فاز الحزب الجمهوري التركي اليساري بدون ان يحقق اغلبية في الانتخابات التشريعية التي جرت امس الاحد في "جمهورية شمال قبرص التركية" غير المعترف بها دوليا، مما يلزمه بالبحث عن شريك في اليمين لتشكيل ائتلاف. افادت النتائج الرسمية الموقتة للانتخابات اليوم الاثنين ان هذا الحزب حصل على 38,49 % من الاصوات، في تقدم واضح على النتائج التي سجلها في 2009، مما سيسمح له بان يشغل 21 مقعدا في البرلمان الذي يضم خمسين مقعدا. وفي اليسار ايضا، فاز حزب الديموقراطية القروية ب7,41% من الاصوات مما يسمح له بان يشغل ثلاثة مقاعد في البرلمان. وسيضطر الحزب الجمهوري للسعي الى تشكيل ائتلاف مع الحزب الديموقراطي (يمين الوسط) الذي حصل على مع 23,1% من الاصوات (12 مقعدا) او مع حزب الوحدة الوطنية الحاكم حاليا (قومي) الذي حصل على 27,16% من الاصوات (14 مقعدا) لتشكيل حكومة اغلبية. وتفيد هذه النتائج ايضا ان نسبة المشاركة بلغت 70 بالمئة من اصل نحو 173 الف ناخب دعوا للمشاركة في الانتخابات لاختيار 50 نائبا سيمثلون سكان هذا الكيان الواقع شمال جزيرة قبرص والذي لا تعترف به سوى تركيا. ونسبة المشاركة هي نفسها التي سجلت في انتخابات 2009. وكان انتصار الحزب الجمهوري اليساري متوقعا امام خصمه حزب الوحدة الوطنية الذي تراجعت شعبيته كثيرا بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور. وقد ادت هذه الصعوبات الى انتقال ثمانية من نواب هذا الحزب الى المعارضة وتصويت بحجب الثقة عن الحكومة ادى الى سقوطها في حزيران/يونيو، وتنظيم هذه الانتخابات المبكرة قبل عام واحد من انتهاء الولاية التشريعية. كما اثارت الجدل المتكرر حول اعادة توحيد الجزيرة والمفاوضات التي تجري بهذا الهدف مع القبارصة اليونانيين. لذلك تركزت الحملة الانتخابية على نتائج خطة التقشف التي وقعت في 2010 مع تركيا مقابل ابقاء دعمها المالي ل"جمهورية شمال قبرص التركية" وتنص على زيادة الضرائب والحد من التوظيف وتجميد الرواتب في القطاع العام. وتركيا هي البلد الوحيد الذي يعترف بالكيان القبرصي التركي الذي يخضع لحظر دولي وتقدم له مساعدات بملايين اليورو كل سنة. ومن المواضيع الاساسية التي طرحت في الحملة الانتخابية خصخصة الشركات العامة في قطاعات الاتصالات والكهرباء خصوصا ومسألة ادارة توزيع المياه بعد انجاز انبوب لنقل الماء من تركيا الى شمال قبرص في 2014. وببرنامج عمل يتضمن كل هذه القضايا، ترجح استطلاعات الرأي فوز الحزب الجمهوري التركي في الاقتراع لكن الشكوك تتعلق بقدرته على ادارة المنطقة بمفرده او قبوله بتقاسم السلطة في حكومة ائتلاف. وسيكون على الحزب التعايش مع الرئيس درويش اروغلو الذي لن تنتهي ولايته الرئاسية قبل 2015. وفي معظم الاحيان يوصف اروغلو القومي والمدافع عن العلاقات المميزة مع تركيا، بانه عقبة امام تقدم محادثات السلام. ويرى مراقبون ان تعايشا مع الحزب الجمهوري الذي ناضل في 2004 لاقرار خطة الاممالمتحدة لتوحيد الجزيرة يمكن ان يجبره على اتخاذ موقف اكثر ليونة. ولم تقر الخطة بعدما رفضها القبارصة اليونانيون في استفتاء. والمفاوضات تراوح مكانها ومن الصعب تحريكها في فترة قريبة. وقد علقت المفاوضات في تموز/يوليو 2012 من قبل الجانب القبرصي التركي احتجاجا على تسلم القبارصة اليونانيين الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي. والتقى الرئيس القبرصي الجديد نيكوس اناستاسيادس الذي انتخب في شباط/فبراير اروغلو مطلع حزيران/يونيو بعد اكثر من عام على آخر اجتماع على هذا المستوى. ويؤكد القبارصة الاتراك انهم مستعدون لاستئناف المفاوضات. لكن القبارصة اليونانيين الذين لا يريدون الزامهم بتسويات يسعون الى اصلاح اقتصادهم المتباطىء بسبب شروط تقشف قاسية وضعت مقابل خطة اوروبية للانقاذ المالي مثيرة للجدل. وتحدث الجانبان عن امكان استئناف المفاوضات في تشرين الاول/اكتوبر. وجزيرة قبرص مقسومة الى شطرين منذ الغزو التركي في 1974 والاحتلال التركي للشمال على اثر انقلاب دبره قوميون قبارصة يونانيون كانوا يريدون الحاق الجزيرة باليونان.