القاهرة (رويترز) - دعت المعارضة في مصر إلى احتجاجات في أنحاء البلاد بسبب دستور يدعمه الرئيس محمد مرسي بعد المرحلة الاولى من استفتاء عليه كشف عن انقسامات عميقة من الممكن أن تقوض مساعيه لتحقيق توافق لتطبيق إجراءات اقتصادية صارمة مطلوبة. وحصل مشروع الدستور الذي يدعمه مرسي على موافقة 57 في المئة في المرحلة الأولى من الاستفتاء يوم السبت طبقا لما ذكرته وسائل إعلام حكومية وهو هامش أقل مما كان يتمناه حزبه ومن المرجح أن تزيد هذه النتيجة من جرأة المعارضة. ومن المتوقع أن تكون نتيجة المرحلة الثانية الموافقة أيضا على الدستور لأن الاستفتاء سيجري في محافظات ينظر لها على أنها أكثر تعاطفا مع الإسلاميين مما يعني إقرار الدستور. وحثت جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة الجهات المنظمة للاستفتاء على التحقيق فيما قالت إنها مخالفات واسعة النطاق في الاستفتاء وعلى ضمان أن تلقى الجولة الثانية من الاستفتاء إشرافا كافيا. وقال محمد البرادعي المعارض البارز والمدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والحائز على جائزة نوبل للسلام في حسابه الشخصي على تويتر "الفرصة الأخيرة.. إلغاء الاستفتاء سيء السمعة والدخول في حوار لرأب الصدع.. حكومة كفاءات قادرة على الإدارة. استعادة دولة القانون." ولا تمثل الموافقة على الدستور بفارق ضئيل ونسبة الإقبال الضعيفة على الاستفتاء مدعاة لشعور مرسي بالرضا بينما يسعى لحشد التأييد لإصلاحات اقتصادية صعبة للحد من العجز في الميزانية. وذكرت إحدى الصحف أنه في الجولة الأولى من الاستفتاء قال 18 من كل مئة "نعم" وقال 13 "لا" في حين أن العدد المتبقي لم يشارك مما يعزز مزاعم المعارضة أن مرسي لم يتمكن من الحصول على ما يكفي من التأييد. وقال سايمون كيتشن وهو خبير في الاستراتيجيات لدى إي.اف.جي هرميس إن الكثير سيتوقف على ما إذا كان مرسي سينظر للنتيجة باعتبارها "تأييدا لسياساته... أم أنه سيدرك أنه ربما يحتاج أن يمضي وقتا أطول في تحقيق التوافق قبل إجراء تغييرات كبرى في السياسات؟" وتابع "أعتقد أنه سيمضي قدما في إصلاح الضرائب والدعم الحكومي لأنه في هذه المرحلة ليس هناك الكثير من الخيارات أمام مصر لإجراء تلك الإصلاحات." لكن بعض المحللين قالوا إنهم ما زالوا قلقين من أنماط التصويت التي تظهر فيما يبدو انقساما طائفيا خاصة في الإسكندرية ثاني أكبر المدن المصرية حيث تزيد وتيرة التوترات بين المسيحيين والمسلمين المحافظين. وقال مصطفى كمال السيد وهو أستاذ للعلوم السياسية في جامعة القاهرة إن نتيجة الجولة الأولى تلقي بشكوك حقيقية على مصداقية الدستور. ومضى يقول "هذه النسبة ستقوي من موقف جبهة الإنقاذ الوطني وأعلن زعماء هذه الجبهة إنهم سيواصلون هذه المعركة لنزع المصداقية من الدستور." وأضاف "الاستقطاب لم ينته بأي حال... معارضة مرسي ستزيد مع الإجراءات الاقتصادية التي يعتزم تطبيقها." وفي حالة الموافقة على الدستور يمكن أن تجرى الانتخابات الوطنية في أوائل العام القادم وهو ما يأمل كثيرون أن يؤدي إلى تحقيق الاستقرار في البلاد التي تشهد اضطرابات منذ إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك قبل عامين. وقال خبراء اقتصاد إن موعد إجراء الانتخابات البرلمانية ربما يؤثر على توقيت الإصلاحات التي تعتزم الحكومة إجراءها مما يشجع مرسي على إرجاء الإجراءات القاسية للحيلولة دون تدني شعبيته بين الناخبين. وللحد من عجز الميزانية يتعين على الحكومة زيادة الإيرادات من خلال رفع الضرائب وخفض الدعم الحكومي على الوقود والذي يمثل سببا رئيسيا في استنزاف أموال الدولة. ولن يحظى كلا النوعين من الإجراءات بالشعبية وأبرزت الحكومة خططا لجعل الدعم الحكومي للوقود يستهدف الفقراء بدرجة أكبر في بلد أصبح معتادا على توفر الطاقة بأسعار رخيصة. وأدى عدم اليقين الذي يكتنف الإصلاحات الاقتصادية بالفعل إلى تأجيل قرض صندوق النقد الدولي الذي يبلغ 4.8 مليار دولار. وتراجعت قيمة الجنيه المصري إلى أدنى مستوى منذ ثماني سنوات أمام الدولار. ويقول مرسي وأنصاره إن الدستور حيوي للمضي قدما في التحول الديمقراطي. في حين يقول معارضون إن الدستور ذو طابع إسلامي بشكل زائد ويتجاهل حقوق المرأة والأقليات ومنهم المسيحيون الذين يمثلون عشرة في المئة من السكان. وشابت الفترة التي سبقت الاستفتاء احتجاجات عنيفة. واندلعت احتجاجات عندما منح مرسي نفسه سلطات كاسحة يوم 22 نوفمبر تشرين الثاني ثم عجل بتمرير الدستور عبر الجمعية التأسيسية التي يمثل الإسلاميون أغلب أعضائها وقاطعها الكثير من الليبراليين. ورغم العنف الذي شهدته تلك الفترة مرت عملية الاستفتاء بهدوء لكن إحصاءات غير رسمية أظهرت أن نسبة الإقبال بلغت نحو ثلث من يحق لهم التصويت وعددهم 26 مليون نسمة في هذه المرحلة. ويجرى الاستفتاء على مرحلتين نظرا لأن الكثير من القضاة اللازمين قاطعوا عملية الإشراف على الاستفتاء. واندلعت أعمال عنف في القاهرة ومدن أخرى خلال الفترة التي سبقت الاستفتاء. وسقط ثمانية قتلى على الأقل عندما اشتبك مؤيدون ومعارضون خلال مظاهرات أمام القصر الرئاسي في وقت سابق من الشهر الجاري. ولتمرير الدستور لابد من موافقة أكثر من 50 في المئة ممن أدلوا بأصواتهم. وهناك 51 مليون شخص يحق لهم التصويت في البلد الذي يسكنه 83 مليون نسمة. (إعداد دينا عفيفي للنشرة العربية- تحرير منير البويطي)