سعى دبلوماسيون غربيون الثلاثاء الى منع حدوث انهيار اقتصادي في اوكرانيا في الوقت الذي تعهدت روسيا بعدم التدخل في هذا البلد الذي يعاني من الفوضى بعد الاطاحة بالرئيس الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش. وتوجهت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين أشتون الى كييف حيث التقت بالرئيس المؤقت الموالي للغرب اولكسندر تورتشينوف وعدد من اعضاء البرلمان الذي دعا الثلاثاء الى محاكمة يانوكوفيتش امام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وتعتبر زيارة اشتون جزءا من المحادثات الحثيثة التي تجري وراء ابواب مغلقة بين دبلوماسيين اوروبيين وروس واميركيين حول اوكرانيا التي طلبت مساعدة قدرها 35 مليار دولار (25 مليار يورو) لتجنب افلاس البلد الذي قال الرئيس المؤقت انه يواجه خطر الانقسام. وصرحت اشتون للصحافيين في كييف "نقدم الدعم وليس التدخل في مستقبل" اوكرانيا، وسط مخاوف من سعي القسم الشرقي الموالي لروسيا الى الانفصال بعد ان تولت ادارة موالية للغرب السلطة عقب اشهر من الاحتجاجات. كما اكدت على "اهمية العلاقات القوية بين اوكرانياوروسيا واهمية الحفاظ على تلك العلاقات". وردت روسيا بغضب في البداية على التغيرات السياسية المتسارعة في اوكرانيا والتي عجلت فيها الاشتباكات الدامية في كييف الاسبوع الماضي وقتل فيها نحو 100 شخص، متهمة القيادة الجديدة بشن "عصيان مسلح". الا ان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف سعى الثلاثاء الى تخفيف حدة الخطاب الروسي وقال انه يجب عدم اجبار اوكرانيا على الاختيار ما بين روسيا والغرب. وقال لافروف عقب محادثات مع وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن "لقد اكدنا موقفنا المبدئي بعدم التدخل في شؤون اوكرانيا الداخلية". واضاف "يهمنا ان تكون اوكرانيا جزءا من العائلة الاوروبية بكل معنى الكلمة .. من الخطير اجبار اوكرانيا على الاختيار". وجاءت اشتباكات الاسبوع الماضي لتتوج اكثر من ثلاثة اشهر من الاحتجاجات المستمرة ضد حكم يانوكوفيتش بسبب رفضه في تشرين الثاني/نوفمبر التوقيع على اتفاق تاريخي مع الاتحاد الاوروبي لحساب علاقاته الوثيقة مع روسيا. ومن بين الشخصيات التي برزت خلال الاحتجاجات بطل الملاكمة السابق واحد قادة المعارضة الاوكرانية فيتالي كليتشكو الذي اصبح من بين ثلاثة كبار قادة الاحتجاجات. ونجح كليتشكو (42 عاما) في استخدام تاريخه الرياضي لجسر الانقسامات التقليدية في اوكرانيا بين الغرب الموالي للغرب والشرق والجنوب المواليين لروسيا مكتسبا بذلك شعبية واسعة. والثلاثاء اعلن كليتشكو انه سيكون مرشحا للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 25 ايار/مايو، بعد وقت قصير من اطلاق المفوضية الانتخابية رسميا بدء الحملة الانتخابية. وقال امام صحافيين في البرلمان "ساكون مرشحا للانتخابات، انا مقتنع بانه يجب تغيير قواعد اللعبة بالكامل في اوكرانيا، يجب اعادة العدالة". وامام المرشحين حتى 30 اذار/مارس لتسجيل اسمائهم، وحتى الان لم يعلن سوى محافظ خاركيف (شرق) الموالي لروسيا عن ترشيحه. ورغم ان البرلمان الاوكراني الذي تسيطر عليه المعارضة اجل الثلاثاء تشكيل الحكومة حتى الخميس، الا انه صوت لصالح تقديم طلب للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة يانوكوفيتش بتهمة "القتل الجماعي" للمتظاهرين. الا ان يانوكوفيتش مختف منذ محاولته المفترضة للهروب من البلاد السبت عن طريق مدينة دونيتسك الشرقية. وستواجه الحكومة الجديدة مهمة صعبة تتمثل في الحفاظ على الاستقرار المالي ووحدة اراضي اوكرانيا قبل انتخابات ايار/مايو وسط مخاوف من توجهات انفصالية في مناطق تتحدث الروسية في شرق وجنوب البلاد. والاثنين انتقدت الخارجية الروسية القيادة الاوكرانية الجديدة بشدة وقالت انها "بدأت على طريق قمع من لا يتفقون معها في مختلف مناطق اوكرانيا باستخدام طرق ديكتاتورية واحيانا ارهابية". كما اعرب اخرون في دول غربية عن مخاوف من انقسام اوكرانيا الى معسكرين احدهما موال لروسيا والاخر موال للاتحاد الاوروبي. وقال الاثنين وزير خارجية اليونان ايفانجلوس فنيزيلوس الذي يتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي "يجب ان نتجنب وقوع حرب اهلية، وانهيار مالي واقتصادي في البلاد، وعلينا ان ننظم مؤتمرا دوليا لتجنب افلاس اوكرانيا". ومن المقرر ان يصل مساعد وزير الخارجية الاميركية وليام بيرنز الى كييف الثلاثاء، فيما اجرى وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ محادثات في واشنطن مع نظيره الاميركي جون كيري ومسؤولي صندوق النقد الدولي. ومن المقرر ان يزور كييف قريبا. واعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان "على الجميع القيام بمحاولة لمساعدة اوكرانيا على الخروج من ازمتها" وطلب "الا توضع روسيا في كفة والاتحاد الاوروبي في كفة أخرى". وقال فابيوس الثلاثاء لشبكة فرانس 2 "يتعين على جميع الشركاء بمن فيهم روسيا مساعدة اوكرانيا"، مشيرا الى ان سحب روسيا دعمها لاوكرانيا سيكون "بالغ الخطورة". ويثير استياء روسيا من التغيرات في اوكرانيا مخاوف من ان لا تفي بوعدها بمنح جارتها مساعدات بقيمة 35 مليار دولار تقريبا والتي اعلنتها في كانون الاول/ديسمبر. وصرح وزير المالية الاوكراني المؤقت يوري كولوبوف ان "حجم المساعدة المقررة لاوكرانيا قد يصل الى 35 مليار دولار" بنهاية العام المقبل، داعيا الى عقد مؤتمر دولي للمانحين. ولم تعرض اشتون من ناحيتها اية التزامات ملموسة بتقديم مساعدات اقتصادية لاوكرانيا الثلاثاء واكتفت بالقول ان صندوق النقد الدولي "حريص جدا" على عقد لقاء مع الحكومة المستقبلية.