القاهرة (رويترز) - أقر الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور يوم الأحد قانونا يحظر تنظيم المظاهرات بدون موافقة الشرطة وهو ما نددت به جماعات حقوقية وسياسية ووصفته بأنه انتكاسة للحريات السياسية التي نالها المصريون بعد انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بالرئيس المستبد حسني مبارك. ووقت الإعلان عن القانون كان ألوف المحتجين يتظاهرون في الشوارع في القاهرة ومدن أخرى كما هو حالهم بصورة شبه يومية منذ الإطاحة بمبارك في الانتفاضة التي قتل فيها 850 متظاهرا وأصيب أكثر من ستة آلاف وفق تقرير لجنة رسمية لتقصي الحقائق. وتزايد الاحتجاج واتسع نطاق العنف السياسي منذ عزل محمد مرسي أول رئيس منتخب ديمقراطيا لمصر في يوليو تموز بعد احتجاجات حاشدة على حكمه. واتخذت قيادة الجيش قرار عزل مرسي قائلة إنها تعبر عن إرادة المتظاهرين. وقال إيهاب بدوي المتحدث باسم الرئاسة إن القانون يلزم منظمي الاحتجاج بإخطار وزارة الداخلية قبل تنظيمة بثلاثة أيام على الأقل. ويتيح القانون لقوات الأمن تفريق الاحتجاجات غير القانونية بمدافع المياه والغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش. وتضمن القانون معاقبة المحتجين الذين يحملون السلاح في المظاهرات بالسجن سبع سنوات والغرامة بحد أدنى مئة ألف جنيه وحد أقصى ثلاثمئة الف أو إحدى العقوبتين. كما عاقب من يرتدي قناعا أو غطاء للوجه لتنفيذ أعمال تضر بالمنشآت أو الممتلكات بالحبس مدة لا تزيد على سنة. وفوض القانون وزير الداخلية والمحافظ في كل محافظة تحديد مسافات بين المحتجين والمنشآت العامة. وقال المتحدث الرئاسي "يحظر على المشاركين (في الاحتجاجات)... حمل أية أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات... تعرض المنشآت أو الممتلكات للخطر." وأضاف "القانون ليس ضد التظاهر السلمي... بل بالعكس فإن الدولة ترحب بالتظاهر السلمي وتحرص على تأمين من يقوم به." وردت أحزاب وجماعات سياسية بغضب على القانون. وقال طلعت مرزوق مساعد رئيس حزب النور للشؤون القانونية إنه "يعطي غطاء قانونيا للقمع." وأضاف في بيان بعد ساعات من تصريحات المتحدث الرئاسي أن القرار بقانون الذي حمل رقم 107 لسنة 2013 تجاهل معظم ملاحظات القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني. وأضاف أن القانون لا يتوافق مع المعايير الدولية. وقال علاء عصام عضو المكتب التنفيذي لشباب جبهة الإنقاذ الوطنى التي قادت المعارضة لمرسي "القانون مرفوض ولن يلتزم به أحد لأنه يؤثر على حرية الرأي والتعبير." بينما قال حسن شاهين المتحدث الإعلامى باسم حركة تمرد التي دعت لمظاهرات يونيو حزيران قبل عزل مرسي "الحركة ترفض القانون بهذا الشكل." وأضاف في تصريحات لصحيفة المصري اليوم المستقلة "المظاهرات التى خرجت في 30 يونيو (حزيران) الماضى هى التي أتت به (منصور) رئيسا للجمهورية وبالحكومة الحالية التي رفعت القانون إلى الرئاسة للتصديق عليه." وتابع "القانون بشكله الحالي يجور على حرية الرأي والتعبير ويأتي بالسلب على مكتسبات ثورة (25) يناير فضلا عن تشويهه الموجة الثانية من الثورة في يونيو (حزيران) الماضي." ودعا اتحاد الشباب التقدمى بحزب التجمع اليساري الذي أيد عزل مرسي إلى احتجاج على القانون يوم الخميس. وقال في بيان "مثل هذه القوانين لن تكسب الحكومة الحالية إلا مزيدا من الغضب الشعبي." وتسري القوانين في مصر بعد نشرها في الجريدة الرسمية. وقال أحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 ابريل التي شاركت بدور بارز في انتفاضة 2011 إن القانون "غير مقبول... ليس من المنطقي إصداره دون حوار مجتمعى حوله." وقال عمرو بدر منسق حملة تدعم ترشح السياسي اليساري حمدين صباحى للرئاسة "نرفض إصدار أى قوانين تمس الحريات في الوقت الراهن لأنه يجب أن تمر مثل هذه القوانين على مجلس الشعب (البرلمان) المقبل ونوابه المنتخبين." وقال بدوي إن أي اجتماع لأغراض انتخابية يحتاج إلى إخطار قبل موعد الاجتماع بيوم على الأقل وإن الإخطار في كل الحالات يجب أن يكون مكتوبا وأن يتضمن أسماء المنظمين والغرض من الاجتماع أو الاحتجاج والشعارات التي سيرفعها المحتجون أو المجتمعون. وجاء إقرار القانون في الوقت الذي تستعد فيه لجنة الخمسين للتصويت على التعديلات الدستورية التي ستطرح للاستفتاء خلال الشهور القادمة. ومن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية العام القادم. وقال زياد عبد التواب من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان لرويترز "هذا شيء خطير فعلا قبل الانتخابات. إنه خطير في الأوقات العادية وخطير بشكل خاص قبل الانتخابات." وأضاف أن القانون يمكن أن يعطل الاجتماعات العامة بما فيها المناقشات والمؤتمرات الانتخابية. وقال بيان مشترك أصدرته 19 منظمة حقوقية مصرية يوم الجمعة إن مشروع القانون يهدف لتجريم مختلف أشكال التجمع السلمي بما فيها المظاهرات والاجتماعات العامة ويطلق يد الدولة في تفريق التجمعات السلمية باستخدام القوة. وقال المحامي الحقوقي جمال عيد لرويترز إن الهدف من القانون هو حظر احتجاجات المصريين في الشوارع "وهي شيء نالوه بجهدهم ودمائهم." وأضاف "نعتبر القانون غير دستوري... ويمكن أن نتحداه أمام القضاء." وشارك ألوف من مؤيدي مرسي في مظاهرات يوم الاحد بالقاهرة ومدن أخرى بمناسبة مرور مئة يوم على فض اعتصامين لهم في القاهرة بالقوة مما تسبب في مقتل المئات. وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق بعض المظاهرات يوم الاحد. وقال طالب شارك في مظاهرة للإخوان في جامعة القاهرة "أكثر ما يخيفهم هو الاحتجاجات السلمية وآراء الناس وبصفة خاصة آراء الطلبة ولهذا فإنه من الطبيعي أن يحاولوا منع سماع هذه الآراء بقانون قمعي مثل هذا." وقال أحمد يحي وهو طالب في كلية اللغات والترجمة بجامعة ا?زهر "هذه هي الثورة المضادة التي تقتل الحريات. لن يهمنا أي قانون للتظاهر. مستمرون في المظاهرات في الشوارع والميادين حتى إسقاط الانقلاب." لكن الكثير من المصريين سئموا من الاضطرابات السياسية التي أضرت بالسياحة والاستثمارات وعطلت الطرق. وفي وسط القاهرة أيد رجل رأي الحكومة قائلا إن "إعاقة الطرق وتدمير الممتلكات" ليس "تعبيرا عن الرأي.. إنه إرهاب." (شارك في التغطية مصطفى هاشم وأسماء الشريف وعلي عبد العاطي وأحمد طلبة - تحرير أحمد صبحي خليفة)