اهتمت الصحف البريطانية الصادرة الأربعاء بعدد من الموضوعات عن منطقة الشرق الأوسط، أبرزها الأوضاع في مصر وسوريا. ونبدأ مع الشأن المصري، حيث نطالع في صحيفة فينانشيال تايمز تقريرا للصحفي بورزو دراغاهي بعنوان الوطنية تستبدل الثورة في مصر الجديدة . يقول دراغاهي إن بعد ثلاث سنوات من الإطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك المدعوم من الجيش، لحقت بمصر حالة من تمجيد المؤسسات الأمنية، التي سيطرت على البلاد لأكثر من 60 عاما، إلى جانب الشوفينية والوطنية. ووصف مراقبون المزاج العام في مصر بأنه موجة من اضطراب عقلي جماعي، تجسدت في تملق وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي والمؤسسة العسكرية التي يمثلها، بحسب كاتب التقرير. ونقلت الصحيفة عن محمد دهشان، الأستاذ المتخصص في الشأن المصري بجامعة هارفارد، قوله إن الأمر أشبه بأن أنحني لك وأفعل كل ما تريد. هناك حالة من الخضوع الطوعي. الأمر صادم لأنه كذلك مهين. وتظهر هذه الظاهرة جليا أحيانا في صورة غضب أو عنف ضد نطاق ممن ينظر إليهم باعتبارهم أعداء، مثل جماعة الإخوان المسلمين ونشطاء حقوق الإنسان الذين ينتقدون الحملة الأمنية القائمة وصحفيين غربيين وحتى أشخاص من أصول ليبية أو فلسطينية، بحسب التقرير. ويضيف الكاتب أن النيابة العامة في مصر استدعت ممثلي شركات لاستجوابهم بشأن اتهامات غريبة مثل دعم المعارضة الإسلامية. والاستقطاب السياسي الحاد في مصر يغذي هذه المشاعر. والسياسة هناك بالنسبة لممارسيها مازالت لعبة يحصل فيها الرابح على كل شيء، كما جاء في التقرير. وينبع هذا المزاج العام جزئيا من الإخفاقات واسعة النطاق للإخوان المسلمين وحلفائهم في الحياة السياسية لمدة عام ونصف قبل الانقلاب العسكري المدعوم شعبيا ، بحسب دراغاهي. وينقل التقرير عن رشا عبد الله، أستاذة الاتصال الجماهيري بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، قولها كان ثمة شعور بأن الإخوان عصابة، وأنهم (الشعب) ليس بوسعهم فعل شيء. وقد جاء الجيش، وهو أساسا منقذهم. إنهم مستعدون للتخلي عن حرياتهم للمنقذ. ويخلص التقرير إلى أن احترام القوات المسلحة عميق في المخيلة السياسية المصرية. لكن المزاج الحالي يتم تعزيزه عبر رسائل وطنية مؤيدة للجيش في وسائل الإعلام الرسمية وتلك المملوكة لأنصار نظام مبارك. وهذا يطغى على الأصوات المعارضة. وننتقل إلى صحيفة الاندبندنت، حيث نطالع تقريرا للكاتب باتريك كوكبيرن عن الأزمة السورية يتناول أوضاع جرحى الحرب من الجنود في صفوف الجيش النظامي. ويقول كوكبيرن، بعدما التقى بعدد من الجرحى في مستشفى المزة العسكري في دمشق، إن قصصهم توضح إلى أي مدى أصبحت سوريا متشبعة بالعنف، كما توضح أن الخطر مازال قائما بالنسبة لمن أصيبوا في الحرب. وضمن مجموعة من القصص، يورد الكاتب ما حدث للجندي محمد دياب (21 عاما) الذي أصيب في ساقه منذ خمسة أشهر وتم نقله في مركبة مدرعة إلى مستشفى في حلب قبل أن يعود إلى قريته في إدلب. ولدى عودته، احتجزه