عمان (رويترز) - قال شهود عيان يوم الاثنين ان قوات الامن السورية طوقت مدينة بانياس الساحلية مساء الأحد بعد حوادث قتل قامت بها قوات غير نظامية موالية للرئيس السوري بشار الاسد. واندلعت أعمال العنف في بانياس التي تضم احدى مصفاتي نفط في سوريا يوم الاحد عندما أطلقت قوات غير نظامية من العلويين تعرف باسم "الشبيحة" النار على السكان ببنادق الية من سيارات مسرعة بعد احتجاجات مؤيدة للديمقراطية في المدينة التي تسكنها أغلبية سنية. وقال نشط في مجال حقوق الانسان في المدينة لرويترز ان ثلاثة على الاقل قتلوا. وذكرت السلطات أن جماعة مسلحة نصبت كمينا لدورية قرب بانياس مما أسفر عن مقتل تسعة جنود. وقال نشط اخر من المدافعين عن حقوق الانسان ان الطرق الى المدينة أغلقت. وأضاف "حاولنا الوصول الى بانياس من المخرج الرئيسي المتفرع من الطريق السريع الساحلي لكن الشرطة السرية أغلقت الطريق وتغير اتجاه السيارات. كما أغلقت الطرق الجانبية." وفي مواجهة تحد غير مسبوق لحكمه الشمولي قال الاسد ان المحتجين جزء من مؤامرة خارجية لاذكاء الفتنة الطائفية. واستخدم والده الرئيس الراحل حافظ الاسد لهجة مماثلة عندما قمع المعارضين من اليساريين والاسلاميين لحكمه في الثمانينات مما أسفر عن مقتل الالاف. ويرفض زعماء الحقوق المدنية والشخصيات المعارضة هذه المزاعم وأصدروا اعلانا في الشهر الماضي ينبذون فيه الطائفية وأعربوا فيه عن التزامهم بالتغيير الديمقراطي السلمي وذكروا أن الشعب السوري كله يعاني من القمع. وينتمي الاسد الى الاقلية من العلويين الذين يمثلون نحو 10 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 20 مليون نسمة.ئ وقال محام علوي نشط في مجال حقوق الانسان ان العلويين شأنهم شأن أقليات أخرى يعانون من الانظمة القمعية يخشون المجهول في حالة سقوط النظام. لكنه أضاف أن هذا لا يعني أنهم يؤيدون العنف الذي ينتهجه النظام. وامتدت الاحتجاجات في أنحاء سوريا رغم محاولات الاسد نزع فتيل الاستياء من خلال اتخاذ خطوات تهدف الى تنفيذ مطالب مثل انهاء حالة الطواريء المستمرة منذ نحو 50 عاما واسترضاء الاقلية من الاكراد وكذلك المحافظين من السنة. وفي تكثيف لحملة قمع للمعارضة الشعبية التي دخلت الان اسبوعها الرابع انتشرت قوات الامن في دبابات خلال الليل قرب مصفاة بانياس النفطية وحيث يقع المستشفى الرئيسي في المدينة. وترددت أصداء اطلاق نار في المدينة امس. وقال احد نشطاء حقوق الانسان في بانياس لرويترز ان ثلاثة مدنيين على الاقل قتلوا عندما جاء "الشبيحة" من الجبال المجاورة التي تطل عليها بانياس. وأضاف "جاءوا من جبال قريبة. سكان بانياس يعرفون انهم بلطجية يعملون بأوامر وأن الصراع الطائفي سيؤدي الى دمار الجميع." مشيرا الى اشتراك العلويين والسنة معا في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في بانياس خلال اليومين الماضيين. ومضى يقول "الشوارع أصبحت خالية بعد حوادث القتل. الناس خائفون. أطلق الشبيحة النار بشكل عشوائي ويمكن رؤية اثار الرصاص على المباني." وقتل 90 شخصا على الاقل في المظاهرات التي اندلعت لاول مرة في مارس اذار للمطالبة بالافراج عن تلاميذ مدارس كتبوا شعارات على جدران مدرستهم في مدينة درعا الجنوبية تدعو للديمقراطية ثم تطورت فيما بعد للدعوة الى حرية أكبر وانهاء حكم الاسد. وسيكون لاي تغيير سياسي في سوريا تداعيات أوسع لانها تقع في قلب الصراع العربي الاسرائيلي. وتقيم عائلة الاسد الحاكمة في سوريا تحالفا مناهضا لاسرائيل مع ايران وتدعم كلا من حزب الله اللبناني وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) ولكنها ما زالت تسعى للتوصل لاتفاق سلام مع اسرائيل. وأدان الغرب استخدام سوريا للعنف ولكن من غير المحتمل ان تواجه تلك الدولة الاستراتيجية التي تحدها كل من اسرائيل والعراق والاردن ولبنان وتركيا تدخلا اجنبيا مثلما حدث في ليبيا ما لم يصل معدل القتل الى ما شهدته الثمانينات. وكانت قوات موالية للرئيس الراحل حافظ الاسد أغلبها من العلويين هاجمت مدينة حماة انذاك للقضاء على انتفاضة قادها الاخوان المسلمون. وسقط ما يصل الى 30 ألف قتيل. وقال دبلوماسي "للاسف فان القوات الامنية في سوريا مرتبطة بالنظام أكثر مما هو الحال في ليبيا. المحتجون السوريون يتغافلون عن الاحتمال الواضح في أن النخبة الحاكمة ربما لن تردد في قتل الالاف للتمسك بالسلطة." وكثفت السلطات من قمع الاعلام المستقل منذ بدء الاحتجاجات وطردت مراسل رويترز في دمشق واحتجزت أربعة اخرين من صحفيي رويترز لعدة أيام. وقالت وكالة اسوشييتد برس للانباء أن اثنين أيضا من صحفييها طردوا. وأنحت سوريا باللائمة في الاضطرابات التي لم يسبق لها مثيل على "جماعات مسلحة" تطلق النار بشكل عشوائي على المواطنين وعلى قوات الامن على حد سواء ولا يسمح الا بوصول التلفزيون الحكومي الى المناطق المضطربة. وقال طبيب وأستاذ جامعي ان مجموعة كانت تحرس بالعصي مسجد ابو بكر الصديق في بانياس أثناء صلاة الفجر عندما تعرضت لهجوم من الشبيحة. وقال الطبيب "أربعة اشخاص أصيبوا في أقدامهم وسيقانهم. الخامس أصيب بأخطر جروح وهي رصاصة بندقية كلاشنيكوف اخترقت الجانب الايسر من صدره." وجاء الهجوم بعد تظاهر نحو ألفي شخص في بانياس يوم الجمعة عندما ردد المحتجون "الشعب يريد اسقاط النظام" كما فعل المتظاهرون في ثورتي تونس ومصر.