بلغت الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ذروتها قبل إغلاق مراكز الاقتراع بساعة واحدة. ومع توالي التقارير المزعجة الى مقرات حزبه ليكود اتضح أن نتنياهو يواجه خطر أن يتفوق عليه وافد جديد على الساحة السياسية ينتمي لتيار الوسط مما طرح احتمال حدوث اكبر انتكاسة انتخابية في تاريخ اسرائيل. وكتب نتنياهو على صفحته على فيسبوك مناشدا أنصاره "اذهبوا لتصوتوا. حكومة ليكود في خطر." وإذا كان الأمر يبدو وكأنه في حالة ذعر فهذا لأنه كان مذعورا فعلا. ومنذ أبرم اتفاقا انتخابيا مع حزب اسرائيل بيتنا القومي المتشدد في اكتوبر تشرين الاول وثق نتنياهو في مجموعة من استطلاعات الرأي تكهنت بفوزه بسهولة بولاية ثالثة في انتخابات 22 يناير كانون الثاني. وضمن التحالف أن ينتهي به المطاف زعيما لأكبر كتلة مما يضعه في مكان يؤهله لقيادة الائتلاف القادم. وكان مبعث قلقه الاساسي فيما يبدو تسرب الأصوات لمنافسيه في أقصى اليمين وهو ما أصبح اتجاها عاما في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية بحيث غفل عن متابعة تقدم أحزاب الوسط. وقال جدعون راهات استاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس "لقد ارتكب كل خطأ ممكن خلال الحملة... سيصبح رئيس الوزراء القادم فيما يبدو لكن حزبه دفع الثمن." في نهاية المطاف حصل تحالف (ليكود-اسرائيل بيتنا) على 31 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 120 وهو ما يكفي لمنع يسار الوسط من تكوين أغلبية معرقلة لكنه أقل باحد عشر مقعدا من العدد الذي فاز به الحزبان في انتخابات عام 2009. في المقابل حصل حزب ييش عتيد (هناك مستقبل) الوافد الجديد ويقوده المذيع التلفزيوني السابق يائير لابيد على 19 مقعدا مما يجعله ثاني أكبر حزب بالبرلمان القادم وهو ما مثل مفاجأة. وفيما ستكون صورة لن تنسى عن الانتخابات ألقى نتنياهو ولابيد كل في مقر حملته الانتخابية خطاب الفوز وظهرا متجاورين على شاشة مقسمة الى نصفين كلاعبين متكافئين على الساحة السياسية. حتى صحيفة اسرائيل هايوم التي تعتبر على نطاق واسع لسان حال حكومة نتنياهو لم تحاول أن تخفي شعورها بالألم وقالت "مفاجأة لابيد.. خيبة امل ليكود." وعلى الرغم من الإدراك المتأخر فإن الدلائل كانت تشير الى حدوث هذا قبل صدمة يوم الانتخابات بفترة طويلة حين فشلت الآلة الانتخابية الجيدة لحزب ليكود في إثارة حماس الناخبين على النحو الذي ظهر على أنصار بعض الكتل الأحدث على الساحة السياسية. ولم تجذب المؤتمرات الانتخابية حشودا كبيرة. بل إن الحزب لم ينشر برنامجا سياسيا واعتمد على صورة نتنياهو كرجل قوي لتحقيق الفوز. ولكن في حين كان نتنياهو يقول للناخبين إن التعامل مع ايران يمثل أولوية له فإن الكثير من الاسرائيليين كانوا يريدون ان يسمعوا المزيد عن القضايا التي تمسهم مثل الضرائب ومستوى المعيشة. وقال اهوفا هيليد (55 عاما) وهو مدرس متقاعد صوت يوم الثلاثاء في بلدة ايفين يهودا شمالي تل ابيب "كنا نصوت طول حياتنا لليكود وصوتنا للابيد لأننا نريد ائتلافا مختلفا... نريد تمكين شبابنا من الحصول على مساكن وعيش حياة اكثر هدوءا وراحة." وتسربت هذه المشاعر اخيرا الى الدائرة المقربة من نتنياهو صباح الثلاثاء. وقام رئيس الوزراء بجولة في مراكز الاقتراع ثم امر بعقد اجتماع طاريء لكبار العاملين معه. وقال عضو بالحزب مطلع على الاجتماع "كان الوضع متوترا جدا... أدركوا في نهاية المطاف أن كل شيء يمكن أن ينهار." في النهاية صمد الحزب لكن الاحتفال "بالانتصار" في مقر حملة ليكود بتل ابيب كان كئيبا. ولم يحضر إلا بضع مئات واندلعت مشاحنات بشأن من يمكن ان يوجه اليه اللوم عن الانتكاسة. وشكك البعض صراحة في حكمة التحالف مع اسرائيل بيتنا الذي نفر زعيمه وزير الخارجية السابق افيجدور ليبرمان بعض أعضاء ليكود. ودافع تساحي هنجبي عضو حزب ليكود عن التحالف بوصفه "تحركا عبقريا على الرغم من خسارتنا بعض الأعضاء" لأنه ضمن لنتنياهو رئاسة الوزراء من خلال إشراك منافس كبير. لكن هنجبي قال لرويترز إن الثقة التي أظهرها ييش عتيد قبل الانتخابات أقنعت بعض ناخبي ليكود فيما يبدو بأنهم يستطيعون توجيه دعمهم له بأمان دون المخاطرة بفرص بقاء نتنياهو رئيسا للوزراء. ووصف هنجبي لابيد بأنه "علماني وجديد وطازج" وأضاف "سيكون تشكيل حكومة أصعب بالنسبة لنا." وقال دورون اتياس عضو اللجنة المركزية لحزب ليكود إن الحزب فقد أصواتا لصالح اليمين حصل عليها وافد جديد ايضا هو حزب البيت اليهودي المؤيد للمستوطنين بزعامة نفتالي بينيت والذي حل رابعا في الانتخابات. وقال اتياس "انا غاضب ومجروح" واتهم المستوطنين بخيانة نتنياهو الذي وسع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية وهي الاراضي التي يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها. وقال اتياس "أعتقد أن علينا أن نتوقف عن التركيز على يهودا والسامرة." ولكن ربما يكون نتنياهو نفسه اسهم في الانشقاقات عن ليكود باتهامه بينيت وهو قائد عسكري كبير بالتشجيع على التمرد بعد أن عبر عن رفضه المشاركة في أي عملية إجلاء لمستوطنات بالضفة الغربية في المستقبل. وكتب ناحوم بارنيا في صحيفة يديعوت احرونوت "دفع الهجوم الناخبين المتدينين من ليكود الى (حزب) بينيت ودفع شبان اليمين غير المتدينين بعيدا عن بينيت الى احضان لابيد." وانتقد قلة من ناخبي ليكود نتنياهو علنا بعد أداء الحزب الضعيف وهو انعكاس لعادة الحزب في إظهار الترابط ولكنه يعكس ايضا أن رئيس الوزراء ليس له منافس على قيادة الحزب يحظى بمصداقية. وبينما كان الصحفيون يتسابقون للحصول على مقتبسات قال دودو حاييم عضو اللجنة المركزية بحزب ليكود وهو يحذر زملاءه من النشطاء في المقر الانتخابي للحزب "الليكوديون لا يشوهون صورة ابناء حزبهم علنا". (إعداد دينا عادل للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن) من كريسبيان بالمر ودان وليامز