على الرغم من دخول التليفزيون لمصر والوطن العربي وقت حرب 1967، إلا أن ''الإذاعة المصرية'' وإذاعة ''صوت العرب'' لعبتا دورا هاما في نقل أخبار ''جبهات القتال'' للمستمع المصري والعربي، ولكن شتان بين بيانات الإذاعة وقت ''النكسة'' وبيانات الإذاعة وقت ''العبور''. ففي حرب ''الأيام الستة'' يونيو 1967، حافظت ''إذاعة صوت العرب'' على ''اللهجة الحماسية'' وسمو ''القومية العربية''، وهي أهداف نشأة تلك الإذاعة في خمسينيات القرن الماضي، وفور بدأ العمليات العسكرية على جبهات ''سيناء والجولان والضفة''، بدأت ''صوت العرب'' في إذاعة ''الشعارات والأناشيد القومية'' والمارشات العسكرية والخطب الحماسية، وتوالت أنباء ''إسقاط طائرات ''العدو الإسرائيلي'' والتقدم العربي الكبير. إلا أن بعد أيام قليلة بدأت الحقاق تتكشف، وخرجت البيانات الأصلية تفيد ''تراجعا عربيا'' و ''انسحابات'' و ''ضرب للطائرات'' وهي لا تزال على أرض المطار، وهنا ظهر الرئيس الراحل ''جمال عبد الناصر'' في خطابه التليفزيوني الشهير ''خطاب التنحي''، وتبدأ فترة النكسة، إلا أن العكس تماما جاء مع ''أنباء العبور''. الساعة الآن الثانية والربع ظهر يوم السادس من أكتوبر 1973، صوت الإذاعي الكبير ''صبري سلامة'' عبر أثير ''البرنامج العام يلقي البيان الإذاعي الأول الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة: '' قام العدو الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر اليوم بمهاجمة قواتنا بمنطقتي الزعفرانة والسخنة بواسطة تشكيلات من قواته الجوية وتقوم قواتنا حالياً بالتصدي للقوات المغيرة .. هنا القاهرة'' حقيقة الأمر أن هذا البيان وما تلاه من ''ثلاثة بيانات أخرى'' لم تكن سوى ''تمهيد'' الشعب لتحركات الجيش، وإمكانية الدخول في اشتباك حربي، وكان مفادها ''تعليقا على البيان السابق، رداً على العدوان الغادر، نفذت قواتنا مهاماً بنجاح وأصابت مواقع العدو إصابات مباشرة ومازال الاشتباك مستمر.. هنا القاهرة''، و كانت تذاع بمعدل كل نصف ساعة تقريبا. الساعة الآن الرابعة وخمس دقائق عصرا، صوت ''حلمي البُلُك'' يلقي ''البيان الخامس الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة''، وهو البيان الأشهر في تاريخ هذا اليوم والحرب كلها، إذ أذاع البيان ''نبأ العبور'' واقتحام خط بارليف الحصين'': ''هنا القاهرة .. جاءنا الآن البيان الخامس الصادر عن القوات المسلحة.. نجحت قواتنا المسلحة في اقتحام قناة السويس في قطاعات عديدة واستولت على نقط العدو القوية بها ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة، كما قامت القوات المسلحة السورية باقتحام مواقع العدو في مواجهتها وحققت نجاحاً مماثلاً في قطاعات مختلفة'' .
