ارتفعت اعداد ضحايا العنف في العراق خلال ايار/مايو لتبلغ معدلات سنوات النزاع الطائفي، في ظل خلافات سياسية متواصلة اختصرتها السبت مصالحة رمزية بين رئيسي الوزراء والبرلمان. ولم تفلح الاجراءات والتغييرات الامنية التي اتخذتها الحكومة في وضع حد لتصاعد العنف في البلاد على مدار الاسابيع الماضية، حيث بات يقتل يوميا اكثر من 30 شخصا. واظهرت ارقام بعثة الاممالمتحدة التي نشرت اليوم ان 1045 عراقيا قتلوا في اعمال عنف متفرقة خلال شهر ايار/مايو، بينما اصيب 2397 آخرون بجروح. واوضحت البعثة في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه ان 782 مدنيا و263 من افراد الجيش والشرطة قتلوا في ايار/مايو، بينما اصيب 1832 مدنيا بجروح و565 من عناصر القوات الامنية خلال الشهر ذاته. وبلغت اعداد ضحايا العنف معدلاتها الاعلى في بغداد مقارنة بباقي المحافظات، حيث قتل 532 مدنيا واصيب 1285 بجروح. وقالت متحدثة باسم بعثة الاممالمتحدة في العراق لفرانس برس ان هذه الارقام "يمكن مقارنتها بما كانت عليه معدلات ضحايا العنف" في 2008. واعلن بيان الاممالمتحدة عن 560 هجوما في العراق على مدار الشهر الماضي، بينها 178 هجوما بعبوات ناسفة، و82 بسيارات مفخخة، و243 باسلحة رشاشة ومسدسات مزودة بكواتم للصوت. وتعتمد بعثة الاممالمتحدة في ارقامها على "التحريات المباشرة بالاضافة الى مصادر ثانوية موثوقة في تحديد الخسائر بين صفوف المدنيين". من جهتها، اظهرت ارقام وزارات الداخلية والدفاع والصحة مقتل 630 شخصا في ايار/مايو، هم 446 مدنيا و88 عسكريا و96 شرطيا، بينما اصيب 1097 شخصا، هم 152 عسكريا و193 شرطيا و752 مدنيا. كما اعلنت الحصيلة الرسمية عن مقتل 51 "ارهابيا". وهذه اعلى حصيلة رسمية لمعدل ضحايا في شهر واحد منذ نيسان/ابريل 2008. في موازاة ذلك، اظهرت حصيلة تعدها فرانس برس استنادا الى مصادر امنية وعسكرية وطبية، مقتل 614 شخصا على مدار الشهر، واصابة 1550 بجروح. وشهد العراق بين عامي 2006 و2008 حربا اهلية طائفية دامية قتل فيها الالاف. وباتت تستعيد دور العبادة السنية والشيعية مؤخرا الصورة الدامية التي كانت عليها ابان سنوات الحرب الاهلية الطائفية في ظل تزايد استهدافها مجددا باعمال القتل والتفجيرات العشوائية التي تنسب الى تنظيم "القاعدة" و"التكفيريين". ولم تتبن اي جهة اعمال العنف هذه، علما ان تنظيم "دولة العراق الاسلامية"، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، عادة ما كان يتبنى في السابق غالبية الهجمات الكبرى في البلاد. ودفع تصاعد اعمال العنف سياسيين عراقيين على راسهم رئيس الوزراء نوري المالكي الى التحذير من الانزلاق نحو حرب طائفية اهلية جديدة. كما حذرت الاممالمتحدة من نزاع طائفي جديد في البلاد، ورات ان العراق بات يسير "نحو المجهول". وقال ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق مارتن كوبلر في بيان السبت تعليقا على معدلات ضحايا شهر ايار/مايو "انه رقم قياسي حزين"، داعيا قادة البلاد الى "العمل فورا لوقف سفك الدماء". وفي هذا السياق، عقد قادة العراق اليوم اجتماعا رمزيا موسعا لهم بعد نحو عام ونصف عام على اول محاولة لعقد لقاء مماثل، في مسعى لنزع فتيل الاحتقان. وحضر الاجتماع في منزل رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم في بغداد، رئيس الوزراء نوري المالكي، ورئيس البرلمان اسامة النجيفي، ونائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي. كما حضر الاجتماع نائبا رئيس الحكومة ووزراء ونواب وقادة دينيون بينهم رئيسا الوقفين السني والشيعي، بينما غاب عن الاجتماع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، ورئيس ائتلاف "العراقية" اياد علاوي. وشهد اللقاء مصالحة بين المالكي، رئيس الوزراء الشيعي الذي يحكم البلاد منذ 2006، والنجيفي، احد ابرز قادة ائتلاف "العراقية" السنة، حيث تصافح الرجلان وتبادلا القبلات تحت انظار وتصفيق الحاضرين. وقال لهما رئيس الوقف السني احمد عبد الغفور السامرائي "اليوم هو احسن بشرى للعراقيين جميعا، اقسم بالله لقد افرحتم العراقيين، والله يبيض وجوهكم مثلما بيضتم وجوه العراقيين". كما قال الحكيم "هم كبار وعلى قدر المسؤولية". من جهته، اعتبر النجيفي ان "اللقاء كان طيبا وازال الخلافات وان شاء الله نبدا بداية جديدة، وسيبنى على هذا اللقاء لقاءات اخرى لنبحث كل الملفات بروح اخوية". واضاف ان هذه اللقاءات ستهدف الى معالجة "كل المشاكل التي يطالب بها المتظاهرون وكل المكونات العراقية بصورة صحيحة وسريعة". كما شدد على ان "لا خلاف شخصيا مع المالكي بل هو خلاف مبني على اختلاف وجهات النظر وان شاء الله تزول جميع القضايا ونلتزم جميعا بالدستور ونبني البلد". وتابع النجيفي "وضع العراق كان صعبا جدا وعلى شفير انهيار وعلى وشك ان يشهد حربا اهلية وهذا اللقاء كان مهما جدا ولا بد ان نعيد الوضع الى استقراره". في هذا الوقت، اعلنت وزارة الدفاع اعتقال خلية كانت تستعد لشن هجمات كيميائية ضد اهداف في داخل العراق وفي اوروبا واميركا الشمالية، موضحة ان ملاحقة الخلية جاءت بالتعاون مع اجهزة استخبارات اخرى.