شن الطيران الحربي السوري غارات دامية الاحد على حي في شمال شرق دمشق وقرية ذات غالبية كردية في شمال شرق سوريا راح ضحيتهما 12 طفلا على الاقل، في حين تبادل النظام والمعارضة الاتهام بتدمير مئذنة المسجد العمري في درعا. في غضون ذلك، اعتبر الائتلاف الوطني المعارض ان مبايعة جبهة النصرة لتنظيم القاعدة تعد خدمة لنظام الرئيس بشار الاسد، فيما حققت قوات الاخير اختراقا ميدانيا بفكها حصارا متواصلا منذ اشهر على معسكرين مهمين في شمال غرب البلاد. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن "استشهاد 16 شخصا اثر القصف من طائرة حربية استهدف قرية حداد التي تقطنها غالبية كردية والواقعة جنوب مدينة القحطانية"، بينهم ثلاثة اطفال على الاقل. ولم يتخذ الاكراد المقيمون في مناطق واسعة من شمال البلاد اي موقف منحاز الى جانب طرفي النزاع السوري منذ عامين، وبقيت مناطقهم في منأى عموما من اعمال العنف. وشهدت الاسابيع الماضية مشاركة مقاتلين اكراد الى جانب مقاتلي المعارضة في اشتباكات في حي الشيخ مقصود في مدينة حلب (شمال). وفي دمشق، قتل تسعة اطفال على الاقل في غارة جوية نفذها الطيران الحربي على حي القابون (شمال شرق)، بحسب المرصد. وبث ناشطون على "يوتيوب" شريطا يظهر جثث اطفال موضوعة داخل اكياس زرقاء كبيرة. ويظهر في الشريط رجل ينحني منتحبا فوق جثث اربعة من اولاده، قبل ان يقبل طفلته المسجاة قائلا "انشالله حقك بتاخديه عند ربك. آه يا بابا. الله يرضى عليك". وادت اعمال العنف اليوم الى مقتل 63 شخصا بينهم 27 طفلا، في حصيلة اولية للمرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في سوريا. في غضون ذلك، اتهم المجلس الوطني السوري وناشطون النظام بتدمير مئذنة الجامع العمري الذي انطلقت منه اولى التظاهرات المعارضة منتصف آذار/مارس 2011. واظهرت اشرطة فيديو بثت على موقع "يوتيوب" تعرض المئذنة لقصف متكرر خلال الايام الماضية. واظهر احد الاشرطة الذي عرض السبت، المئذنة وهي تهوي وتتحطم باستثناء قاعدتها. ويسمع المصور يقول "قوات الاسد تقوم بهدم مئذنة الجامع العمري"، مضيفا "عمر بن الخطاب بنى هذا المسجد رضي الله عنه، وبشار الاسد لعنه الله هدمه". وقال المجلس "بالدبابات قصف نظام الهمجية المنفلتة مئذنة الجامع العمري، ليصيب مكانا حافلا بالرموز الحضارية والروحية والإنسانية". واشار الى ان المسجد "أول مكان احتضن الثورة السورية وهي في مهدها، من ابوابه خرجت الموجة الأولى من مظاهرات العزة والكرامة، وعلى جدرانه سقط أول الشهداء، وعلى بساطه عولج أول الجرحى". وشكلت درعا مهد الاحتجاجات المعارضة للنظام ومنها خرجت اولى التظاهرات السلمية التي كانت ابرزها تنطلق من المساجد بعد صلاة الجمعة وقمعها النظام بالقوة. من جهتها، نقلت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا) عن مصدر مسؤول في درعا قوله ان "ارهابيي جبهة النصرة الذي ينتشرون في منطقة درعا البلد هم من استهدف مئذنة الجامع العمري الذي يعد من اقدم المساجد في العالم الاسلامي". وقال المصدر ان "جميع الادلة تؤكد قيام الارهابيين بتفجير المئذنة"، في اشارة الى مقاتلي المعارضة الذين حققوا في الفترة الاخيرة تقدما في المحافظة، ومن بينهم عناصر جبهة النصرة التي اعلنت الاربعاء مبايعة زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري. وتعليقا على هذه الخطوة، قال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ان "اي سلوك يتناقض مع خيارات الشعب السوري في الحرية والكرامة والعدالة، لن يخدم سوى نظام الأسد، وسيلحق الضرر بثورة السوريين وبحقوقهم ومصالحهم، وعليه فإنه سيعتبر سلوكا مرفوضا بالمطلق، من قبل الائتلاف الوطني السوري ومن قبل الشعب السوري على السواء". واضاف ان "من صميم واجبه ومسؤوليته أن ينبه إلى خطورة ما تضمنته تلك الرسائل والبيانات من نقاط"، متمنيا على الجبهة "ان تحافظ على مكانها في الصف الوطني السوري، وان تتابع بذل جهودها في محاربة النظام الأسدي، ودعم حرية الشعب السوري بكل أطيافه". ولم تكن الجبهة معروفة قبل بدء النزاع، لكنها باتت تحظى بدور متنام على الارض، وتبنت سلسلة عمليات بعضها انتحاري استهدف مقار امنية وعسكرية. ميدانيا، اصيب 18 شخصا بجروح بينهم ثلاثة صحافيين في التلفزيون الرسمي السوري، في هجوم انتحاري استهدف مركزا امنيا في مدينة حلب (شمال). وافاد التلفزيون عن اصابة مراسله شادي حلوة والمصورين يحيى موصللي واحمد سليمان جراء "محاولة هجوم بسيارة مفخخة يقودها ارهابيان انتحاريان". واوضحت وكالة (سانا) الرسمية ان عناصر من القوات النظامية اعترضوا السيارة قبل نحو 500 متر من المقر، وقتلوا احد الانتحاريين "بينما قام الآخر بتفجير السيارة". واشار المرصد السوري الى ان الهجوم "وقع على حاجز عسكري بالقرب من نادي الضباط في حي الفرقان" في غرب حلب، كبرى مدن الشمال السوري. وفي شمال غرب البلاد، قال المرصد ان القوات النظامية "استطاعت فك الحصار عن معسكري وادي الضيف والحامدية" المحاصرين منذ اشهر، وذلك اثر عملية التفافية قامت بها على مقاتلي الكتائب المقاتلة في بلدة بابولين امس. وادت الاشتباكات في هذه البلدة القريبة من طريق دمشق حلب الدولي، والواقعة الى الشرق من بلدة حيش، الى سقوط 21 مقاتلا معارضا على الاقل، بحسب المرصد. واوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان القوات النظامية "باتت تسيطر على هضبتين على جانبي الطريق الدولي" في بابولين وحيش، ما اتاح لها "ارسال امدادات للمعسكرين" المحاصرين منذ سيطرة مقاتلي المعارضة على مدينة معرة النعمان الاستراتيجية في تشرين الاول/اكتوبر الماضي. وافاد المرصد اليوم ان شاحنتين عسكريتين "تحملان مواد غذائية وجنودا نظاميين" شوهدتا تتجهان الى وادي الضيف "وذلك للمرة الاولى" منذ فرض الحصار الذي عمدت القوات النظامية خلاله الى تموين عناصرها من خلال المروحيات.