فاز الرئيس الجيبوتي المنتهية ولايته اسماعيل عمر غلله الموجود في الحكم منذ العام 1999 بفارق مريح بولاية رئاسية جديدة من خمس سنوات على رأس هذا البلد الصغير في القرن الافريقي الذي يتمتع بموقع استراتيجي مميز عند مدخل البحر الاحمر. ونال غلله (63 عاما) 79,26% من الاصوات مقابل 20,74% لمنافسه الوحيد المرشح المستقل المدعوم من جزء من المعارضة والرئيس السابق للمجلس الدستوري محمد ورسمه راجه. واعلن وزير الداخلية الجيبوتي ياسين علمي بوح ان هذه النتائج تشمل فرز الاصوات في 352 من المكاتب الانتخابية البالغ عددها 387 مركزا في جيبوتي. واوضح ان الاصوات المتبقية في المكاتب ال35 التي لم يتم فرزها لن تغير النتيجة الا بشكل طفيف. وبلغت نسبة المشاركة 68,51%، وهي نسبة مرتفعة نسبيا في تاريخ الانتخابات في هذا البلد. ويعود الى المجلس الدستوري اعلان النتائج رسميا في الايام المقبلة. وقال غلله في تصريح متلفز ادلى به بعيد الاعلان عن النتائج "الليلة، الشعب الجيبوتي اختار، مع النضوج الكبير الذي يتحلى به. وقرر تسليمي مجددا مقاليد الحكم في بلدنا العزيز للسنوات الخمس المقبلة". وتمكن غلله من ترشيح نفسه لولاية ثالثة بفضل مراجعة دستورية تبناها البرلمان باكمله في 2010. ويؤكد غلله ان هذه الولاية ستكون ولايته الاخيرة، لكن المعارضة ترى فيها "الباب المفتوح للرئاسة مدى الحياة". وقال امام الصحافيين الخميس "انتهى الامر، انه سباقي الاخير". وبعيد ادلائه بصوته صباح الجمعة، قال غيله انه "يشعر بالثقة والهدوء". واضاف "اعتقد اني عملت من اجل الشعب والديموقراطية والتنمية في بلدي". وتابع "اعتقد ان الشعب فهمني وآمل ان تتحقق نتائج على مستوى طموحاتي". وعملت بعثات عدة على مراقبة الانتخابات الجمعة ارسلها الاتحاد الافريقي والسلطة الحكومية للتنمية (ايغاد) ومنظمة المؤتمر الاسلامي. كما تابعت سفارات عدة (خصوصا اليابانوفرنسا والولاات المتحدة) الانتخابات بوسائل عدة. واكدت وزارة الخارجية الفرنسية الخميس ان "فرنسا تتابع باهتمام في جيبوتي وفي كل مكان آخر، احترام الحقوق الاساسية ولا سيما حرية التعبير". وقال محمد (56 عاما) بعدما ادلى بصوته "نعرف من سيفوز. السؤال الوحيد هو ما اذا كان المرشح الآخر (ورسمة) سيحقق نتيجة مشرفة. اذا حصل على 1 او 2 بالمئة من الاصوات سينتهي. واذا حصل على 20 الى 25 بالمئة فامامه مستقبل سياسي". اما عبد الله (40 عاما) فقال "لم اصوت لاحد. لا ادري لماذا علي ان اصوت لورسمة الذي لا يقنعني برنامجه وكذلك الامر بالنسبة لغلله الذي يجب ان يرحل". واضاف "بصراحة لا اسمي هذه انتخابات". وتأتي هذه الانتخابات بعد شهرين من تظاهرات هي الاكبر منذ الاستقلال. ففي اعقاب تجمعات طالبية مطلع شباط/فبراير، تظاهر الاف من انصار المعارضة في العاصمة في 18 شباط/فبراير، مطالبين باستقالة غلله. وادت التظاهرة الى وقوع حوادث عنيفة مع قوات الامن واسفرت عن قتيلين على الاقل، كما افادت حصيلة رسمية. ومنذ ذلك الحين، قرر النظام تعزيز عمليات القمع الامني ضد المعارضة. واعتقل عدد من مسؤولي المعارضة والمجتمع المدني لفترة قصيرة. ودان رئيس الاتحاد من اجل التداول الديموقراطي حسن غوليد ابتيدون رئيس جيبوتي السابق الاقتراع، معتبرا ان نتائجه معدة مسبقا. وقال "في بلدنا ليست هناك انتخابات". واضاف "شاركنا في الانتخابات الرئاسية في 1999 (التي فاز فيها غلله) فسرقوا منا انتصارنا. مثل انتخابات 2003 ومنذ ذلك الحين قررنا المقاطعة الى ان تتحقق الشروط". وقاطع الانتخابات هذا التكتل واتحاد الحركات الديموقراطية الذي انشىء حديثا، الاقتراع لانهما لم يتفقا على مرشح مشترك ولانهما يشككان في استقلالية اللجنة الانتخابية. من جهتها، قالت جبهة اعادة الوحيدة والديموقراطية المتمردة في بيان ان هذه الانتخابات ليست سوى "مهزلة". واضافت ان الاقتراع "ليس سوى اجراء شكلي وآلة لادامة ديكتاتورية"، متسائلة "اي شرعية يتحدث عنها عمر غلله؟". ووجهت المعارضة التي قاطعت الانتخابات الرئاسية في 2005، انتقادات حادة ايضا الى الاصلاح الدستوري الذي اقره في نيسان/ابريل 2010 برلمان يؤيد بالكامل الرئيس المنتهية ولايته واتاح له ان يترشح لولاية ثالثة تم تقصيرها من خمس سنوات بدلا من ست. على الصعيد الدولي، برع غلله في الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لبلده الصغير. فبعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة، باتت جيبوتي البلد الرئيسي الذي يستخدمه الاميركيون في القرن الافريقي لمكافحة الارهاب ويضطلع بدور اساسي في التصدي للقرصنة الصومالية في المحيط الهندي. وتؤوي جيبوتي اكبر قاعدة عسكرية فرنسية في الخارج، والقاعدة الاميركية الوحيدة في افريقيا على ان تستضيف عما قريب قاعدة يابانية. وتساهم هذه القواعد في اقتصاد البلاد الذي تشكل التجارة الملاحية فيه قاعدته الاساسية وخصوصا في اتجاه العملاق الاثيوبي.