تخشى دول الخليج، التي تشعر بانها خذلت من واشنطن، من تعاظم دور ايران في المنطقة بعد توصلها الى اتفاق حول ملفها النووي مع القوى الكبرى، ولو انها تؤيد من حيث المبدأ وجود علاقات حسن جوار مع طهران. وكانت الامارات العربية المتحدة اول بلد خليجي يرحب الاحد بالاتفاق، معربة عن الامل في ان يساهم في حفظ "استقرار المنطقة". وفي بيان صدر في ختام اجتماعه الاسبوعي في ابو ظبي، اعلن مجلس وزراء الامارات "ترحيبه بالاتفاق التمهيدي" حول الملف النووي الايراني". واعرب عن الامل في ان يكون هذا الاتفاق "خطوة نحو اتفاق دائم يحفظ استقرار المنطقة ويقيها التوتر وخطر الانتشار النووي". لكن دول الخليج لم تخف يوما ريبتها ازاء الطموحات الايرانية في المنطقة، وليس فقط النووية. وقال المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي "اعتقد ان دول الخليج من ناحية المبدا تريد علاقات جيدة مع ايران". وبحسب خاشقجي، فان "الاتفاق (في جنيف) يزيل القلق حول الملف النووي لكنه لا يشمل القضايا الاخرى، اي انه اختصر المسائل الخلافية في النووي". وشدد خاشقجي على ان "المشكلة الاساسية بالنسبة لدول الخليج هي تدخل ايران في شؤون المنطقة". ولطالما شجبت دول الخليج تدخل ايران في عدة دول في المنطقة، لاسيما في سوريا حيث تدعم نظام الرئيس بشار الاسد، فضلا عن لبنان والبحرين والعراق وغيرها. وبحسب المحلل السعودي، فان دول الخليج "تخشى ان تفسر ايران الاتفاق على انه يترك لها اليد الطولى في المنطقة". واضاف خاشقجي "ايران تخلت عن المشروع النووي وكسبت الهيمنة". وسارع الرئيس الاميركي باراك اوباما الى محاولة طمأنة حلفائه الخليجيين. وقال اوباما ان التزام الولاياتالمتحدة "يبقى قويا حيال اسرائيل ودول الخليج التي تملك اسبابا وجيهة للشعور بالقلق ازاء ايران". اما رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو فقد اعتبر ان الاتفاق بين الدول الكبرى وايران "خطأ تاريخي" مؤكدا على احتفاظ بلاده بحق "الدفاع عن النفس". وياتي هذا الاتفاق ليضاف الى سلسلة من الانتكاسات في العلاقات الخليجية الاميركية، على خلفية الربيع العربي والنفوذ الايراني والوضع في العراق وغيرها من الملفات. وقال خاشقجي "ان الاميركيين لم يعودوا يهتمون بقضايا (في المنطقة) يعتبرونها محلية". واشار الى عدم وجود تقاطع برايه بين موقف الخليجيين واسرائيل. وقال ان "موقف اسرائيل مختلف، فبالنسبة لها المشكلة هي النووي". من جانبه، قال المحلل السعودي انور عشقي انه "بالنسبة لدول الخليج، الاتفاق ليس سلبيا لكنه غير كاف". وبدوره اعتبر ايضا ان المشكلة مع ايران بالنسبة لدول الخليج تتخطى باشواط المشروع النووي. وقال في هذا السياق "المشكلة مع ايران اكبر، فهي تشمل اثارة النعرات الطائفية، ودعم الازمات في المنطقة فضلا عن المناطق المتنازع عليها" في اشارة الى الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى، التي تؤكد الامارات سيادتها عليها في الخليج. وقال عشقي ان رفع العقوبات سيؤمن لايران عائدات مالية كبيرة. واعتبر في هذا السياق ان "رفع العقوبات يطرح تساؤلا: اين ستضع ايران هذه الاموال؟ في خدمة شعبها او في تمويل الازمات الاقليمية". لكن المحلل الاماراتي عبدالخالق عبدالله بدا اكثر تفاؤلا ازاء الاتفاق معتبرا ان دول الخليج قد تستفيد كثيرا في النهاية من هذا الاتفاق. وقال عبدالله "الصفقة جيدة، ودول الخليج ليس لها ثقة بالولاياتالمتحدة لكن الاتفاق هو بين المجتمع الدولي وايران وليس بين الولاياتالمتحدةوايران، وبالتالي يمكن ان تثق دول الخليج بهذا الاتفاق". واقر عبدالله بوجود "تخوف خليجي من ادارة اوباما التي تعتبر مندفعة اكثر مما ينبغي تجاه ايران". لكن الاستقرار الذي قد ينجم عن الاتفاق قد يجعل دول الخليج "المستفيدة الاكبر من الاتفاق". وتوصلت القوى الكبرى وطهران الى اول اتفاق تاريخي لاحتواء البرنامج النووي الايراني ليل السبت الاحد في جنيف يحمل املا بالخروج من ازمة مستمرة منذ اكثر من عشر سنوات مع التاكيد بانه "خطوة اولى". فبعد ايام من المفاوضات الصعبة، اعلنت القوى الكبرى وايران التوصل الى اتفاق تقبل بموجبه الجمهورية الاسلامية الحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها ما يمهد الطريق امام فترة جديدة من المفاوضات المعمقة لمدة ستة اشهر.