45 طيارا ممن شاركوا في حرب أكتوبر لم يعجبهم كلام الاستاذ »هيكل« عن الضربة الجوية الاولي وقوله انها لم تكن سوي مظاهرة جوية لاعادة الروح المعنوية للمقاتلين.. وان النظام السابق وظفها سياسيا بهدف تأسيس شرعيته.. الطيارون قدموا بلاغا إلي النائب العام واصفين التصريحات بأنها »كذب صريح ومحض افتراء«. رغم مرور ما يقرب من 38 عاما فما زلت اتذكر رغم صغر سني في هذا الوقت عندما قطعت الاذاعة برامجها المعتادة في الثانية وعشر دقائق من بعد ظهر السادس من اكتوبر 1973 ..وجاء صوت الاذاعي »صبري سلامة« قائلا »هنا القاهرة: قام العدو في الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم بمهاجمة قواتنا بمنطقتي الزعفرانة والسخنة بخليج السويس بواسطة عدة تشكيلات من قواته الجوية عندما كانت بعض زوارقه البحرية تقترب من الساحل الغربي للخليج ..وتقوم قواتنا حاليا بالتصدي للقوات المغيرة«..وبعد ذلك بعشرين دقيقة جاء البيان الثاني وكان نصه »ردا علي العدوان الغادر الذي قام به العدو ضد قواتنا في مصر وسوريا00تقوم حاليا بعض تشكيلاتنا الجوية بقصف بعض قواعد العدو واهدافه العسكرية في الاراضي المحتلة« .. وفي الثالثة عصرا كان البيان الثالث: »الحاقا لبياننا الثاني نفذت قواتنا الجوية مهامها بنجاح واصابت مواقع العدو باصابات مباشرة وعادت جميع طائرتنا الي قواعدها سالمة عدا طائرة واحدة«..وبعد ثلث ساعة عاد الصوت ليصدح بالبيان الرابع: »حاولت قوات معادية الاستيلاء علي جزء من أراضينا غرب القناة.. وقد تصدت لها قواتنا البرية.. وقامت بهجوم ناجح ضدها بعد قصفات مركزة من مدفعيتنا علي النقاط القوية المعادية.. ثم قامت بعض من قواتنا باقتحام قناة السويس ومطاردة العدو إلي الضفة الشرقية في بعض مناطقها.. ومازال الاشتباك مستمراً علي الضفة الشرقية لقناة السويس«..وفي الرابعة جاء البيان الخامس وكان يحمل نبأ العبور: »نجحت قواتنا في اقتحام قناة السويس في قطاعات عديدة..واستولت علي نقاط العدو القوية بها.. ورفع علم مصر علي الضفة الشرقية للقناة.. كما قامت القوات المسلحة السورية باقتحام مواقع العدو في مواجهتها.. وحققت نجاحاً مماثلاً في قطاعات مختلفة«.. في الخامسة كان البيان التالي: »نتيجة لنجاح قواتنا في عبور قناة السويس قام العدو بدفع قواته الجوية بأعداد كبيرة فتصدت له مقاتلاتنا واشتبكت معه في معارك عنيفة.. وقد أسفرت المعارك عن تدمير إحدي عشرة طائرة للعدو.. وقد فقدت قواتنا عشر طائرات في هذه المعارك«.. واستمرت بيانات اليوم الاول حتي الثانية والنصف من بعد منتصف الليل. ما قرأته وما سمعته عن انتصارات اكتوبر والضربة الجوية الاولي مختلف تماما عما قاله الاستاذ »هيكل« .. وباعتباري واحدا من جيل عايش الحرب صغيرا .. وواحدا من الصحفيين الذين نالوا شرف وفُرص اجراء حوارات مع بعض قادة الحرب العظام والتقوا مع من شاركوا فيها من ضباط ومقاتلين .. فأعلم علم اليقين ان الضربة الجوية عبقرية عسكرية مصرية في التخطيط والتدريب والتنفيذ ولم تكن مظاهرة جوية ولا تقل في اهميتها عن المعارك التي نفذها ابطالنا البواسل في القوات البرية والبحرية والدفاع الجوي اثناء العبور وخلال 22 يوما من الحرب ..فكما صنع المصريون مدنيين وعسكريين ملحمة اكتوبر صنعوا ثورة 25 يناير .. وعلينا الآن ان نكمل الطريق باعادة النظر في سياستنا الاجتماعية والخدمية وجدوي مشاريعنا القومية وخاصة اننا نعيش مناخ الحرية والنصر.. فلانتصارات يسجلها التاريخ وتصنعها الشعوب ولا يستطيع الافراد محوها لخلافات شخصية!