تفاقمت الازمة في مصر بمقتل 72 شخصا على الاقل في اشتباكات دامية بين انصار الرئيس الاسلامي المخلوع محمد مرسي وقوات الامن في طريق النصر شمال شرق القاهرة على بعد نحو ثلاثة كيلومترات من تجمع الاخوان المسلمين المستمر منذ شهر واكدت السلطات انها ستفضه "في القريب العاجل". واثارت حصيلة السبت التي اعلنها مصدر حكومي وهي الاكبر منذ ازاحة مرسي، سلسلة تحذيرات الى السلطات الجديدة في مصر التي قالت انها تريد تفريق الاعتصامات. فقد اعرب وزير الخارجية الاميركية جون كيري في بيان عن قلق واشنطن "العميق" بعد "اراقة الدماء والعنف" في مصر. واضاف ان السلطات المصرية "لديها واجب اخلاقي وقانوني باحترام الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير". وفي اسطنبول، دان رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان ما وصفه بانه "مجزرة" في مصر، وانتقد الاسرة الدولية والدول الاسلامية خصوصا على "صمتها"، بينما دعت وزارة الخارجية التركية من جانبها الى نقل السلطة الى "قيادة ديموقراطية". وفي الوقت نفسه تظاهر مئات في اسطنبول تعبيرا عن دعمهم لمرسي. ودعت فرنسا "كافة الاطراف وخصوصا الجيش الى التحلي باكبر قدر من ضبط النفس" بينما اعرب وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي السبت عن قلقه الشديد حيال اعمال العنف في مصر. اما في لندن، فقد دان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ "استخدام القوة ضد المتظاهرين" ودعا "الفريقين الى وضع حد لاعمال العنف". وفي مصر، ندد شيخ الازهر الامام الاكبر احمد الطيب في بيان بسقوط ضحايا، مطالبا بفتح "تحقيق قضائي عاجل وانزال العقوبة الفورية بالمجرمين المسؤولين عنه ايا كانت انتماءاتهم او مواقعهم". واضاف ان "الازهر الشريف ينادي ويستصرخ العقلاء من كل الفصائل ان يبادروا فورا ودون اقصاء الى الجلوس على مائدة حوار"، محذرا من انه "لا بديل للحوار الا الدمار". من جهته قال نائب الرئيس الموقت للعلاقات الدولية محمد البرادعي في تغريدة على حسابه على تويتر انه "يدين بكل قوة الاستخدام المفرط للقوة وسقوط الضحايا"، مؤكدا "اعمل بكل جهد وفي كل اتجاه لانهاء المواجهة بأسلوب سلمي". وعبرت جبهة الانقاذ الوطني المصرية عن "الحزن" لمقتل عدد كبير من المصريين متهمة جماعة الاخوان المسلمين بالاستمرار في "نهج عدائي تحريضي". واعلن خالد الخطيب رئيس الادارة المركزية للرعاية الحرجة والعاجلة في وزارة الصحة المصرية مساء السبت ان الاشتباكات في مدينة نصر الى 72 قتيلا واكثر من 400 جريح. وقال ان "عدد القتلى جراء اشتباكات الجمعة والسبت بالاسكندرية والقاهرة، ارتفع إلى 80 قتيلا من بينهم 72 قتيلا امام النصب التذكاري في محيط اعتصام رابعة العدوية". اما جرحى اشتباكات القاهرة "فبلغ 411 (..) خرج 83 منهم من المستشفيات بعد تلقيهم العلاج ولايزال 328 تحت العلاج". واعلن انصار مرسي اولا عن سقوط "اكثر من مئة قتيل". غير ان احمد عارف المتحدث باسمهم عاد وتحدث في مؤتمر صحافي بعد ظهر السبت عن سقوط "66 قتيلا على الاقل" في اشتباكات فجر السبت في شارع النصر. وبدأت الاشتباكات بعد منتصف ليل الجمعة السبت عندما حاولت مجموعة من المتظاهرين الاسلاميين قطع مطلع جسر 6 اكتوبر الحيوي الذي يربط شمال وشرق القاهرة بوسط المدينة وجنوبها. وبحسب شهود عيان فان الشرطة و"البلطجية" اطلقوا الرصاص الحي والخرطوش على المتظاهرين الاسلاميين. ووقعت المواجهات على بعد ثلاثة كيلومترات من مسجد رابعة العدوية حيث يعتصم الاسلاميون منذ 28 حزيران/يونيو الماضي بعد ساعات من تظاهرات شاركت فيها حشود هائلة الجمعة في القاهرة والعديد من المحافظات بدعوة من رجل مصر القوي وزير الدفاع الفريق اول عبد الفتاح السيسي الذي طلب من المصريين بالنزول الى الشوارع لتفويضه بمواجهة الارهاب. واتهم الاسلاميون الفريق اول السيسي بالوقوف وراء ما سموه "مجزرة" مدينة نصر وهتف شبان في ساحة رابعة العدوية "السيسي سفاح". لكن وزير الداخلية المصري محمد ابراهيم اتهم في مؤتمر صحافي الاسلاميين "بافتعال واقعة (الاشتباكات الدامية) لاستثمارها سياسيا". وقال ان قوات الشرطة "كانت متواجدة في شارع النصر وبينها وبين ميدان رابعة العدوية حيث الاعتصام مسافة كبيرة ولم تتقدم القوات نحو المعتصمين بل هم الذين تحركوا حتى مكان القوات من اجل ان يستثمروا ذلك سياسيا". واكد ان قوات الشرطة فرقت المتظاهرين الاسلاميين "بالغاز المسيل للدموع" عندما حاولوا قطع جسر 6 اكتوبر لكنهم "عادوا فجأة الى حيث كانت قوات الشرطة متواجدة وبدأوا في اطلاق الاعيرة الحية والخرطوش على القوات". واضاف ان "عددا كبيرا من الضباط والمجندين في الشرطة مصابون بالرصاص الحي وبالخرطوش من بينهم ضابطان في مستشفى مدينة نصر اصيبا بطلقتين في العين حالتهما خطيرة". واوضح انه تم القبض على 73 شخصا خلال الاشتباكات في مدينة نصر في القاهرة. وابدت السلطات المصرية السبت حزما واضحا في التعامل مع الاسلاميين. فقد اكد وزير الداخلية انه سيتم فض اعتصامي الاسلاميين في القاهرة في "القريب العاجل" و"بأقل قدر من الخسائر". وقال ابراهيم "نتمنى ان يتعقلوا وان يفضوا هذا الاعتصام قبل ان نفضه بالقوة حفاظا على الدم"، مشددا على انه "سيفض بالطريقة التي لا تحدث قدرا كبيرا من الخسائر لان كل المتواجدين في رابعة هم مصريون". واتهم قيادات جماعة الاخوان المسلمين والاحزاب المتحالفة معها والصادرة اوامر قضائية بتوقيفها "بالاحتماء وسط المعتصمين"، لذلك لم يتم توقيفهم حتى الان. واعلنت سلطات مطار القاهرة الدولي تشديد الاجراءات الامنية على القادمين من اربع دول هي افغانستان وباكستان وليبيا واليمن "لمنع دخول ركاب غير مرغوب فيهم". وفي العريش شمال سيناء، قتل مواطن وتوفي ضابط متاثرا بجروح اصيب بها في هجوم في الايام الاخيرة. واسفرت اعمال العنف التي تشهدها مصر منذ 26 حزيران/يونيو عن مقتل 310 شخصا، بينهم 50 في سيناء، واصابة اكثر من 3 الاف اخرين بجروح، بحسب حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس استنادا الى تقارير صحية رسمية.