شن الطيران الحربي التابع للقوات النظامية السورية السبت غارات على ريف العاصمة ومحيط طريق مطارها الدولي في محاولة لاستعادة مواقع سيطر عليها المعارضون، تزامنا مع عودة خدمات الاتصالات والانترنت بعد انقطاعها لليوم الثالث تواليا. وتمكنت صحافيتان في وكالة فرانس برس من الاتصال بشبكة الانترنت في دمشق، وإجراء اتصالات خليوية بأشخاص مقيمين في مناطق اخرى، اضافة الى اتصالات دولية. ومع تأكيد المرصد السوري لحقوق الانسان عودة الاتصالات والانترنت "في معظم المحافظات السورية"، تواصل ناشطون في ريف دمشق والرقة وحلب في شمال البلاد، عبر الانترنت مع فرانس برس بعد ظهر السبت، مؤكدين عودة الخدمات المقطوعة منذ الخميس. وقالت ناشطة في دمشق عرفت عن نفسها باسم "لينا" عبر سكايب، ان موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي "بات حاليا مكانا للسوريين لتهنئة بعضهم البعض بعودة الانترنت". وكان الناشطون ابدوا خشيتهم من ان يكون انقطاع الخدمات، تمهيدا ل"مجزرة" يحضر لها نظام الرئيس بشار الاسد الذي اتهمته الولاياتالمتحدة بقطع الاتصالات عمدا، ودعته فرنسا الى "اعادتها بلا تأخير"، بينما حذرت منظمة العفو الدولية من ان القطع نيته "اخفاء حقيقة ما يجري في البلاد". لكن السلطات السورية كانت تشدد على ان الانقطاع سببه "اعمال صيانة"، وهو ما اشارت اليه وكالة الانباء الرسمية السورية سانا السبت، بحديثها عن "عودة جميع انواع الاتصالات والانترنت الى دمشق بعد انهاء ورش الاصلاح عملها". وعاودت الوكالة بثها الى مشتركيها الساعة 16,45 بعد الظهر (14,45 ت غ). وتزامن قطع الانترنت مع شن القوات النظامية حملة واسعة على المناطق المحيطة بطريق مطار دمشق، والتي تعرضت السبت لقصف من الطيران الحربي والمروحي، لا سيما محيط بلدات ببيلا ويلدا وعقربا وبيت سحم، بحسب المرصد الذي تحدث عن تزامن القصف مع اشتباكات. كذلك شمل القصف بالطيران منطقة البساتين بين حي كفرسوسة في غرب دمشق ومدينة داريا في ريف العاصمة حيث تدور ايضا اشتباكات، بحسب المرصد. وطاول القصف المدفعي بلدات في الغوطة الشرقية التي تعبرها طريق المطار، لا سيما دوما حيث قتل ستة اشخاص، بحسب المرصد. ورغم اغلاق الطريق لبعض الوقت الخميس وقول ناشطين ان اشتباكات دارت في محيط المطار الجمعة، تؤكد السلطات السورية ان المطار يعمل "في شكل طبيعي". ونقلت سانا عن مديرة المؤسسة العربية السورية للطيران غيداء عبد اللطيف قولها السبت ان "الطائرات السورية وغير السورية أقلعت من مطار دمشق الدولي وهبطت فيه اليوم، وهو ما زال في كامل جهوزيته للعمل"، وان "الطريق اليه امن". اضافت "ان بعض الطائرات التي كانت قادمة من موسكو والجزائر هبطت في مطار دمشق الدولي كما ان طائرات بعض الشركات العربية أقلعت من المطار مثل الشركات المصرية والعراقية والجزائرية والايرانية". وكان مصدر امني سوري قال لفرانس برس ان القوات النظامية اعادت الامن الى الجانب الغربي من الطريق وجزء صغير من الجانب الشرقي، لكن السيطرة على كل الجانب الشرقي "ستستغرق بضعة ايام" لوجود "آلاف الارهابيين". في شرق البلاد حيث يسيطر المقاتلون على مناطق واسعة، قال المرصد السبت ان القوات النظامية التي انسحبت من حقل العمر النفطي في محافظة دير الزور مساء الخميس، عادت وتموضعت فيه معززة بالدبابات والعربات المدرعة. واوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع فرانس برس ان القوة الموجودة في الحقل قوامها نحو 150 عنصرا، وان المقاتلين المعارضين الموجودين على بعد كيلومترات من الحقل، لم يتقدموا اليه "خشية ان يكون ملغما". وكان المقاتلون سيطروا في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر على حقل الورد النفطي في محافظة دير الزور بعد اشتباكات عنيفة مع القوات النظامية التي فقدت في 27 تشرين الثاني/نوفمبر السيطرة على معمل وحقل غاز كونوكو، وحقل الجفرة في 18 منه، بحسب المرصد. ولا تزال القوات النظامية تسيطر على حقول نفط التيم والمزرعة والخراطة والمهاش والبشري في الريف الغربي لمدينة دير الزور، بحسب المرصد. وتراجع انتاج النفط في سوريا منذ بدء الاضطرابات في البلاد في منتصف آذار/مارس 2011. ويرى الخبراء ان استيلاء المقاتلين على الحقول لن يؤثر كثيرا على ميزان القوى لان عددا كبيرا من هذه الحقول كانت تستثمره شركات اجنبية غادرت البلاد. تزامنا، استمرت اعمال العنف في مناطق مختلفة. وقال المرصد ان الطيران الحربي اغار على معرة النعمان في محافظة ادلب (شمال غرب) بينما تدور اشتباكات عنيفة في جنوب هذه المدينة التي سيطر عليها المقاتلون الشهر الماضي، وتحاول القوات النظامية استعادتها. في حلب (شمال) التي تشهد معارك يومية منذ اكثر من اربعة اشهر، قتل اربعة مقاتلين معارضين وسبعة عناصر من القوات النظامية في اشتباكات بالقرب من مدرسة المشاة في المدينة، والتي يحاول المقاتلون اقتحامها منذ ايام، بحسب المرصد. وادت اعمال العنف الى مقتل 73 شخصا السبت، بحسب المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا له ويعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية. واحصى المرصد سقوط اكثر من 41 الف قتيل في النزاع المستمر منذ 20 شهرا. في تركيا، شجع وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو نظراءه العرب على التعاون من اجل وضع حد "لمذبحة الشعب السوري" متحدثا عن "اختبار ضمير ليس للمسلمين والعرب فقط وانما للمجتمع الدولي كله"، وذلك في ندوة عربية تركية في اسطنبول بحضور ممثلي 21 دولة عربية بينهم 12 وزير خارجية.