يستعرض المسلحون الساخطون في ليبيا عضلاتهم في العاصمة الليبية طرابلس دون رادع، بعد أن حاصرت مجموعة من الشباب والرجال وزارتي الخارجية والعدل في المدينة على متن شاحنات مزودة بمدافع مضادة للطائرات. كان من بين هؤلاء الذي حاصروا وزارة الخارجية بعض مقاتلي المعارضة السابقين خلال الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي عام 2011، لقد هددوا بتنظيم ''ثورة ثانية'' إذا تجاهلتهم السلطات. وكان من بين المحرضين الآخرين نشطاء مؤقتون ومؤيدون لجماعات مسلحة من مختلف المناطق. وبعد ظهر يوم الأحد تمركز البعض على الأرصفة في حين احتشد آخرون، فالجميع رفض العدول عن مطلب يحث على طرد المسؤولين الذي عملوا تحت مظلة حكم النظام السابق للقذافي. لم يتعلق الأمر بمحاصرة وزارة الخارجية فحسب، بل إن وزارة الداخلية تعرضت هي الأخرى إلى أعمال نهب واعتداء على يد مسلحين يطالبون برواتب فضلا عن وقوع اشتباكات عند مبنى إحدى المحطات التلفزيونية الرسمية بين مسلحين وموظفين، ما دعا أحد المديرين إلى تعليق العمل بعد فترة وجيزة. ويبدو أن جماعات مسلحة منفصلة كانت متورطة في الواقعة. وقال أحد المحتجين عند وزارة الخارجية ''القضية ليست بسيطة، إنها ليست كما تتخيليها.'' واضاف ''من الذي لا يرغب في تحقيق الاستقرار أو الأمن في بلاده؟ لسنا هنا كي نقتل بعضنا. لكن الحكومة لا تحترم حقوق الشهداء، إنهم فاجأونا بأن جميع العاملين بوزارة الخارجية هم ممن سبق لهم العمل في حكومة القذافي.'' أساليب الترويع تضم العاصمة طرابلس شبكة معقدة من الجماعات المسلحة والميليشيات. وتضم هذه الميليشيات معارضين سابقين من مناطق مختلفة بالبلاد، وأفراد لجان أمن أهلية من العاطلين لم يسبق لهم القتال، ومن لديهم سوابق في ارتكاب جرائم أفرج عنهم خلال الحرب، فضلا عن قوة مؤقتة شكلتها وزارة الداخلية تعرف باسم لجنة الأمن العليا. الميليشيات الإسلامية السلفية المتشددة شكلت تحالفا فيما بينها، في حين تنبذها إلى حد كبير الميليشيات الأخرى، وغالبا ما كان يشير اليهم سكان المدينة بأصابع الاتهام حال حدوث خطأ ما. لقد عينوا أنفسهم ''مكافحين للجريمة والاتجار بالمخدرات'' ووجهت إليهم العام الماضي اتهامات بتدمير بعض أضرحة الصوفية، ومع ذلك فالوضع مختلف في طرابلس، فهم يتحلون بحصافة في مناوراتهم. كما تثار مزاعم تشير الى أن بعض هذه الاحتجاجات المسلحة تأججت نتيجة صراعات سياسية داخل المؤتمر الوطني العام ( البرلمان). وثمة اعتقاد بأن بعض السياسيين يستغلون دعم ميليشيات إقليمية أو في مدنهم للضغط من أجل فرض قوانين يرغبون في تمريرها أو من اجل اقصاء مسؤولين لا يرغبون فيهم. قانون العزل السياسي دفعت الدعوة الى تبني ''قانون العزل الساسي'' الى تنظيم الحصار الأخير، ويقول معارضون للقانون المقترح ان مسودته المبدئية مازالت محل دراسة. ويهدف القانون الى منع المسؤولين الذي عملوا تحت نظام حكم معمر القذافي من المشاركة في الحياة السياسية. ومازال السياسيون في المؤتمر الوطني العام في مأزق بشأن تفاصيل القانون، وثمة مخاوف من عزل أعضاء المؤتمر وآخرون يشغلون مناصب في الحكومة. ويعرب إبراهيم الكراز، محلل سياسي، عن رغبته الشديدة في تبني القانون. وقال ''ان الافراد المعنيين بالقانون هم من ارتكبوا جرائم ضد الشعب الليبي، مثل سوء استغلال السلطة والاغتصاب والسرقة. ان هذا القانون مهم للغاية لمنع اي شخص من تخريب الثورة.'' واضاف ''لا اعتقد ان هذه الجماعات المسلحة معتدية على الحكومة، بل هم محذرون.'' وقال الكراز ''انهم يقرعون كل الابواب، ولم يجدوا من يصغي اليهم. طالبوا بالتغير، لكن شيئا لم يتغير، ولا بأقل قدر.'' ومن جانبه يرفض جمعة القماطي، الناشط السياسي وأحد الاعضاء المؤسسين لحزب التغيير – غير الممثل في البرلمان، اساليب الترويع. وقال ''انها عمليات غير ديمقراطية، بل هي فوضى بطريقة غير مقبولة.'' واضاف ''الخلافات في الرؤى السياسية ينبغي تسويتها من خلال الحوار والمنطق – وليس بمنطق القوة وتهديد السلاح.'' قطع الرواتب منذ ان تولى رئيس الوزراء الليبي علي زيدان مهامه في اكتوبر العام الماضي، دأب على توجيه رسالة بصفة متكررة. وقال يوم الاحد '' هذه الهجمات لن تفت في عضدنا ولن نستسلم ولن يلوي احد ذراعنا.'' غير ان المؤتمر الوطني العام تعرض لعدد من الاقتحامات في مناسبات مختلفة لأسباب ودعوات تهدف الى تبني قانون العزل السياسي وحتى تطبيق برنامج علاج طبي لقدامى المحاربين كان قد توقف لفترة نتيجة فساد. ويحاصر مسلحون حاليا وزارة العدل بعد فترة وجيزة من تصريح لوزير العدل بشأن مراكز اعتقال غير قانونية تديرها الميليشيات. ويعتقد خبراء ان ذلك نتيجة تركيز استراتيجية الامن الجديدة للحكومة على طرد تدريجي للميليشيات على مراحل واحلالهم بجهاز امن وطني منظم. وتنهض الحكومة بذلك عن طريق قطع الرواتب ومداهمة بعض المقار غير القانونية للميليشيات في شتى أرجاء العاصمة.