افسح الاتفاق الذي ابرمته الحكومة المالية مع المتمردين الطوارق المجال امام الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل في مالي لكن الوقت يدهم باماكو التي لم يبق لها سوى اقل من اربعين يوما لتنظيم هذا الاقتراع الحاسم لاخراج البلاد من الازمة. واثار الاتفاق المبرم الثلاثاء في واغادوغو بعد عشرة ايام من التفاوض مع الطوارق الذين يسيطرون على كيدال في شمال شرق مالي، ارتياحا في مالي والخارج. ورحب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي بادر الى التدخل عسكريا في مالي مطلع السنة، الاربعاء "باتفاق يسمح بالمصالحة واحترام وحدة اراضي البلاد وفي الوقت نفسه الاعتراف بمشاكل خاصة بشمال البلاد في انتظار الانتخابات الرئاسية المقررة مبدئيا في 28 تموز/يوليو المقبل". ويرى محللون ماليون ان الاتفاق يزيل عقبة اساسية متمثلة في كيدال. وقال مصدر قريب من الرئيس المالي ديونكوندا تراوري، تابع كثب مفاوضات واغادوغو "كان لا بد من التوصل الى هذا الاتفاق والا لا شيء، كنا ماضين نحو اخفاق لو لم نتوصل الى تنظيم انتخابات رئاسية في منطقة كيدال". وقبل التوقيع على الاتفاق كان من الصعب احترام المهلة في نظر العديد من الماليين وخصوصا بسبب وضع كيدال. ويلحظ الاتفاق عودة الجيش المالي الى كيدال وتموضعا محصورا لمقاتلي الطوارق في مواقع تجمع. والاتفاق الذي سمي "اتفاق تمهيدي للانتخابات الرئاسية ولمفاوضات السلام في مالي" وقعه عن الحكومة وزير الادارة المحلية الكولونيل موسي سينكو كوليبالي وعن المتمردين الطوارق كل من بلال اغ الشريف والعباس اغ انتاله، باسم حركتي التمرد الرئيسيتين لدى الطوارق، وذلك بحضور رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوريه الذي يقوم بوساطة في الازمة المالية. ولن يتم نزع سلاح المتمردين الطوارق الا بعد توقيع اتفاق "شامل ونهائي للسلام" بين السلطات الجديدة التي ستنشأ بعد الانتخابات من جهة والمجموعات المسلحة في الشمال من جهة اخرى. وعودة الجنود الماليين وتموضع المقاتلين الطوارق ستواكبها بعثة الاممالمتحدة التي ستحل اعتبارا من اول تموز/يوليو محل القوة الافريقية، اضافة الى القوات الفرنسية. وقال ممثل الامين العام للامم المتحدة في مالي برت كندرز في بيان تسلمته فرانس برس بعد توقيع الاتفاق "اهنىء الجانبين بانهما وضعا خلافاتهما جانبا وعملا من اجل مصلحة البلاد وشعبها". واضاف كندرز "انها خطوة اولى. من المهم الان ان يلتفت الموقعون الى المستقبل ويواصلوا جهودهم يدا بيد بهدف تطبيق ملموس لهذا الاتفاق ينبغي ان يبدا فورا في شكل منسق وهادىء". وتابع "على الجانبين ان يناقشا ايضا اخر التفاصيل التقنية في ما يتصل بالمشاكل الامنية وعودة الادارة والخدمات الاساسية الى السكان في منطقة كيدال والتحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة". وقال المسؤول الاممي ايضا "بعد توافر هذه الشروط، يمكن البدء بحوار شامل لا تشارك فيه الحكومة والمجموعات المسلحة فحسب بل ايضا جميع الماليين". وفي بروكسل، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون في بيان "أهنىء نفسي بتوقيع اتفاق اليوم في واغادوغو يمهد للانتخابات الرئاسية ومفاوضات السلام الشاملة في مالي من جانب السلطات المالية والحركات المسلحة غير الارهابية في شمال مالي". واضافت اشتون ان "هذا الاتفاق يرتدي اهمية تاريخية، فهو يشكل مرحلة اساسية في عملية بناء السلام عبر الحوار". واكدت ان "الاتحاد الاوروبي قدم دعمه الكامل لهذه المفاوضات، وسيظل الى جانب جميع الماليين لتسهيل تطبيق الاتفاق بكل ابعاده". وتعليقا على الاتفاق قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الثلاثاء ان "هذا الاتفاق يشكل تقدما رئيسيا في الخروج من الازمة في مالي. بهدف اجراء الانتخابات الرئاسية في 28 تموز/يوليو، انه يكفل احترام السيادة الوطنية لمالي والاقرار بمقاربة محددة للمشاكل في شمال مالي". واضاف "في ستة اشهر، منذ تدخلت فرنسا فيما كانت مالي على شفير الجحيم الارهابي، تم القيام بعمل جيد". ودعا فابيوس "جميع الاطراف الماليين الذين التقوا الان حول مشروع مشترك على تطبيق هذا الاتفاق بحذافيره من اجل المصلحة العليا للبلاد". وشكر ايضا "من سهلوا التوصل الى هذا الاتفاق وخصوصا بوركينا فاسو التي تحركت باسم المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا، اضافة الى الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي".