اصدر الرئيس السوري بشار الاسد اليوم الثلاثاء عفوا يشمل عددا من الجرائم تستثني تلك المتعلقة بتنفيذ الاعمال الارهابية، ويمنع العقوبة عن العسكريين الفارين وحاملي السلاح في حال تسليم انفسهم وسلاحهم خلال خلال مهلة محددة. ويأتي ذلك لمناسبة عيد الجلاء (جلاء آخر جندي فرنسي عن سوريا في 1946)، وعشية اطلالة اعلامية جديدة للرئيس السوري عبر تلفزيون "الاخبارية" السورية للحديث عن آخر تطورات الازمة المستمرة في بلاده منذ اكثر من سنتين. وذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان الاسد اصدر "المرسوم التشريعي رقم 23 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم" المرتكبة قبل تاريخ اليوم. وهو في الواقع عفو انتقائي يشمل جرائم محددة ويتضمن تخفيضا للعقوبات على جرائم اخرى. وينص المرسوم على "العفو عن كامل العقوبة" للجرائم المتعلقة بالدعاية التي ترمي في زمن الحرب الى "اضعاف الشعور القومي او ايقاظ النعرات العنصرية او المذهبية"، ونقل "انباء يعرف انها كاذبة او مبالغ فيها من شأنها ان توهن نفسية الأمة". كما يشمل "كل فعل يقترف بقصد إثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة"، بحسب نص قانون العقوبات المشار اليه في المرسوم. في المقابل، نص المرسوم الرئاسي على "العفو عن ربع العقوبة في الجرائم" المتعلقة ب"المؤامرة التي يقصد منها ارتكاب عمل او اعمال ارهاب" والتي قد تصل عقوبتها الى السجن لمدة عشرين سنة، وتلك المتعلقة بانشاء جمعية "بقصد تغيير كيان الدولة الاقتصادي او الاجتماعي". ويشمل العفو كامل العقوبة في حال "العلم" ب"جرائم ارهابية" والسكوت عنها، بينما يحسم ربع العقوبة في حال "التآمر" لارتكاب مثل هذه الجرائم التي تشمل "ايجاد حالة من الذعر بين الناس... الاخلال بالامن والاضرار بالبنى التحتية... استخدام الاسلحة والذخائر... وتمويل الارهاب". ويستثنى المرتكبون فعليا من العفو. ويشمل العفو الكامل كل من حاز سلاحا او ذخيرة على ان "يبادر الى تسليم السلاح الى السلطات المختصة خلال 30 يوما من تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي". ويستفيد من العفو الرئاسي بشكل كامل العسكريون الفارون داخل البلاد او خارجها، شرط ان "يسلموا أنفسهم خلال 30 يوما بالنسبة للفرار الداخلي و90 يوما بالنسبة للفرار الخارجي". ويستثنى العسكريون الذين ارتكبوا عصيانا ضد مسؤوليهم او "أخذوا الأسلحة من دون اذن وعملوا خلافا لأوامر رؤسائهم (...) او اقدموا على العنف مع استعمال السلاح". كما ينص المرسوم على ان "تستبدل عقوبة الاعدام بعقوبة الاشغال الشاقة المؤبدة وعقوبة الاشغال المؤبدة بعقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة لمدة 20 عاما"، بالنسبة الى الجنايات. ونقلت سانا عن رئيس الوزراء وائل الحلقي قوله خلال جلسة لمجلس الوزراء الثلاثاء ان المرسوم "يؤدي الى اطلاق سراح نحو سبعة الاف مواطن ممن ارتكبوا جنايات مختلفة". واعتبر وزير العدل نجم حمد الاحمد في تصريح الى سانا ان صدور المرسوم "يأتي في اطار التسامح الاجتماعي واللحمة الوطنية ومتطلبات العيش المشترك". واوضح ان "المرسوم لم يستثن من أحكامه الا عددا محدودا للغاية من الجرائم لا سيما جرائم الخيانة والتجسس والجرائم الارهابية". وكان الاسد اصدر مراسيم عفو عدة منذ بدء الازمة في منتصف آذار/مارس 2011، اخرها في تشرين الاول/اكتوبر 2012، استثنى منه "جرائم الارهاب". وعلق مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن على المرسوم قائلا ان "هذا العفو ليس الاول، ولن يؤدي الى الافراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين في اقبية الافرع الامنية والمفقودين". وجدد دعوته الى "اطلاق معتقلي الرأي والضمير وآلاف الثوار المعتقلين" في السجون السورية. من جهة ثانية، اعلنت قناة "الاخبارية" السورية انها ستبث لقاء مع الرئيس السوري بشار الاسد مساء غد الاربعاء. وقالت على صفحتها على موقع "فيسبوك" انها "أجرت حوارا حصريا" مع الاسد "سيتم بثه الاربعاء 17 نيسان/ابريل الساعة التاسعة والنصف مساء (18,30 ت غ)". في هذا الوقت، صرح نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لصحيفة الغارديان البريطانية "انه لن يعود هناك سوريا اذا استقال الاسد. اذا انسحب الآن قبل توصل السوريين الى اتفاق حول عملية سياسية، ستختفي سوريا عن الخارطة". في تداعيات النزاع السوري على لبنان المجاور، دعا الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الحكومة اللبنانية الى منع حزب الله، حليف دمشق، من تنفيذ عمليات داخل سوريا. ويأتي هذا الموقف بعد قصف مقاتلين معارضين في منطقة القصير في وسط سوريا معاقل للحزب الشيعي في منطقة الهرمل في شرق لبنان، ما ادى الى مقتل شخصين الاحد. وقال مقاتلون معارضون ان الخطوة اتت ردا على قتال الحزب الى جانب النظام السوري وقصفه مواقع المعارضين المسلحين. ودعا الائتلاف في بيان "الحكومة اللبنانية الى ضبط حدودها والايقاف العاجل، بكل الوسائل الممكنة، لجميع العمليات العسكرية المنسوبة لحزب الله في المواقع القريبة من الحدود السورية". كما دعا الجيش اللبناني الذي اعلن اتخاذ تدابير لحماية مواطنيه الى "ضبط النفس والتزام الحكمة في التصرف"، و"كتائب الجيش الحر في ريف حمص الغربي الى ضبط النفس واحترام الحدود السيادية للبنان". على الارض في سوريا، تستمر العمليات العسكرية على وتيرتها المدمرة، وقد حصدت امس في مناطق مختلفة من سوريا 87 قتيلا، بحسب المرصد السوري.