قبل نحو خمس سنوات وبعد بضعة أشهر من تحطيم صاروخ فلسطيني لسقف مطبخه استقبل بنحاس أمار ضيفا مميزا في منزله بجنوب اسرائيل هو باراك أوباما الذي كان حينها مرشحا لرئاسة الولاياتالمتحدة. ويحتفظ أمار بصورة دون إطار ملصقة على ورقة مقواة وقد تجعدت أطرافها يظهر فيها وهو يطلع أوباما على الأضرار التي خلفها الصاروخ. ويقول أمار إنه كان منبهرا بالمرشح الرئاسي لكنه بعدما أصبح رئيسا لم يعد لديه نفس الشعور. وقال أمار (53 عاما) الذي أُصيبت زوجته في الهجوم الصاروخي في ديسمبر كانون الأول 2007 "وعدني بأنه سيضمن ألا يتم إطلاق صواريخ أخرى. الوضع أهدأ اليوم لكنني لست متفائلا. هذا الهدوء لن يدوم طويلا." وإذا كان هناك من شيء يوحد الإسرائيليين والفلسطينيين على ما يبدو قبل أيام من زيارة أوباما لاسرائيل والضفة الغربيةالمحتلة والأردن الاسبوع القادم فهو حديثهم عن الوعود التي لم تنجز وغياب الأمل في أن يتمكن يوما ما من تحقيق السلام. وعلى الجانب الآخر من الحدود في قطاع غزة كانت بديعة عنبر (53 عاما) تتظاهر مع آباء آخرين مطالبين بالافراج عن فلسطينيين في سجون إسرائيل. وقالت إن ابنها مسجون منذ نحو 18 عاما بتهمة الانتماء لجماعة مسلحة. وقالت إنه رغم الوعود التي قطعها أوباما في البداية بالعمل من أجل إقامة دولة فلسطينية تبين أنه لا يختلف بأي حال عن أي من أسلافه. وقالت "??وعود أوباما خداعة تماما مثل السراب لم يتحقق أي من هذه الوعود??." وبدأ أوباما فترته الرئاسية الأولى بوضع تحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين ضمن أولوياته الرئيسية. وزاد خطابه الذي ألقاه في القاهرة عام 2009 ودعا فيه إلى "بداية جديدة" آمال الفلسطينيين في إقامة دولتهم في الأراضي التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967. لكن هذه الآمال انهارت مع انهيار محادثات السلام التي ترعاها الولاياتالمتحدة عام 2010 بعد أسابيع فقط من انطلاقها. وتجاهلت إسرائيل دعوة أوباما لوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية ورفض الفلسطينيون العودة إلى المفاوضات ما دام البناء مستمرا في المستوطنات. وفي هذه المرة لا ترغب إدارة أوباما في المخاطرة بمصداقيتها في محاولات لاستئناف المحادثات. وقال البيت الأبيض إنه لن يعلن مبادرة دبلوماسية جديدة خلال الزيارة. وفي سوق مخيم الشاطيء للاجئين في غزة قال بهاء الحداد (45 عاما) الذي يعمل موظفا حكوميا إنه لا يتوقع شيئا من زيارة أوباما. وقال "سيقوم بتقديم خطاب آخر وإعطاء مزيد من الوعود ولكنها ستكون كلمات لا أفعال." وفي نوفمبر تشرين الثاني الماضي بعد أيام من فوز أوباما بولاية ثانية دخلت إسرائيل وحماس التي تحكم قطاع غزة في حرب استمرت ثمانية أيام قتل خلالها حوالي 170 فلسطينيا وستة إسرائيليين. وهاجمت إسرائيل قطاع غزة من البر والبحر والجو في حين كانت الصواريخ الفلسطينية تسقط في بلدات اسرائيلية من بينها سديروت التي تقع على الجانب الآخر مباشرة من الحدود مع القطاع. وتمول الولاياتالمتحدة نظام الدفاع الصاروخي الاسرائيلي الذي يحمل اسم القبة الحديدية والذي اعترض كثيرا من الصواريخ التي أطلقت على إسرائيل. لكن بعض سكان سديروت لا يعتقدون أن أوباما يهتم كثيرا بمصلحتهم. وقالت يافا مالكا (49 عاما) التي تعمل مصففة للشعر وعاشت في سديروت حياتها كلها "كان الأمر سيصبح كارثيا لولا القبة الحديدية. لكن كل ما يهتم به (أوباما) هو الكلام عن دولة فلسطينية لا عن كيفية منع حماس من التسلح." وفي الضفة الغربيةالمحتلة يأتي عدم الثقة في أوباما ضمن بضعة أمور يشترك فيها الاسرائيليون والفلسطينيون. وقالت أليزا هربست (60 عاما) وهي معلمة يوجا ومتحدثة سابقة باسم المستوطنين "لا أعتقد أن أوباما له دور. لا أعتقد أنه أثبت فاعليته على أي من الجانبين حقا .. لا على الجانب العربي ولا على الجانب اليهودي ولا أحد يهتم بالفعل بما سيقوله." وخلال العام الماضي أدان البيت الابيض التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربيةالمحتلة والتي وصفها رؤساء أمريكيون على مدى عقود بأنها عقبة أمام السلام. وقالت هربست وهي تجلس في حديقتها المشمسة في مستوطنة اوفرا حيث تعيش منذ 31 عاما "لا أعرف إلى أي مدى سيكون سيئا بالنسبة لإسرائيل. هو على الأرجح أحد أشد الرؤساء عداء لاسرائيل في حياتي وربما في تاريخ الولاياتالمتحدة كله." وترفض حكومة أوباما ما يقال عن أنه أقل مساندة لإسرائيل من رؤساء الولاياتالمتحدة السابقين وتشير إلى التعاون القوي مع اسرائيل في الشؤون الأمنية. في الوقت نفسه وإلى جانب فشله في كسب شعبية بين كثير من الإسرائيليين خسر أوباما التأييد بين الفلسطينيين خلال العام الماضي بمعارضته محاولة فلسطينية ناجحة للحصول على اعتراف بدولة فعلية لهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي بلدة طوباس بالضفة الغربية يقول لؤي دواس الصيدلي البالغ من العمر 41 عاما إن رفض أوباما سعي الفلسطينيين للحصول على الاعتراف من الأممالمتحدة حطم ثقة الفلسطينيين به. وقال "إذا في قضية رمزية في الأممالمتحدة رفض يصوت معنا ماذا يريد أن يعطينا لما يزورنا. هو صحيح رجل خطابات مثل الخطاب الذي ألقاه في القاهرة بس ماذا حقق منه؟ وعود كاذبة ولم يعمل شيئا ولن يعمل شيئا. بالنسبة لنا ما في فائدة من الأمريكان. إسرائيل هي المستفيدة." وتوقع محمد زيد الذي يعمل بقالا في مدينة رام الله بالضفة أيضا ألا تسفر زيارة أوباما عن أي نتيجة حتى مع التغيير الذي يجتاح دولا أخرى في المنطقة. وقال زيد "العالم العربي في فوضى. انظر إلى ليبيا وسوريا ومصر. فلسطين مسألة أسهل من كل ذلك. لكننا لا نعتقد أن أوباما سيغير أي شيء." (إعداد ابراهيم الجارحي للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح) من مايان لوبيل ونضال المغربي