مسلحون من المعارضة، وأخذوا الجبيرة المعدنية التي كانت تلف ساقه وأعطوه قطعة من الخشب بدلا منها. وظل دياب قيد الاحتجاز حتى دفعت أسرته 150 ألف ليرة مقابل الإفراج عنه. وبحلول موعد إطلاق سراحه، كان قد أصيب بالتهاب في ساقه، ولذا تم نقله إلى المستشفى مجددا. ويقول مدير المستشفى، اللواء غسان حداد، إن عدد الجنود المصابين الذين يتم نقلهم إلى المستشفى تراجع في فترة الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية. لكنه يقول إن في أحد الأيام في ذروة القتال العام الماضي نقل إلى المستشفى 300 مصاب لكن إصابات معظمهم طفيفة . كما يشير حداد إلى أن المستشفى لا يعاني أي نقص في الأدوية أو الأطباء. والمرضى هناك في واحد من أكثر الأماكن أمنا في دمشق، وربما يكون ما يتلقونه من علاج أفضل مما يتلقاه أي مصاب آخر في الأزمة السورية، بحسب كوكبيرن. ويقول الكاتب إنه لم يسأل المصابين عن انتمائاتهم الدينية، لكنه لاحظ من أسمائهم أنهم خليط من السنة والعلويين والدروز. وبعد ثلاث سنوات من الحرب، تتخلل مشاعر الخوف والكراهية حياة السوريين وتدمر عنصر الثقة اللازم من أجل التسوية والمصالحة، بحسب كوكبيرن. ويخلص الكاتب إلى أن أعداد القتلى في النزاع السوري تحصل على أكبر حصة من الدعاية. لكن الجرحى، الذين تشكل الإصابات والإعاقات التي لحقت بهم حياتهم خلال عقود، هم الذين قد يبذلون المزيد لتحديد مواقف الناس من الصراع. ونختتم جولتنا بصحيفة الغارديان، التي أجرت مقابلة مع مدرس إيراني أصبح بمثابة بطل قومي بعدما تضامن مع أحد تلاميذه بحلاقة شعر رأسه. ولاحظ علي محمديان، المدرس بمدرسة الشيخ شلتوت بمدينة ماريفان الكردية غربي البلاد، أن التلميذ يتعرض للمضايقة بعدما أصبح أصلع جراء إصابته بمرض غير معروف. وقرر محمديان حلق شعر رأسه تضامنا مع التلميذ. وبعد وقت قصير، حلق كل التلاميذ في الفصل شعر رؤوسهم وتوقفت المضايقات. وانتشرت القصة في أنحاء إيران. وامتدح الرئيس الإيراني، حسن روحاني، المدرس، فيما عرضت الحكومة دعما ماليا لأسرة التلميذ لتحمل تكاليف العلاج. وقال محمديان (45 عاما) للغارديان أنا سعيد للغاية لأن هذا الأمر مسّ قلوب الكثيرين، ولأن الناس تفاعلت بايجابية. كل فرد في المدرسة يريد حاليا أن يحلق شعر رأسه. ويروي محمديان أن التلميذ أصبح معزولا بعدما أصيب بالصلع، واختفت الابتسامة من وجهه، وكنت قلقا بشأن أدائه في الفصل. لهذا فكرت في حلاقة شعري كي يعود إلى المسار الصحيح. ونشر المدرس صورة تجمعه مع التلميذ، وكلاهما أصلع، عبر موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي. وكتب محمديان تعليقا على الصورة مداعبا رأسانا حساسان تجاه الشعر . وفي اليوم التالي، تفاجئ المدرس بكمية التعليقات ومشاركة ما نشره. وأجرى التلفزيون الرسمي مقابلة معه، كما وجه وزير التعليم دعوة له وللتلميذ للذهاب إلى طهران. وفي نهية المقابلة مع الغارديان، يقول محمديان إن زملاء التلميذ أصبحوا داعمين له منذ لك الحين، وأن الابتسامة عادت إلى وجهه .