بغداد (رويترز) - كان الممرض العراقي صباح جاسم يحلم بأن يمتلك مشروعه الخاص لكن الاحباط الذي أصابه جراء قلة الدعم الذي تقدمه الحكومة دفعه الى جمع مدخراته واللجوء الى بنك خاص لمساعدته في فتح عيادة في بغداد. وجاسم واحد من مئات العراقيين الذين يتوقون لاطلاق مشروعات صغيرة ومتوسطة بعد الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003 والذي أطاح بالرئيس الراحل صدام حسين. وعرقلت عقود من العقوبات الاقتصادية والحرب عملية التنمية في العراق بينما لم تحرز الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر عادة ركيزة الاقتصاد في أي بلد تقدما يذكر في العراق نظرا لارتفاع التكاليف الاولية لاطلاق المشروعات وضعف التمويل الحكومي. وتضافرت عوامل من بينها الانقطاع المتكرر لامدادات الكهرباء والمياه واستمرار المخاوف الامنية وارتفاع الرسوم الجمركية لتجعل من انتعاش قطاع الشركات الصغيرة أمرا عسيرا. وقال جاسم الذي يدير عيادة بها تخصصات طب الاسنان وأمراض النساء فضلا عن صيدلية ووحدة للاشعة السينية في حي العبيدي الفقير ببغداد "ليس هناك مساندة من الحكومة. اعتمد على مصرف أشور وعلى نفسي. بمساعدتهم استكملت مشروعي." وأردف "الحمد لله عملي ناجح لكن كان يمكن أن يدر المزيد من المال لو لم أكن أنفق كل هذا على الكهرباء والمياه وبنود أخرى." وبعد ثماني سنوات من الغزو الامريكي لا تفي شبكة الكهرباء العراقية الا بالنذر اليسير من الاحتياجات المحلية ويبلغ معدل البطالة الرسمي 15 بالمئة بالرغم من أنه يعتقد أن المعدل الحقيقي يصل الى 30 بالمئة تقريبا. ويقول باسم جميل العضو في اتحاد الصناعات العراقي ان السلطات أصدرت نحو 35 ألف رخصة لمشروعات صناعية لكن 85 بالمئة من هذه المشروعات لم يدخل بعد حيز التنفيذ بينما تعمل الخمسة عشر بالمئة المتبقية بنحو 20 بالمئة من طاقتها المستهدفة. وقال عبد الحسين العنبكي المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان المشروعات الصغيرة والمتوسطة لم تسهم بشيء يذكر في الناتج المحلي الاجمالي وأخفقت حتى الان في اجتذاب المزيد من التمويل الحكومي بسبب ارتفاع تكلفة تأسيس المشروعات. وأضاف العنبكي "اقترحنا تحديد 200 مليون دولار ووضعها في موازنة 2011 لصالح المصرف الصناعي وبالتالي يتم اقراضهم بفائدة اثنين بالمئة تقريبا. "للاسف لم تخصص هذه الاموال لموازنة 2011. نأمل أن ندرجها في الموازنة التكميلية على أمل أن تتحسن اسعار النفط وندفع هذه المشاريع الى أن تعمل." وتسهم الاحتياطيات النفطية الضخمة للعراق بنحو 95 بالمئة من ميزانية الحكومة. ويمكن أن ترفع الصفقات المبرمة مع الشركات الاجنبية اذا ما صادفت نجاحا الطاقة الانتاجية الى أربعة أمثالها وتمد الحكومة بالتمويل اللازم لاعادة الاعمار بعد سنوات من الحرب والعقوبات والاهمال. واستخدم جاسم نحو 25 ألف دولار من مدخراته وحصل على قرض بنفس المبلغ من مصرف اشور الخاص في عام 2010 لانشاء المركز الطبي يقوم بسداده على أقساط شهرية بفائدة 12 بالمئة. وقال جاسم انه ينفق نحو 850 دولارا شهريا على الكهرباء والمياه وتكاليف اخرى لادارة العيادة من نحو 5000 دولار يدرها المشروع شهريا. ويعمل في المركز 15 شخصا. وتعمل في العراق سبعة بنوك حكومية و36 مصرفا خاصا لكن الائتمان لا يزال مكلفا ومن الصعب الحصول عليه. وذكرت سها سالم مديرة الائتمان في مصرف الشمال الخاص ان البنك مول أكثر من 600 مشروع صغير ومتوسط منذ 2004 بتكلفة اجمالية 191 مليون دولار. وأضافت أن البنك الذي يبلغ رأسماله حاليا 107 ملايين دولار يقدم قروضا تتراوح قيمتها بين 5000 و250 ألف دولار تسدد على أقساط شهرية بفائدة 11 بالمئة. ويقول شيروان مصطفي مدير الشركة العراقية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة - التي تأسست عام 2009 بمساعدة من هيئة المعونة الامريكية وأسهمت في تمويل 785 مشروعا عبر تسعة بنوك خاصة- ان احياء المشروعات الصغيرة والمتوسطة في العراق أمرا حاسما في انعاش الاقتصاد وتوفير فرص عمل. وأضاف مصطفى أن الشركة تقدم قروضا تتراوح قيمتها بين 5000 و250 ألف دولار بفائدة عشرة بالمئة لاسيما للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في قطاعات الصناعة والرعاية الصحية والسياحة والزراعة. وقال ان الشركات الصغيرة والمتوسطة في العراق أسهمت بنسبة 0.5 بالمئة في الناتج المحلي الاجمالي. واستطرد "تشجيع ومساندة هذا القطاع يمكن أن تضيف قيمة كبيرة للاقتصاد العراقي." وأردف أن الشركة تأمل في ترتيب 3000 قرض هذا العام يمكنها أن توفر 305 الاف وظيفة جديدة.