين. وأعلنت الوزارة أنه في إطار توجيه الضربات الاستباقية للعناصر الإرهابية الخطرة لإحباط مخططاتها في زعزعة استقرار البلاد واستهداف المنشأت الحيوية ورجال الشرطة وقوات المسلحة، تمكنت من ضبط اثنين من عناصر تنظيم أنصار بيت المقدس بالإسكندرية. بينما وصف الخبير الأمني، محمود قطري، عمليات استهداف ضباط الشرطة بالفشل الأمني الزريع والفشل في التخطيط الأمني والاستباقية التي من المفترض أن تتخذها الشرطة لحماية نفسها من تلك الاعتداءات. وأكد قطري، أن وراء تلك الاغتيالات الإخوان المسلمين والتي انضم إليهم جميع الفصائل الإرهابية الممثلة في العالم بأكملة والتي يتواجد لها أعضاء في مصر لتقوم بعمليات ارهابية هدفها اسقاط دولة مصر لصاح الإحوان المسلمين. وأشار قطري، إلى أن تلك الاستراتيجيات ظهرت في بداية الثورة عندما قام الإخوان المسلمين بحرق أقسام ومراكز الشرطة كلها في توقيت واحد وفتح السجون والاعتداء على وزارة الداخلية ومحاصرتها، حيث قيل وقتها أنهم يريدون أن يقوموا بعمل حدث ثوري إيراني وما إلى ذلك، وكل هذا يؤكد بوجود استراتيجية للسيطرة على دولة مصر عن طريق اسقاط أركانها الأساسية وهى الشرطة والجيش ويليهم بعد ذلك القضاء. وأكد القطري، بأن الإخوان نجحوا فعلا في إسقاط الشرطة وتوجيه بعض الضربات الموجعة الشديدة إليها، واستمروا في هذا التكتيك من خلال هذا المفهوم الاستراتيجي الذي يعتنقوه، ومازالوه يضربون الشرطة ويعتدوا عليها لمحاولة إسقاطها ولايفرق معهم في هذا التكتيك كبير أو صغير لأن الهدف الأساسي لديهم هو ضرب الشرطة وإسقاطها لاعتقادهم أنه بسقوطها يمكنهم السيطرة على الدولة المصرية. وأضاف قطري، بأن عملية الحصول معلومات وبيانات القيادات والضباط المستهدفة هى عملية سهلة وبسيطة ولا يوجد بها أي صعوبة، أولا إذا تحدثنا عن قيام تلك الجماعات باختراق الشرطة للحصول على تلك المعلومات فإن ذلك سهل للغاية لأن الشرطة ''مهلهة'' من أي شخص، مشيرًا إلى أن المعلومات التي نعتقد أنها لدى الإخوان، عن أسماء وعناوين الضباط المستهدفة، فهى معلومات بسيطة ومن السهل الحصول عليها، وأشار إلى قطاع الأمن المركزي والذي يتواجد به الكثير من الجنود والأفراد غير مثقفين وغير متعلمين وهم من البسطاء والذي من الممكن من خلالهم الحصول على تلك المعلومات. وأوضح قطري، بأن اغتيالات الشرطة كانت تتم في فترة التسعينيات ولكن كانت أقل من الوقت الحالي، وكانت تتتم على أيدي الجماعة الإسلامية، وكالتي كانت أهدافها غير أهداف الإخوان المسلمين، لأن الجماعة الإسلامية كانت أضعف من جماعة الإخوان المسلمين من حيث التنظيم والأفراد والعدد، ذلك بالإضافة إلى التمويل الكبير والقوي الذي تحصل عليه جماعة الإخوان من أماكن كثيرة في العالم، وهدفهم هو إسقاط الداخلية بأكملها وليس أشخاص بعينهم اعتقادًا منهم أنه بذلك سيمكنهم من السيطرة على الدولة المصرية.