قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عقب لقائه بنظيره البريطاني وليام هيغ في لندن إن الرئيس السوري بشار الأسد يمكنه تفادي أي عمل عسكري بتسليم ما لديه من أسلحة كيماوية إلى المجتمع الدولي خلال الأسبوع المقبل. ولكنه شكك في استجابة الأسد لمثل هذا العرض. وعندما سئل كيري في مؤتمر صحفي بعد محادثاته مع هيغ إن كان يمكن لحكومة السورية الأسد أن تفعل شيئا أو تقدما شيئا لوقف اتخاذ أمريكا لعمل عسكري، قال بالتأكيد، يمكنه تسليم جميع ما لديه من أسلحة كيماوية للمجتمع الدولي خلال الأسبوع المقبل، دون تأخير، وأن يسمح بالمحاسبة الكاملة عنها، ولكنه لن يفعل ذلك، ولا يمكن فعل هذا . وقال كيري إن حل الصراع في سوريا يجب أن يكون سياسيا، وليس عسكريا، لكن ذلك ليس محتملا لأن الرئيس الأسد يواصل قتل المعارضة المعتدلة. وأضاف أن استخدام الأسلحة الكيماوية كارثة إنسانية على مستوى العالم ينبغي الرد عليها. وشدد كيري أمام الصحفيين على أن العلاقة بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا لاتزال قوية كما كانت بالرغم من قرار مجلس العموم البريطاني رفض الاشتراك في عمل عسكري ضد سوريا. وأكد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ لنظيره الأمريكي دعم بريطانيا الدبلوماسي التام للولايات المتحدة في خطتها للتحرك عسكريا ضد سوريا. لكنه شدد خلال المؤتمر الصحفي المشترك بينهما على أن حكومته ستحترم رفض البرلمان البريطاني مشاركة البلاد في أي عمل عسكري ضد دمشق في التصويت الذي جرى في نهاية أغسطس/آب. وكان كيري قد التقى بنظيره البريطاني هيغ في الوقت الذي تكثف فيه الولاياتالمتحدة جهودها لكسب التأييد لاتخاذ عمل عسكري ضد سوريا. ففي واشنطن ظهر الرئيس الأمريكي باراك أوباما غير مرة في مقابلات تليفزيونية، وكرس سعيه إلى كسب تأييد أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين، قبل بدء التصويت المحتمل في مجلس الشيوخ في الكونغرس الأمريكي هذا الأسبوع. وكان كيري قد وصل إلى لندن الأحد عقب لقائه بوزراء خارجية جامعة الدول العربية في باريس، لكسب دعمهم للعمل العسكري. وقال كيري الأحد إنه ووزراء الخارجية العرب اتفقوا على أن الاستخدام المشتبه به للرئيس الأسد للأسلحة الكيماوية في سوريا تجاوز خطا أحمر دوليا . وقال إن ما نسعى إليه هو تعزيز تطبيق المعايير المتعارف عليها فيما يخص استخدام الأسلحة الكيماوية . وتشير استطلاعات رأي السياسيين الأمريكيين إلى وجود تشكك واسع النطاق بينهم بشأن انخراط الولاياتالمتحدة في الصراع في سوريا. وكان مجلس العموم البريطاني قد صوت ضد المشاركة في أي عمل عسكري أمريكي في سوريا، وإن كانت الحكومة البريطانية تؤيد هذه المشاركة. وقد أكد وليام هيغ مرة أخرى دعمه لموقف واشنطن. إذ قال في مقابلة مع بي بي سي أعتقد بقوة أن على العالم أن يتخذ موقفا ضد استخدام الأسلحة الكيماوية، وهناك مناقشات الآن حول هذا في الكونغرس الأمريكي، أما برلماننا فقد اتخذ قراره . وأضاف هيغ إن مخاطر عدم اتخاذ موقف في رأيي أعظم من مخاطر اتخاذ موقف محدد مناسب بطريقة محسوبة . أما وزير الخارجية الأمريكي، فكان قد حذر بأنه إن لم يتم التدخل عسكريا فإن سوريا قد تستخدم أسلحتها الكيماوية مرة أخرى. وتتهم الولاياتالمتحدة القوات السورية بقتل 1429 شخصا بغاز السارين في هجوم قيل إنه وقع في ضواحي دمشق في 21 أغسطس/آب. أما الحكومة السورية فتنحي باللائمة في هذا على مسلحي المعارضة الذين يقاتلون منذ أكثر عامين ونصف للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وقال المراسل الدبلوماسي لبي بي سي جيمس روبنز إن محادثات هيغ وكيري ستركز على سبل دعم العناصر المعتدلة في المعارضة السورية. وقد نفى الرئيس الأسد غير مرة أي صلة له أو لحكومته بالهجوم الذي قيل إنه وقع في دمشق. ونقل عنه في مقابلة مع محطة بي بي إس الأمريكية تذاع الاثنين أنه أشار إلى أنه سيكون هناك - بين من يتحالفون معه - نوع من الانتقام إذا اتخذ أي عمل عسكري . ولا تزال روسيا والصين - اللتان رفضتا الموافقة على قرار في مجلس الأمن الدولي ضد سوريا - تصران على أن أي عمل عسكري دون موافقة الأممالمتحدة يعد خطوة غير قانونية. أما فرنسا فتدعم التدخل العسكري، لكنها تريد الانتظار حتى تظهر نتائج تقرير مفتشي الأسلحة الدوليين. وقد توجه وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى موسكو لإجراء محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الاثنين. وقال المعلم إن الرئيس الأسد طلب منه إبلاغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شكره على دعمه في قمة العشرين الأسبوع الماضي. وحذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاثنين ختام لقاء في موسكو مع نظيره السوري وليد المعلم من أن توجيه ضربات عسكرية إلى سوريا سيؤدي إلى انتشار الإرهاب في المنطقة برمتها، مؤكدا أن الحكومة في دمشق لا تزال مستعدة للمشاركة في مفاوضات سلام. وقال لافروف إن هناك عددا متزايدا من السياسيين ورجال الدولة الذين يشاطروننا الرأي بأن سيناريو قوة سيقود إلى انتشار الإرهاب في سوريا والدول المجاورة، وإلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين ، مشيرا إلى أن دمشق لا تزال مستعدة لمفاوضات سلام . وتعارض روسيا خطط أمريكا لاتخاذ عمل عسكري ضد سوريا. وتقول إنها غير مقتنعة بأن المسؤول وراء الهجوم الكيماوي المفترض في دمشق هو الرئيس السوري بشار الأسد.