تريد حكومة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) المقالة اقامة مدن اسكانية اضافة لمشروعاتها الزراعية المتنامية في الاراضي التي اخلاها المستوطنون قبل خمس سنوات في قطاع غزة، لكن الحصار يحول دون ذلك. وتستعد الحكومة المقالة للاعلان عن بدء اقامة "اكبر مشروع اسكاني" يحوي عشرات الاف الوحدات السكنية فوق اراضي المستوطنات السابقة وفقا لما ذكر طاهر النونو المتحدث باسم الحكومة المقالة. وقال النونو لفرانس برس "في ذكرى مرور 5 سنوات على الانسحاب الاسرائيلي سنعلن عن اقامة مدن نموذجية .. نريد تحويل المحررات (المستوطنات السابقة) الى مصدر للحرية والامل بدلا من الموت والمعاناة". وخصصت وزارة الاشغال العامة والاسكان المقالة حوالي 3000 دونم لبناء اربع مدن اسكانية في الاراضي المخلاة، وفق ما اعلن الوزير يوسف المنسي. واكد المنسي ان هذه المدن "تضم اكثر من 20 الف وحدة سكنية وهي حي البراق بمساحة 880 دونم في المحررات (المستوطنات السابقة) غرب خان يونس و880 دونم مماثلة وحي الفردوس 600 دونم غرب قرب بيت حانون (شمال) والرابعة بمساحة مماثلة غرب بيت لاهيا (شمال)". وكشف المنسي وهو عضو بارز في حماس عن ان العجز في السكن قبل 2006 تجاوز "63 الف وحدة اسكانية وتضاعف العجز حاليا بسبب الحصار والحرب الاسرائيلية على غزة". ومنذ تشديد اسرائيل للحصار على غزة ومنع دخول مواد البناء قبل ثلاث سنوات لا تزال مئات الوحدات السكنية ضمن مشروع لوكالة الغوث الدولية (الاونروا) لذوي البيوت التي هدمها الجيش الاسرائيلي خلال اجتياحاته قبل الانسحاب من القطاع، ماثلة قيد الانشاء في اراضي مستوطنات سابقة غرب رفح. ويوضح عدنان ابو حسنة الناطق باسم الاونروا لفرانس برس ان المنظمة الدولية حصلت على مئات الدونمات من اراضي المستوطنات "نريد بناء 2000 منزل لمن هدمت بيوتهم في الحرب والاجتياحات الاسرائيلية قبلها". ويؤكد ابو حسنة ان لدى الاونروا "خطة لبناء 100 مدرسة غالبيتها فوق هذه الاراضي وبناء مراكز صحية، لكن العائق عدم دخول مواد بناء لغزة". وعلى بعد مئات الامتار من مشروع اسكاني متوقف للاونروا اقامت حكومة حماس مشروعا زراعيا على مساحة الاف الدونمات. ويرى النونو ان حكومته "حققت الاكتفاء الذاتي في بعض الاصناف من الخضروات والفواكه" بفضل هذه المشاريع. ويقول محمد الاغا وزير الزراعة المقالة "بدانا بمنتصف 2009 خطة استرتيجية رغم الحصار ومحاربة الحكومة لاستغلال اراضي المحررات لتحقيق اكتفاء ذاتي من المنتوجات الزراعية .. نزرع الخضروات والفواكه اهمها البطيخ والشمام والبصل والبطاطا وايضا اشتال زيتون وفواكه صيفية مختلفة" . وحسب هذه الخطة نسعى لاستثمار 75% من اراضي المحررات الصالحة للزراعة وحجم المساحة المستغلة في المشروعات الزراعية 4000 دونم وسوف نصل الى "الاكتفاء الذاتي الكلي عام 2019 وحينها لن يستورد قطاع غزة الخضروات والفواكه من اسرائيل او من الخارج"، بحسب الاغا. ويتوقع الاغا "تحقيق اكتفاء ذاتي خلال خمس سنوات بنسبة لا تقل عن 80% من المنتجات الزراعية". وفي نفس مكان مجمع مستوطنات غوش قطيف، والتي كانت تضم 12 مستوطنة، تنفذ وزارة الزراعة مشروعا لتفريخ الاسماك بطاقة انتاجية تبلغ حوالي مليون بذرة سمك و"متوقع ان تصل خلال 2011 ستة مليون بذرة من الاسماك" حسب الوزارة. ورغم الحرارة الحارقة ونسبة الرطوبة المرتفعة في شهر رمضان الحالي ينهمك عشرات المزارعين في جني ثمار البطيخ في نهاية الموسم من مزرعة اقيمت على اراضي مستوطنة نتساريم السابقة جنوبغزة. ويقول النونو "نجحنا في تحويل المستوطنات (كانت تشكل40% من مساحة القطاع البالغة 365 كيلومتر مربع) من بؤرة قتل ومعاناة الى متنزهات واماكن للاصطياف عالية الجودة". وتضم مدينة "اصداء" التابعة لحماس المقامة منذ عامين على ارض مستوطنة نافيه دكاليم، ملاهي ومسابح للاطفال. وتغيرت صورة الشاطئ الذي كان مفضلا للسباحة للمستوطنين قبل 5 سنوات، حيث تنتشر عشرات الاستراحات والمقاهي الصغيرة يرتادها الاف الفلسطينيين خصوصا في العطلة الصيفية والذي يسمى "شاطئ المحررات". ويشرح النونو "في عهد الحكومة العاشرة وضعت الخطة الاستراتيجية من حيث تخطيط قطاع غزة عمرانيا وزراعيا وصناعيا، والان نطبق الشق المتاح في الاسكان والزراعة". وخصصت مئات الدونمات لمؤسسات وجمعيات غير حكومية او تابعة لفصائل فلسطينية لاقامة مشروعات مختلفة عليها. وشدد النونو على ان توزيع الاراضي للمؤسسات "يتم بما يتوافق مع الخطة الاستراتيجية ودون نظر للانتماء السياسي". وبقرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس تم تخصيص مساحة مائتي دونم بالتساوي لجامعتي الازهر والاسلامية في "محررة" نتساريم لكن الجامعتين لم تقيما مباني حتى الان بسبب عدم توفر مواد البناء، لكن جامعة الاقصى التابعة للسلطة الفلسطينية اقامت عدة مباني مميزة فوق اراضي "محررة" نافيه دكاليم السابقة. ولا تخلو "المحررات" من مساحات عشوائية للقمامة او مياه المجاري. فيما يمكن مشاهدة عشرات الصبية يبحثون عن الحديد والحصمة (رمل البناء) من بين بقايا ركام مخلفات مباني المستوطنات المهدومة لبيعها واستغلالها في البناء. وللمرة الاولى ستتيح سلطة اراضي غزة للمواطنين شراء اراضي في "المحررات"، بينما بقيت الاف الدونمات فارغة الا من رعي الاغنام احيانا. ويقول النونو "سيتم فرز اراض (لم يوضح مساحتها) لشرائها من المواطنين خصوصا ذوي الدخول المحدودة" مؤكدا ان حكومته ستخصص مساحات قرب الحدود مع اسرائيل لمشروعات سكنية "لمنع تمدد الاحتلال". وفي المقابل غضت حكومة حماس الطرف عن اقامة اجنحة عسكرية للفصائل، في مقدمتها كتائب القسام، مواقع للتدريبات العسكرية في مناطق المستوطنات السابقة. ويقول النونو "بفضل المقاومة حصل الانسحاب الاسرائيلي واخلاء المستوطنات".