انطلقت محاكمة الجندي الاميركي برادلي مانينغ الاثنين امام محكمة عسكرية في فورت ميد قرب واشنطن (ماريلاند) حيث يحاكم بتهمة القيام باحدى اكبر عمليات تسريب وثائق سرية في تاريخ الولاياتالمتحدة. ومثل مانينغ حوالى الساعة 9,45 (13,45 ت.غ) امام القاضية العسكرية دنيز ليند. وبعد سنة ونصف سنة من جلسات الاستماع التمهيدية، حضرت وسائل الاعلام الاميركية والاجنبية باعداد كبرى واضطرت للانتظار اكثر من ساعتين للخضوع لاجراءات الامن المشددة. ووصفت شبكة دعم مانينغ هذه المحاكمة بانها "محاكمة القرن" وحضر الاثنين حوالى 30 متظاهرا تحت المطر ووقفوا امام القاعدة العسكرية حاملين يافطات كتب عليها "برادلي مانينغ، بطل" او رددوا هتافات تدعو الى الافراج عنه. وسبق ان اقر مانينغ (25 عاما) الذي يعتبره البعض بطلا والبعض الاخر خائنا بتحميل وتزويد موقع ويكيليكس بالاف الوثائق العسكرية المصنفة "اسرارا دفاعية" والبرقيات الصادرة عن وزارة الخارجية. الا ان مانينغ نفى اي نية "بالاساءة" الى الولاياتالمتحدة كما يؤكد الادعاء، وقال انه اراد "اثارة نقاش عام" حول الحرب في العراق وفي افغانستان. في المقابل، تؤكد الحكومة الاميركية ان الجندي السابق عرض "بعلم منه" البلاد الى الخطر بارساله وثائق سرية اطلع عليها من خلال عمله كمحلل لدى الاستخبارات حول العراق من تشرين الثاني/نوفمبر 2009 وحتى توقيفه في ايار/مايو 2010. وهو متهم "بالتآمر مع العدو" في اشارة الى تنظيم القاعدة الارهابي لانه سلم موقع ويكيليكس الاف الوثائق العسكرية الاميركية حول حربي العراق وافغانستان وكذلك اكثر من 250 الف برقية لوزارة الخارجية الاميركية. ويشمل الادعاء 700 الف وثيقة سرية و22 اتهاما اقر مانينع بعشرة منها. ورغم اعترافه الجزئي بالذنب، الا ان هذا الجندي يواجه احتمال الحكم عليه بالسجن لمدى الحياة في حال قررت القاضية العسكرية دنيز ليند التي تتراس المحكمة انه قدم مساعدة لاعداء الولاياتالمتحدة. ومن بين 150 شاهدا تم استدعاؤهم، سيمثل 24 في جلسة مغلقة وخصوصا السفراء والمسؤولين في اجهزة الاستخبارات، بالاضافة الى احد اعضاء وحدة الكومندوس التي شاركت في الهجوم على مخبا اسامة بن لادن، والذي سيكشف ايضا في جلسة مغلقة ما اذا تم العثور على وثائق سربها مانينغ في ذلك المخبا. في المقابل، يقول مؤيدو مانينغ الذين حضروا بالمئات السبت امام قاعدة فورت ميد العسكرية انه رمز للسلام وبطل يندد بشجاعة بتجاوزات السياسة الخارجية الاميركية. واعطوا مثالا تسجيل فيديو يظهر فيه تجاوز بحق مدنيين عراقيين اقر مانينغ بانه قام بتسريبه "لانه اعتبره مشينا". وايضا وثائق سرية حول 779 معتقلا في غوانتانامو مما اتاح معرفة ان 150 منهم اوقفوا دون سبب موجب. وصرح جيف باترسون مدير شبكة دعم برادلي مانينغ "لقد اتى الناس من اماكن بعيدة ليقفوا الى جانب بطل اميركي"، مضيفا ان مانينغ "يستمد قوته من هذا الفيض من التاييد". ومن بين المتظاهرين الذين رفعوا لافتة كتب عليها "برادلي مانينغ اودع السجن لكشفه عن جرائم حرب"، اعتبر دانيال ايلسبورغ الذي كان وراء تسريب "وثائق البنتاغون" حول الحرب في فيتنام ان الحكومة الاميركية "امام معركة كشف الحقيقة". وتتخذ محاكمة مانينغ بعدا خاصا لانها تاتي بينما تواجه ادارة باراك اوباما انتقادات حول حملتها ضد التسريبات بعد ضبط تسجيلات هاتفية لصحافيين عاملين لدى "اسوشييتد برس" و"فوكس نيوز". والغائب الاكبر في المحاكمة هو مؤسس ويكيليكس جوليان اسانج الذي ذكر في مقال نشرته نيويورك تايمز الاحد ان وزارة العدل التي تامل بتسليمه لمحاكمته بتهمة التامر "دخلت عامها الثالث من التحقيق الجنائي ضد ويكيليكس". والمرافعات ستستمر حتى 23 اب/اغسطس، وبدأت بعد ثلاث سنوات على توقيف مانينغ في العراق وقد امضى تسعة اشهر منها داخل زنزانة انفرادية في سجن كوانتيكو العسكري (فرجينيا). وندد محاميه ديفيد كومز ب"الوتيرة البطيئة جدا" للاجراء القضائي، وطالب باسقاط التهم بسبب ظروف التوقيف في كوانتيكو والتي اعتبر مقرر الاممالمتحدة حول التعذيب انها "قاسية وغير انسانية ومهينة". واعفته القاضية ليند من اربعة اشهر من السجن من اصل 154 عاما يمكن ان يحكم عليه بها.