على طول الطريق الترابية الممتدة على جانبيها الحقول الزراعية وبعض البيوت الطينية، والتي ترى في بعضها طاولات صغيرة مع جهاز كومبيوتر محمول وملصقات تمثل حزب النور، يجلس الساسة السلفيون خلفها وهم يروجون للديمقراطية بين أبناء محافظة المنوفية ''مسقط رأس الرئيس السابق حسني مبارك''. هو مشهد غير مألوف في بلد لم يشهد انتخابات حرة منذ العام 1950، ولمجموعة دينية كانت تروج سابقاً أن المشاركة في الانتخابات هو أمر ''حرام''. الآن تغير المشهد: السلفيون هم تماماً مثل كل الأحزاب الأخرى يسعون للحصول على اكبر عدد من مقاعد البرلمان. القائد كان سيئاً لكن الناس كانوا جيدين خلال جولة في مدينة المنوفية ترى أن الرئيس السابق حسني مبارك خسر التأييد حتى في المحافظة التي ولد فيها مثل سلفه أنور السادات. ومع ذلك فان هذا لا يعني أن جميع الأعضاء السابقين للحزب الحاكم أصبحوا منبوذين. في منطقة اشمون ما زال الكثيرون يتعاطفون مع القادة المحليين والذين كانوا يصوتون لهم في السابق ''الرئيس مبارك كان سيئاً'' يقول محمود من قرية منيل دويب ''لكن الناس أنفسهم جيدون. لم يكن باستطاعتهم فعل شي لوقف الفساد''. الصيدلي أحمد من حي الباجور له نفس الرأي. الباجور كانت مهد ومعقل الأعضاء البارزين في الحزب الحاكم ''هو قام بعمل جيد في هذه القرية'' يقول احمد ''قام ببناء الطرق والمستشفيات''. أما أبو عيسى من قرية المنيل فيرى الأمور بشكل مختلف. هو يفضل التصويت لحزب ''الحرية والعدالة'' الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين. ''هم الناس الذين قدموا لنا الدعم على مر السنين'' يقول ابو عيسى. الخدمات والشريعة الإسلامية الكثير من الناس في القرية هم أعضاء في جماعة الإخوان وهذا ما يفسر التصويت لحزب الحرية والعدالة. في سلمون وفي حي الشهداء يتوجه الناس للتصويت للأحزاب والمرشحين اليوم في الجولة الثانية. أمام بناية خرسانية منخفضة والتي هي بمثابة مركز الاقتراع يقف القليل من الجنود للحراسة. وفي الجوار يشكل بعض الرجال مجموعات صغيرة يناقشون فيها السياسة، فيما تقوم طفلة صغيرة بتوزيع منشورات انتخابية لحزب الحرية والعدالة. عندها توقفت في الشارع الترابي الرئيسي سيارة احد المرشحين لحزب الحرية والعدالة، حيث تجمهر حوله مباشرة حشد من الرجال والنساء والأطفال. شيخ البلد رحب به قائلاً: ''بمساعدتكم سيكون بوسعنا دعم هؤلاء الناس الفقراء وتحسين حياتهم''، فيما قوبل كلامه بتصفيق عفوي من أهل القرية. أظهرت فتاة إصبعها المطلي باللون الوردي حيث صوتت للتو في مبنى المدرسة - والذي يبعد حوالي خمسين متر من البناية التي يدلي الرجال فيها بأصواتهم - لرمز ''غصن الزيتون'' وهو رمز المرشح المحلي لحزب الحرية والعدالة، ''لأنهم كانوا دائماً هنا وكانوا دائماً يساعدوننا''، تقول الفتاة. ''نحن لم نر أي حزب قدم لنا الخدمات قبل الحملة الانتخابية''، وأضاف المعلم: ''فضلا عن أنهم أناس يخافون الله، ويحترمون الناس وعقائدهم''. لكن ماذا عن حزب النور ؟ ألا يدعون الشيء نفسه ؟ ''هم لا يمتلكون التاريخ السياسي مثل جماعة الإخوان''، يقول المعلم. لا تحريم للانتخابات مثل هذا التاريخ السياسي نفسه الذي منع احمد - المتخرج من المحاماة لكنه يفلح أرض ولده - من التصويت. السلفيون كانوا دائما يدعون أن الانتخابات ''حرام''. ''هذا لأننا كنا نعلم مسبقاً النتائج، وعدم رغبتنا بإعطائهم الشرعية''، يشرح احمد. ''الآن تغير الوضع'' احمد اختار حزب النور ''لأنهم سوف يطبقون الشريعة الإسلامية''، لكنه لا يمانع إذا ما فاز حزب الحرية والعدالة في الانتخابات، ''سوف يسيرون بالبلد إلى الأمام''. إنها مسألة وقت، يقول احد سكان القرية. ''لدينا مشاكل هنا لم تحل خلال ثلاثين عاما من حكم مبارك، مثال على ذلك: ليس لدينا مياه صالحة للشرب ونظام صحي غير فعال. وهناك نسبة كبيرة من البطالة والناس ليس لديهم ما يكفي للعيش''. كل الآمل في الانتخابات القادمة لإيجاد حلول، على الأقل لبعض هذه القضايا.