اعتبر خبراء اقتصاد أن سفر البعثة الفنية لصندوق النقد إلى واشنطن بعد انتهاء مفاوضتها مع الحكومة المصرية، دون الحصول على موافقة مبدئية حول القرض بقيمة 4.8 مليار دولار، يرجع إلى أن البعثة ملتزمة بالاجتماعات السنوية للصندوق والتي من المقرر لها أن تبدأ يوم الجمعة المقبل. ويرى الخبراء أن الوضع الاقتصادي لمصر، أكثر تعقيداً في الوقت الحالي، كما أن عدم وجود برلمان منتخب لتأييد القرض، يلزم إدارة الصندوق التفكير لفترة قبل إعطاء الموافقة المبدئية.
وأكد آخرون أن البعثة الفنية لا تملك إعطاء الموافقة المبدئية، مما يلزمها السفر إلى واشنطن، لعرض ما تم التوصل إليه في المناقشات على مجلس إدارة الصندوق، ويروا أن هناك ضغط أمريكي أوروبي على الصندوق من أجل إعطاء القرض لمصر. وكان رئيس بعثة الصندوق إلى مصر، أندرياس باور، أصدر بيان أمس الثلاثاء، أكد فيه حدوث تقدم في المناقشات مع السلطات المصرية بخصوص برنامجها الاقتصادي والدعم المالي المرتقب من الصندوق."
وقال باور: ''اتخذت السلطات بالفعل خطوات جادة نحو تحسين استهداف دعم الطاقة، كما تسعى إلى توسيع قاعدة إيراداتها، وسوف تستمر المناقشات مع المسئولين المصريين بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن ترتيب مؤقت ممكن دعماً لمصر."
الوضع معقد
وقال الدكتور فخري الفقي مساعد المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي، إن المفاوضات الأخيرة لبعثة صندوق النقد مع الحكومة من أجل الحصول على القرض لم تفشل على الإطلاق كما يدعي البعض. وأرجع ''الفقي'' في تصريحات هاتفية لمصراوي، سفر البعثة بدون إصدار موافقة مبدئية، إلى التزام البعثة بالمشاركة في الاجتماعات السنوية المشتركة لصندوق النقد والبنك الدوليين والمقرر بدء فعالياتها يوم الجمعة المقبل، والتي تختتم أعمالها الأحد 21 إبريل الجاري، بالإضافة إلى سفر وفد وزاري من مصر مكون من المالية والاستثمار والتخطيط والتعاون الدولي والبنك المركزي للمشاركة في المؤتمر.
ويرى مساعد المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد، أن من الأسباب أيضاً في تأخر الحصول على موافقة مبدئية، أن الأوضاع الاقتصادية أكثر تعقيداً مقارنة بشهر نوفمبر الماضي منذ نحو 5 أشهر والتي حصلت فيها مصر على موافقة مبدئية، مؤكداً أن الظروف الحالية معقدة تحتاج لروية وعدم التسرع في أخذ القرار. وقال إن البعثة في ظل عدم وجود برلمان منتخب يحصل منه على تأييد كافي للقرض، كان لابد من مقابلة الأحزاب أو القوى السياسية لاستطلاع رأيهم، لافتاً إلى أنه تم مقابلة نحو 15 حزب على مدار 5 أيام، مما سيؤدي إلى التأخر في إصدار القرار وتكوين رأي حول "هل هناك تأييد كافي أم غير كافي؟".
وأشار إلى أن عندما حصلت مصر على موافقة مبدئية في نوفمبر الماضي، كانت الاختصاصات البرلمانية في يد الرئيس محمد مرسي، فلم يجد الصندوق وقتها مشكلة في منح الموافقة آنذاك وهو يمتلك السلطات البرلمانية، مضيفاً أن الشورى يمتلك حالياً تلك الاختصاصات ولكنه ليس مطمئن لبعثة صندوق النقد، حيث أنه منتخب فقط 7% من الأصوات وثلث أعضائه معينين، حسبما قال.
وقال الفقي في سياق تصريحاته لمصراوي، إنه أمام الوفد الوزاري المشارك في الاجتماعات السنوية للصندوق بواشنطن، فرصة في استمرار المفاوضات حول القرض، في ظل وجود 188 دولة مشاركة في الصندوق. وتوقع مساعد المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي، أن تحصل مصر على موافقة مبدئية نهاية الشهر الحالي، مؤكداً على أن الصندوق لن يتأخر أكثر من ذلك في إصدار قراره.
وأوضح أن الأحزاب التي قابلت البعثة الفنية، قالت للصندوق إن هناك 3 مشاكل ذات طابع سياسي، من الممكن أن تجعل الشارع يقاوم أي إصلاح للبرنامج الاقتصادي الحكومي، فيما لو تمت الاستجابة إليها احتمالية النجاح مرتفعة، والتي منها تغير الحكومة الحالية والنائب العام وتغير 20 مادة في الدستور.
وتوقع الفقي أن يكون هناك احتمال استجابة من مؤسسة الرئاسة، بتغير الحكومة والنائب العام، الذي من الممكن أن يتم اختياره لحقيبة وزارية.
ونوه إلى أنه لمس من البعثة الفنية لصندوق النقد الرغبة والاهتمام في مساعدة مصر، مؤكداً على أن الصندوق لن ينتظر طويلاً وسوف يسرع في إبداء الرأي، إما الموافقة أو المصارحة .
وكانت هناك مفاوضات استمرت لأكثر من أسبوعين بين بعثة من الصندوق، وعدد من وزراء المجموعة الاقتصادية، بالإضافة إلى مقابلات البعثة مع عدد من الأحزاب والقوى السياسية لاستطلاع رأيهم.
ضغط أمريكي وأوروبي لصالح مصر
من جهته، قال الدكتور محمد نور الدين خبير مصرفي، إن صندوق النقد بعد الثورات أدرك انه يتعامل بطريقة خاطئة، والدليل على ذلك أنه انتقد نفسه لمساهمته في زيادة معدلات الفقر بين السكان بسبب الإجراءات المتشددة التي كان يطلبها، ولذلك لن يكتفي بموافقة الحكومات على القرض، ولكن لابد أن يحظى بتأييد من المجتمع المدني والأحزاب السياسية. وأضاف أن الصندوق عقد العديد من الاجتماعات في مصر مع الأحزاب السياسية، لسماع تحفظاتها على القرض، كما أن الصندوق كان يشترط أن يكون هناك مجلس التشريعي حين الموافقة على القرض، من الواضح ان هناك بعض التوازنات.
ويرى الخبير أن هناك ضغوطات على الصندوق من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي من أجل إعطاء القرض لمصر، لأنهم لن يسمحوا بسقوط مصر، مؤكداً على أن قطر وليبيا تعرضوا لضغوط من قبل الأمريكان من أجل إعطاء قرض لمصر لمساعدتها في المرحلة الراهنة.
وأوضح نور الدين أن البعثة التي كانت في مصر هي بعثة فنية لا تملك سلطة إعطاء القرار، ولذلك لابد من انتظار قيام البعثة بعرض الدراسة على مجلس إدارة الصندوق، ومن ثم بعدها اتخاذ القرار.
وعن احتمالية عدم حصول مصر على القرض، طالب الخبير من الحكومة اتخاذ بعض الإجراءات التي من خلالها تستطيع حل عجز الموازنة، مع تشديد القيود على الواردات والسفر إلى الخارج من الحفاظ على النقد الأجنبي، حتي نستطيع ان يكون هناك توازن نسبي في ميزان الدفوعات