اسلام اباد (رويترز) - أصبح محكوم على مشروع قانون لاعادة توزيع الارض الزراعية التي يملكها أثرياء باكستان بالفشل مثل مشاريع قوانين أخرى لان المصالح الاقطاعية تتعارض معه حتى على الرغم من أن الفجوة الكبيرة بين الاغنياء والفقراء تعطي طالبان مبررا قويا. وأصبح اصلاح الاراضي أكثر الحاحا لباكستان التي تواجه تمردا متزايدا من طالبان التي استغلت متاعب الفلاحين الذين لا يملكون أراضي في محاولة لترسيخ هيمنتهم. ويطالب ملايين الفلاحين الباكستان الذين يعملون في الكثير من الاماكن كأشباه عبيد بالاصلاح منذ زمن طويل لكن دون جدوى. قال فاروق ستار وهو من مقدمي مشروع القانون وزعيم الحركة القومية المتحدة التي تهيمن على الاحوال السياسية في كراتشي المركز التجاري لباكستان "الهدف منه هو الحد من تفاوت الدخل والفرص بين أصحاب الاراضي الاثرياء ومن يحرثون الارض وأيضا زيادة الناتج الزراعي للحد الاقصى." ويعمل فلاحون في باكستان في الارض دون أجر بسبب الديون لملاك الارض والتي كثيرا ما يكون أصلها أجيال ماضية. وهو نظام كلاسيكي قائم على تقاسم المحاصيل حيث يسلم المستأجر ما يتراوح بين ثلثي ونصف المحصول لصاحب الارض لمجرد تسديد الفائدة. وقال المزارع محمد اقبال وهو يقف قرب مزرعة للقطن في اقليم البنجاب بجنوب البلاد لرويترز "أريد أن ينال أبنائي قسطا جيدا من التعليم. يجب أن تتوفر لديهم كل الضروريات مثل الاخرين. أريد أرضا لي أزرعها لنفسي ولابنائي ولاسرتي." وعادة ما يتعاون الساسة مع أصحاب الاراضي لمنع أي محاولة تخل بالتركيبة الاقطاعية التي يستمدون منها قوتهم السياسية والاقتصادية. وقال راشد رحمن وهو محلل سياسي ورئيس تحرير صحيفة ديلي تايمز "يمكن تجاهل تلك الاصلاحات لكن على حساب التحديث والتحول الصناعي لبلدك." ويهيمن اقطاعيون على الاحزاب الرئيسية مثل حزب الشعب الباكستاني الذي ينتمي اليه الرئيس اصف علي زرداري وحزب الرابطة الاسلامية الباكستانية بزعامة رئيس الوزراء السابق نواز شريف مما يعني أنهم لن يؤيدوا الاصلاح. وقال رحمن "لن يمكن تطبيق اصلاح زراعي الا من خلال قيادة عسكرية ثورية قوية من الاعلى أو من خلال حركة على المستوى الشعبي." واستغلت طالبان في الماضي الهوة المتزايدة بين المستأجرين الذين لا يملكون أراضي وأصحاب الاراضي لاستمالة الفقراء ووصف حملتهم الدامية بأنها كفاح ضد عدم التكافؤ الاجتماعي والاقتصادي. وقال ساروار باري رئيس منظمة باتان الخاصة للتنمية "من خلال التأجيل (للاصلاح الزراعي) انت بذلك تعطي المتطرفين والمتشددين الوقود اللازم لاشعال التمرد على أساس التقسيمات الطبقية." ويعتمد نحو 62 في المئة من سكان باكستان البالغ عددهم 170 مليون نسمة على الزراعة كمصدر للرزق والتي تمثل أكثر من 21 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي البالغ 17 مليار دولار. وتبلغ نسبة الاسر التي تملك الارض التي تزرعها 37 في المئة فقط من اجمالي السكان وأغلبها على شكل قطع صغيرة من الارض تمثل 15 في المئة فقط من اجمالي مساحة باكستان. وعانى اقتصاد باكستان الهش من ضربة هذا الصيف بعد أن اجتاحت الفيضانات أجزاء كبيرة من الارض الزراعية مما سبب خسائر بلغت قيمتها 9.7 مليار دولار. وتريد الولاياتالمتحدة استقرارا اقتصاديا وسياسيا لباكستان حتى تتمكن من محاربة القاعدة وطالبان وتحقيق السلام في أفغانستان. وبذلت قبل ذلك محاولتان لاعادة توزيع الاراضي الزراعية على الفلاحين في باكستان أولاهما في الخمسينات والاخرى في السبعينات من القرن الماضي. لكن تلك الاصلاحات لم تنفذ بشكل كامل. وعلى خلاف باكستان فقد طبقت الهند وهي الان قوة اقتصادية كبرى في اسيا اصلاحا زراعيا عقب الاستقلال عن بريطانيا عام 1947 . (شارك في التغطية عاصم تنوير)