اسامة بن لادن الذي شغل العالم في حياته شغل الساسة والرأي العالم في ارجاء المعمورة بمماته ايضا فما بالك بالصحافة البريطانية التي ركزت جل صفحاتها لهذا الحدث. فالرجل الذي قتل على يد فريق كوماندوس امريكي صبيحة الاحد بعد مطاردة ناهزت عقدا من الزمن احتلت صورته الصفحات الاولى لجميع الصحف الصادرة الثلاثاء فيما كانت عناوين تغطيتها متباينة وتناولت جوانب مختلفة للحدث. فصحيفة الغارديان حملت عنوان الولاياتالمتحدة تطال ابن لادن لكن كيف تمكن من الاختباء كل هذه المدة فيما حملت الديلي تليغراف عنوان قتل وهو يختبىء وراء زوجته بينما الاندبندنت حملت عنوان حرب رجل واحد الى جانب صورة له وصور عدة عمليات قام بها تنظيم القاعدة في مختلف انحاء العالم. في صفحة الرأي من الاندبندنت كتب روبرت فيسك وهو واحد من صحفيين اثنين التقيا بن لادن متسائلا هل تعرض بن لادن للخيانة؟ ويجيب بالطبع لان الاستخبارات الباكستانية كانت تعرف مكان تواجد بن لادن دائما واضاف رغم الضجيج الاعلامي الهائل الذي احاط بمقتل الرجل الا انه قتل ودفن دون اضواء كما عاش الرجل وتنظيمه بعيدا عن الاضواء محاطا بالسرية والغموض. ان الثورات التي تجتاح العالم العربي منذ اربعة اشهر فقط تشير الى موت تنظيم القاعدة سياسيا فقد اخبر ابن لادن الكاتب وجها لوجه انه يريد تدمير الانظمة العربية الموالية للغرب مثل نظام حكم حسني مبارك في مصر وحكم زين العابدين بن علي في تونس واقامة خلافة اسلامية وخلال الفترة القليلة نهض ملايين العرب وهم مستعدون للشهادة ليس بهدف اقامة الخلافة الاسلامية بل من اجل الحرية والتحرر والديمقراطية واطاحوا بحكم مبارك وبن علي حتى الان وهو ما فشل فيه ابن لادن. ويضيف فيسك لقد التقيت بابن لادن ثلاث مرات وبقي سؤال واحد لم اطرحه على الرجل وكان بودي ان اسأله عن رأيه فيما يجري في الوطن العربي من ثورات وطنية وليست اسلامية يشارك فيها جنبا الى جنب المسلمون والمسيحيون الذين كان تنظيم القاعدة يقوم بذبحهم . وتناول الكاتب لقاءته مع بن لادن وظروف مقتله ولماذا لم يتم القاء القبض عليه وماذا يمكن ان يحدث لو انه اعتقل وقدم للمحاكمة وتحدث عن تعاونه مع الولاياتالمتحدة اثناء الاحتلال السفوفيتي لافغانستان واجتماعاته مع مدير المخابرات السعودية تركي بن سلطان. الجارديان قالت ان باكستان تواجه الان مرحلة صعبة اذ عليها الاجابة على اسئلة صعبة من قبل الادارة الامريكية عن كيفية اختباء ابن لادن كل هذه المدة في اراضيها وفي منطقة مراقبة امنيا بشدة وتحوي العديد من المنشآت العسكرية المهمة في باكستان. وتنقل الصحيفة عن مسؤول مكافحة الارهاب في الادارة الامريكية جون برنان تأكيده ان تمتع ابن لان بنوع من الحماية في باكستان امر شبه مؤكد فمن غير المرجح الا يتمتع بنوع من نظام حماية وفرتها جهات باكستانية. وتضيف الصحيفة انه رغم الترحيب الامريكي بتعاون الباكستان مع الولاياتالمتحدة في مجال محاربة الارهاب لكن هناك شكوك قوية حول مدى هذا التعاون مما حدا بعدد من اعضاء الكونجرس المطالبة بوقف المساعدات الامريكية المقدمة الى اسلام آباد. فقد اعلن احد هؤلاء الاعضاء اعتقد ان على المخابرات والجيش في باكستان الاجابة على العديد من الاسئلة اذ لا يعقل الا تكون لديهم معلومات عن تواجد ابن لادن في ابوت آباد ومدة وجوده هناك اذ من الواضح ان المنزل الذي قتل فيه بن لادن بني خصيصا له في هذا المكان بسبب قربه من مواقع الجيش الباكستاني. وتضيف الصحيفة ان الادارة الامريكية سوف تضغط على اسلام آباد الان من اجل تسليم زعيم حركة طالبان الافغانية الملا عمر ونائب بن لادن ايمن الظواهري لو تأكد وجودهما هناك. صحيفة الفايناشيال تايمز تناولت تراجع دور تنظيم القاعدة في العالم العربي مؤخرا وكتبت ان الاحتجاجات السلمية في الوطن العربي تتناقض تماما مع عقيدة تنظيم القاعدة الذي يعتمد على العنف كوسيلة للتغيير السياسي، فقبل عشر سنوات كان العديد من الشباب في العالم العربي ينظر الى بن لادن باعتباره بطلا وحربه ضد الانظمة العربية الموالية للغرب وسيدهم الولاياتالمتحدة كانت مبررة كونها السبيل الوحيد لنيل الحرية. لكن ابن لادن وشعاراته غائبة تقريبا عن الثورات العربية التي اطاحت حتى الان بنظامي مبارك وبن علي والشباب العربي اضحى البطل في هذه الثورات والابطال الذين يقودونهم برزوا من بين صفوفهم بعيدا عن شعار الجهاد ويعتمدون على اساليب سلمية ويقبلون التعددية ولهم اهداف وطنية وليست لهم اجندة عالمية مثل القاعدة. ورغم ان القاعدة قد تستفيد من نتائج الثورات العربية في بعض الدول مثل ليبيا واليمن لكن ذلك سيكون على المدى القصير فقط والقاعدة كفكرة لم تعد مصدر الهام للشباب في العالم العربي بعدما ادركوا انهم قادرون على تغيير الانظمة بوسائل سلمية وتحقيق اهدافهم دون اللجوء الى اعمال العنف. وتختتم الصحيفة مقالها بكلمة للبروفيسور في جامعة الامارات عبد الخالق عبدالله يقول فيها مع نهاية بن لادن تنتهي حقبة برمتها ويسدل الستار عليها اذ بدأ الفصل الاخير لهذا الفكر مع اندلاع ثورات ربيع العالم العربي وقبل ذلك تغيرت الولاياتالمتحدة مع وصول الرئيس اوباما الى البيت الابيض وانتهاء حقبة الرئيس جورج بوش الابن مما جعل شعار محاربة الامبريالية الامريكية اقل جاذبية الى حد بعيد .