نجحت الاممالمتحدة الاحد في اجلاء مئات من المدنيين السوريين المحاصرين منذ حزيران/يونيو 2012 في احياء حمص القديمة التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، وذلك رغم اعمال عنف كادت تعطل هذه العملية الانسانية الاولى من نوعها في هذه المدينة السورية التي دمرتها الحرب. وتأتي هذه الخطوة الانسانية عشية بدء جولة التفاوض الثانية في جنيف بين ممثلي النظام السوري والمعارضة، علما بان الجولة الاولى انتهت في 31 كانون الثاني/يناير من دون تحقيق اي اختراق سياسي يساعد في تسوية النزاع الذي خلف 136 الف قتيل وملايين النازحين واللاجئين منذ نحو ثلاثة اعوام. وبعد مجموعة اولى من 83 مدنيا تم اجلاؤهم الجمعة تنفيذا لاتفاق بين النظام ومقاتلي المعارضة بواسطة الاممالمتحدة، خرج 611 مدنيا الاحد من احياء حمص القديمة، بحسب ما اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان. وافاد المرصد ان هذا الرقم يشمل "210 نساء و180 طفلا و91 رجلا فوق ال55 عاما و130 شابا سلموا انفسهم للسلطات السورية باشراف الاممالمتحدة"، لافتا الى انه سيتم "قريبا الافراج" عن هؤلاء الشبان. من جهته، قال الهلال الاحمر السوري عبر موقع فيسبوك ان متطوعيه استقبلوا الاحد نحو 600 شخص خرجوا من حمص القديمة، مشيرا الى ادخال ستين حصة غذائية و1500 كلغ من الطحين الى حمص القديمة. وتخلل العملية سقوط قذائف هاون على الاحياء التي يحاصرها الجيش النظامي منذ صيف 2012 ما اسفر عن مقتل ستة اشخاص بينهم مقاتلان معارضان بحسب المرصد. وتبادل النظام والمعارضون الاتهام بالمسؤولية عن هذا الاختراق الامني. وشوهد العديد من النساء والاطفال والمسنين ينزلون من حافلات لدى خروجهم من هذه الاحياء وبدا على وجوهم الارهاق، بحسب مشاهد بثتها قناة الميادين التلفزيونية ومقرها بيروت. وقد ساعدهم موظفون في الاممالمتحدة يعتمرون قبعات وسترات زرقاء وكذلك من الهلال الاحمر السوري تحت انظار عسكريين سوريين. وبدت وجوه الاطفال شاحبة وعيون بعضهم محاطة بالزرقة وهم بين ايدي امهاتهم او ابائهم. وقالت امراة وهي في حالة ارهاق شديد يحيط بها اولادها الثلاثة "كنا نفتقر لكل شيء، كل الاولاد كانوا مرضى، لم يكن لدينا ما نشربه". ثم ناولها احد موظفي الاممالمتحدة قنينة مياه. ونددت الاممالمتحدة بانتهاك الهدنة التي كان ينبغي ان تسهل انجاز عملية الاجلاء فضلا عن ادخال مساعدات انسانية عاجلة الى المدنيين الذين اختاروا البقاء في حمص. ورغم الهدنة سجل السبت اطلاق رصاص وقذائف على قافلة مساعدات للهلال الاحمر السوري ما ادى الى خمسة قتلى وعشرين جريحا في صفوف السكان وحال دون نقل كامل المساعدات. واكد رئيس المفوضية العليا للاجئين في الاممالمتحدة انطونيو غوتيريس ان الاممالمتحدة والهلال الاحمر سيواصلان ايصال مساعدات عاجلة الى من لم تصل اليهم بعد. والهدنة التي بدأت نظريا الجمعة كان مقررا ان تنتهي مساء الاحد، غير ان ناشطين اكدوا انه تم تمديدها 72 ساعة وان عمليات اخلاء المدنيين ستتواصل الاثنين. ورحبت ايران، حليفة النظام السوري، ببدء عملية اجلاء المدنيين من حمص القديمة. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الايرانية مرضية افخم في بيان ان "ايران تعتقد ان هذا الاجراء يمكن ان يساعد في تحسين الوضع الانساني في سوريا"، مضيفة ان "ايران تعتقد ان الوضع الانساني سيتحسن سريعا اذا تم رفع الحصار الوحشي المفروض على الشعب السوري، واذا تم القضاء على الارهاب، وهو العائق الاساسي امام المساعدة (الانسانية)". ميدانيا، افاد المرصد السوري الاحد ان مقاتلين اسلاميين قتلوا في هجوم على قرية معان في محافظة حماة (وسط) 25 شخصا على الاقل ينتمون الى الطائفة العلوية معظمهم مقاتلون موالون للنظام، في حين تحدث التلفزيون السوري الرسمي عن "مجزرة" اودت بعشر نساء. سياسيا، وصل وفد النظام السوري الاحد الى جنيف للمشاركة في الجولة الثانية من المفاوضات مع ممثلي المعارضة والتي تبدأ الاثنين برعاية الاممالمتحدة. بدورهم، وصل اعضاء في وفد المعارضة السورية في شكل منفصل الى جنيف وفق ما اكد لفرانس برس مصدر في الوفد. ومساء، التقى رئيس وفد النظام وزير الخارجية وليد المعلم الموفد الدولي الاخضر الابراهيمي الذي نجح في كانون الثاني/يناير في ان يجمع للمرة الاولى في غرفة واحدة ممثلين للنظام السوري ومعارضيه. وافاد مصدر مقرب من المعارضة ان الابراهيمي سيلتقي الاثنين في الساعة العاشرة (التاسعة تغ) وفد المعارضة على ان يلتقي وفد النظام في الحادية عشرة ونصف (10,30 تغ). وفي نهاية هذين الاجتماعين يتقرر ما اذا كانت ستعقد جلسة مشتركة بحضور الوفدين في قاعة واحدة. وذكرت صحيفة الوطن السورية القريبة من النظام الاحد انه ينبغي عدم توقع "مفاجآت" في جولة التفاوض الجديدة. والجمعة، اعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ان الوفد الرسمي "يؤكد على متابعة الجهود التي بذلها في الجولة الاولى من اعمال المؤتمر، بالتشديد على مناقشة بيان جنيف 1 بندا بندا وبالتسلسل الذي ورد في هذا البيان". وينص هذا الاتفاق الذي تم التوصل اليه في حزيران/يونيو 2012، وفي غياب اي تمثيل لطرفي النزاع، على تشكيل حكومة من ممثلين للنظام والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية. كما ينص على "وقف فوري للعنف بكل اشكاله" وادخال المساعدات الانسانية واطلاق المعتقلين والحفاظ على مؤسسات الدولة. وشكل البيان نقطة الخلاف الاساسية في المفاوضات بين وفد نظام الرئيس بشار الاسد والوفد المعارض والتي اختتمت في الحادي والثلاثين من كانون الثاني/يناير الماضي.